story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

الطبيب المغربي الذي نذر حياته للعذاب الإنساني يعود لغزة.. وهذه حكاية العودة

ص ص

بعد مضي قرابة شهر على مغادرته قطاع غزة، الذي تطوع فيه لوقت لم يكن سهلا ولا عاديا، فعل ذلك وهو “غير آبه بالحرب الطاحنة”، أعلن الطبيب المغربي زهير لهنا في الأيام القليلة الماضية عن عودته مرة أخرى إلى القطاع المحاصر.

وذلك تحقيقا لأمنية قال خلال حديث له مع “صوت المغرب” اليوم الأربعاء 17 أبريل الجاري، إنها “لم تغادره منذ مغادرته القطاع قبل أزيد من ثلاثين يوما”.

“حلم العودة”

وقال الطبيب المغربي زهير لهنا إن قرار عودته إلى القطاع المنكوب، اتخذه منذ وقت طويل عندما كان ما يزال هناك في غزة، ذلك أن “حجم الألم والمأساة التي يعيشها أهل هذه الأرض تستدعي على كل من يمكنه التخفيف منها ولو بالقليل أن يمد ما بوسعه من مساعدة”.

وتبعا لذلك، قال الطبيب المغربي إن “حلم العودة” الذي لازمه منذ أن انتهت مدة تطوعه الأخيرة “كان وعدا من المؤسسة التي اشتغل متطوعا في القطاع عبرها.

وأضاف أن الجمعية التي يشتغل ضمنها، أتت إلى القطاع هذه المرة من أجل برنامج جديد يتمثل في إقامة مستشفى ميداني، يحتوي على قاعة للعمليات ويسعى لاستيعاب مرضى جدد، وفق كلام الطبيب المتطوع.

“الدمار والرماد”

ويحكي الطبيب المغربي، أن الجديد الذي وجد عليه القطاع هذه المرة، منذ آخر وجود له هناك، غير جروح الحرب الغائرة والمآسي الإنسانية التي لا حصر لها، هي انكشاف معالم الكارثة بشمال القطاع بعد انسحاب جيش الاحتلال من عدة مواقع منه “تاركا إياها دمارا ورمادا”.

ويواصل زهير لهنا قائلا إنه بالرغم من قتامة هذا المشهد ومأساويته، إلا أن الجانب المهم في الأمر “هو أنه قد صارت هناك إمكانية التنقل أمام الطواقم الطبية نحو مناطق الشمال لتقديم ما يمكن تقديمه من مساعدة ورعاية لأهل الشمال المنكوب”.

وتابع أن أغلب “مشافي الشمال قد خرجت عن الخدمة بشكل كلي” وتحدث في هذا الصدد عن حالة مجمع الشفاء الذي محيت معالمه بالكامل وطمرت أنقاضه آلام المرضى وجراح المصابين التي “لم تتركها أيادي الاحتلال الدموية لتندمل”.

وانكشفت معالم هذه “الكارثة الإنسانية” عقب انسحاب قوات الاحتلال من المشفى بعد أن خربت كل زاوية فيه وجرفت ساحاته المجاورة.

وأضاف الطبيب أن كل الآمال معلقة على مستشفى “كمال عدوان” ومستشفى “العودة” اللذين ما يزالان رغم “الأعطاب والصعاب” يقدمان الخدمات للأعداد الهائلة من المرضى والمصابين.

موت على قارعة الطريق

بينما كان يتحدث لـ”صوت المغرب” كان أزيز الطيران الحربي الذي يحوم في سماء غزة يتسرب عاليا عبر سماعة الطبيب المغربي، ولم يخف أن الطريق إلى الشمال الغزي وإلى ما تبقى من مستشفياته “محفوف بخطر محدق على قارعة الطريق”.

وتابع أن الجمعية التي يتطوع ضمن فريقها الطبي تدرس التنسيق بينها وبين الصليب الأحمر من أجل محاولة تأمين طريق الذهاب، قبل أن يستطرد قائلا إننا “نعلم أنه ليس هناك أي طريق آمن ولا مكان تحت سماء غزة، لا يمكن لبطش يد الاحتلال أن تطاله”.

وقال إنه سيكون من ضمن الفريق الذي رشح نفسه للذهاب إلى الشمال فور التوصل بجواب من الصليب الأحمر، مشيرا إلى أنهم ينتظرون الآن ردا منهم.

قصة الذهاب الأول

وليست هذه المرة الأولى التي يتطوع بها الطبيب المغربي بالقطاع، بل سبق أن فعل ذلك أيام الحرب والسلم على حد سواء، فهو الذي اختار لنفسه درب “مساعدة المحتاجين أينما كانوا”، ويشتغل في الطب الإنساني منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمن.

وآخر ذلك، كان قبل شهر من الآن، إذ قضى في قطاع غزة شهرا بكامله متطوعا في المستشفى الأوروبي، وخرج من القطاع المحاصر بعد انتهاء مدة تطوعه، وخلال حديث سابق له مع “صوت المغرب” وقتها قال “إنه عازم على العودة مرة أخرى” وذلك فعلا ما كان.

وروى زهير لهنا في حديثهالسابق مع “صوت المغرب” تفاصيل قصة محفوفة بالمخاطر قضاها في غزة، وقال إنه ومنذ الأيام الأولى التي تلت السابع من أكتوبر، كان الحدس يخبره أن مأساة إنسانية عظمى ستلم بأهل غزة ولذلك شرع يبحث وقتها عن سبل الذهاب إلى هناك.

وقال في هذا الصدد “حينما علمت أن الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت أسطولا محملا بآلات الحرب، أحسست أن أمرا جللا على وشك الحدوث، فقررت البحث عن سبل للوصول إلى هناك بشتى الوسائل الممكنة”.

وتوجت مساعي الطبيب المغربي بما كان يتمنى واستطاع عن طريق جمعية أمريكية مسلمة أن يدخل في أول وفد من نوعه، رفقة طاقم طبي إلى القطاع المحاصر نهاية شهر دجنبر المنصرم.

يقول زهير لهنا إن “عمل هذا الوفد كان قد حدد في 15 يوما” إلا أنه ظل بالقطاع شهرا كاملا في المستشفى الأوروبي، ويقول إنه فعل ذلك حتى يتسنى له المساعدة أطول وقت ممكن.