الطريق الصعب لانضمام المغرب إلى “إيكواس”
أربعة شروط وضعتها "ايكواس" أمام المغربفي أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس النيجري المنتخب محمد بازوم، قبل أسبوعين، لا زالت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا التي تعرف اختصارا باسم “إيكواس” أو “سيدياو”، تلوح بالتدخل العسكري بهدف إعادة الحكومة الشرعية الى سدة الحكم.
هذه المجموعة التي باتت قممها المتتالية محط أنظار العالم، سبق للمغرب أن قدم رسميا طلبا للانضمام إليها، قبل ست سنوات، وهو الطلب الذي لا زال مجمدا من طرف المجموعة، في ظل تقدم طلبات دول أخرى منها موريتانيا التي تسعى للعودة للتجمع، وحظي رئيسها بالمشاركة في قمة الأخيرة للمجموعة حول أزمة النيجر بوضع مراقب.
طلب المغرب المجمد
تقدم المغرب رسميا في فبراير 2017 طلبا للانضمام للمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا “إيكواس” بعد فترة قصيرة من عودته للاتحاد الافريقي، وهو طلب وضع على جدول أعمال قمة المجموعة التي عقدت في نيجيريا على مستوى رؤساء الدول في دجنبر 2017، والتي كان سيحضرها امللك محمد السادس.
خاضت الدبلوماسية المغربية آنذاك محادثات مكثفة مع المجموعة الاقتصادية لإقناعها بالملف المغربي، بحشد دعم الدول الصديقة ومحاولة طمأنة المترددين، وتواصلت جهود المغرب للحسم في الاضمام إلى حدود اللحظات الأخيرة من انعقاد القمة، إلا أنها لم تكلل بالنجاح، ما ألغى المشاركة المغربية في هذه القمة وألغى زيارة ملكية كانت مقررة لنيجيريا وغينيا كوناكري.
وفي تصريح مثير، عكس حدة الخلاف داخل ردهات الدبلوماسية المغربية حول الطريقة التي تقدم بها ملف المغرب للانضمام، قال إبراهيم الفاسي الفهري رئيس معهد “أماديوس”، إن النقاش الذي أثاره هذا الطلب تم منذ البدء، بشكل خاطئ، وقال “نحن على قناعة بأن النقاش تم طرحه منذ البدء بشكل خاطئ”، فيما انتقدت أوساط اعلامية ما وصفته بتسرعوزير الخارجية المغربي وإعلانه بأن الدول أعضاء هذه المجموعة وافقوا مبدئيا على طلب انضمام المغرب قبل أن تبرز اعتراضات على هذا الطلب.
قمة استثنائية للبث في طلب المغرب لم تنعقد
بعدما قرر المغرب عدم المشاركة فيها، خرجت القمة 52 لرؤساء بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا نهاية 2017، بقرار تشكيل لجنة خماسية، للنظر في قرار انضمام المغرب كعضو كامل العضوية في هذا التجمع الاقتصاد وتأجيل النظر في الملف بتنسيق مع المغرب.
وذكر بلاغ صحفي صادر عن “إيكواس” آنذاك بأن هذه اللجنة الخماسية ستتشكل من رؤساء دول كل من نيجيريا وغينيا وغانا والكوت ديفوار والطوغو، فيما تحدثت مصادر دبلوماسية مغربية عن تأجيل النظر في الملف المغربي لقمة استثنائية خاصة به ستنعقد في يناير من سنة 2018، لم ترى النور.
المواقف على مدى السنوات تظهر التباين في الآراء وسط المجموعة تجاه طلب المغرب، بين مجموعة متحفظة وصامتة، على رأسها نيجيريا، ومجموعة تدعم الانضمام المغربي، عبر رؤساؤها في تصريحات واضحة على هذا لموقف.
رؤساء برلمان “ايكواس” المتعاقبون دعموا موقف المغرب، آخرهم محمد تونيس الذي زار المغرب قبل أشهر وقال خلال لقائه بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ومسؤولين مغاربة آخرين، في الرباط، أنه لانضمام المغرب إلى هذا التجمع الإقليمي، معتبرا أن هذا الانضمام “سيعود بالفائدة على الجميع”، متعهدا بالعمل من أجل الانضمام الكامل للمغرب في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
دراسة توصي بانضمام المغرب لـ”ايكواس” بشروط
وزارة الخارجية المغربية، كانت قد أنجزت دراسة حول جدوى انضمام المغرب للمجموعة الاقتصادية سنة 2017 تتكون من 80 صفحة، ووضعتها بين يدي رؤساء الدول الأعضاء في المجموعة سنة 2017، جاء فيها أنه لا مقتضى قانوني يمنع المغرب من الانضمام إلى المجموعة، وفصلت في الشراكة، التي تجمع المغرب بدول المنظمة، حيث يصنف ثاني شريك تجاري من إفريقيا للدول الأعضاء.
في المقابل، كانت المجموعة قد أجرت دراسة أثر قبل قمتها الـ52 حول انضمام المغرب إليها، رصدت الجوانب الإيجابية والسلبية في انضمام المغرب، وأوصت أوصت باعتماد أربعة شروط لقبول انضمامه.
ومن بين ما جاء في الدراسة، التخوف من أن انضمام المغرب إلى “إيكواس”، يمكن أن يخلق تباينا في المواقف داخل مكوناتها بسبب قضية الصحراء المغربية، وشددت على أن “السؤال الآخر، هو هل يستطيع المغرب، باعتباره ملكية دستورية الالتزام ببرتوكول “إيكواس” حول الديموقراطية والحكامة الجيدة؟”.
نتائج هذه الدراسة لم يتم اعتمادها، أصدرت المجموعة إعلانا آخر لتلقي عروض لإجراء دراسة معمقة لآثار انضمام المغرب للمنظمة في فبراير 2018، لتعيد بذلك ملف دخول المغرب إلى المربع الأول.
سوق اقتصادي لـ300 مليون نسمة
تأسست مجموعة “إيكواس” في عام 1975 بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية بين أعضائها الـ15، وتدخلت منذ إنشائها في عدد من صراعات القارة الأفريقية، مقرها العاصمة النيجيرية أبوجا، ووتضم كلا من: بنين، وبوركينا فاسو، وغينيا، وساحل العاج، مالي، والنيجر، والسنغال، وتوغو، وجميعها تتحدث الفرنسية، إلى جانب غامبيا، الناطقة بالإنجليزية، وغانا، وليبيريا، ونيجيريا، وسيراليون، وعضوان ناطقان بالبرتغالية، وهما الرأس الأخضر وغينيا بيساو.
بقيت موريتانيا البلد العربي الوحيد في المجموعة، لكنها انسحبت منها عام 2000، غير أنها تتمتع بوضع متقدم في العلاقة مع المجموعة، فيما تهيمن نيجيريا، العملاق الإقليمي، على المجموعة سياسيا واقتصاديا وتتولى رئاستها، وهي تمثل نصف أراضي الكتلة، و60 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي.
ويبلغ مجموع سكان المجموعة نحو 350 مليون نسمة حسب إحصاءات 2021 وتبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلومتر مربع، أي 17% من إجمالي مساحة قارة أفريقيا.
وتهدف المجموعة إلى إزالة الحواجز الاقتصادية والسياسية واللغوية أمام التجارة بين أعضائها بغية تحقيق التكامل الاقتصادي بينها، وتعزيز التبادل التجاري بين دول المنطقة، وتحقيق الاندماج في مجالات الصناعة والنقل والاتصالات والطاقة والزراعة والمصادر الطبيعية.
تجمع اقتصادي برهانات سياسية وتدخلات عسكرية
تعاظم النفوذ السياسي للمجموعة الاقتصادية مع مرور الوقت، فقد تدخلت بشكل مباشر في تسوية النزاعات في جميع أنحاء المنطقة. ففي عام 1993، تبنت قانونا جديدا يمنحها رسميا مسؤولية منع النزاعات الإقليمية وتسويتها، وشكلت في يونيو 2004 قوة عسكرية قوامها 6500 جندى، من بينها وحدة للتدخل السريع في حالة نشوب أي صراع، وأدت المجموعة دورا سياسيا رئيسيا خلال الحروب الأهلية في ليبيريا، وسيراليون. كما تدخلت المجموعة في غينيا بيساو أثناء التمرد المسلح في 1998-1999 وبعد الانقلاب في عام 2012.
وبناء على طلب السلطات الغينية، توسطت المجموعة لحل الأزمة التي كانت تمر بها البلاد عام 2007 وانتهت باختيار الرئيس لانسانا مونتا رئيسا للدولة وللحكومة، في وساطة قادها الرئيس النيجيري السابق بابنجيدا ورئيس إيكواس حينها محمد شمباس.
تدخلت المجموعة عام 2005في توغو، عندما توفي الرئيس سينغبي، واستولى ابنه على السلطة بشكل غير دستوري، وأجبرت الابن على الاستقالة، وبدأت عملية انتخابات رئاسية في غضون 60 يوما بما يتوافق مع دستور البلاد.
وفي عام 2003 كان لها دور ملموس في ساحل العاج بعد تمرد هناك ثم في مالي بعد عقد من الزمان لمساعدة الحكومة على استعادة السيطرة على الشمال الذي سقط في أيدي المتشددين الإسلاميين. وتدخلت المجموعة آخر مرة في غامبيا في عام 2017 عندما رفض الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامح، الذي خسر الانتخابات تسليم السلطة للفائز فيها.