“الشركات هي المستفيد الأكبر”.. حقوقيون يقللون من أهمية فتح المعابر الجمركية بين المغرب وإسبانيا
أثار قرار إعادة فتح المعابر الجمركية بين المغرب ومدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، ردود فعل متباينة حول ما سيؤول إليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي لسكان المنطقة الشمالية للمملكة، حيث اعتبر حقوقيون أن الخطوة لن تكون ذات جدوى كبيرة للفئات التي كانت تعتمد على “التهريب المعيشي”.
ورأى هؤلاء الحقوقيون أن المستفيد الأكبر من هذه الخطوة سيكون الشركات الكبرى ورجال الأعمال، في حين تبقى استفادة السكان المحليين محدودة “إن لم تُتخذ إجراءات تضمن إشراكهم في العملية التجارية الجديدة”.
وتعليقا على الموضوع، رأى البشير اللذهي الكاتب العام لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان وصحافي مهتم بالعلاقات المغربية الإسبانية، أنه “لن يكون لفتح جمارك سبتة ومليلية انعكاسات كبيرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي لفئة كبيرة كان مصدر رزقها يعتمد على “التهريب المعيشي”.
واعتبر البشير أن، هذه المعابر الجمركية التجارية تستهدف أساسًا الشركات ورجال الأعمال سواء في سبتة أو في المغرب، موضحا أنه في حالة الموافقة على فتح هذه المعابر، “فإن العملية ستكون مقننة، ولن يُسمح للأفراد العاديين بالمرور، والشركات هي التي ستتكفل بإدخال السلع من الجانب المغربي، مثل الفواكه والخضروات والأسماك، وبالمثل في الجانب الإسباني”.
وأوضح المتحدث ذاته، أن هذه التجارة التي ستتم بين باب سبتة وسبتة السليبة، ستكون لها آثار سلبية على مشروع منطقة الأنشطة الاقتصادية الذي تم إنشاؤه بعد إغلاق معبر باب سبتة سنة 2018، في محاولة من السلطات لتقليل تداعيات الإغلاق، مشيرا إلى أنه “وعلى الرغم من الأموال الطائلة التي صُرفت على هذه المنطقة، إلا أنها لم تحقق النتائج المتوقعة ولم تستطع توفير فرص عمل واسعة للفئة التي كانت تعتمد على التهريب المعيشي”.
وشدد الناشط الحقوقي على أن فتح المعابر الجمركية التجارية قد يؤدي إلى التأثير بشكل كبير على المخازن في منطقة الأنشطة الاقتصادية، ما سيدفع معظم المستثمرين هناك لتسليم مفاتيحهم للسلطات، مفسرا ذلك بكون “السلع التي ستدخل عبر هذه المعابر ستُباع غالبًا في مدينة الفنيدق بأسعار أقل من السلع الموجودة في منطقة الأنشطة الاقتصادية، مما سيضر بقواعد المنافسة ويؤثر على النشاط التجاري المحلي هناك.
وطالب البشير، في حال السماح بعبور السلع المغربية مثل الفواكه والخضروات والأسماك وبعض النباتات كالبقدونس والنعناع والخس، بتخصيص هذا النشاط للفئات التي كانت تعمل سابقًا في إدخال هذه المنتجات وبيعها في أسواق سبتة، مثل الأمهات والآباء الذين كانوا يعتمدون على هذه التجارة كمصدر رزق رئيسي لهم.
من جانبه، قال أشرف ميمون، عضو اللجنة الإدارية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن أي مستجد يتعلق بالمعبر الحدودي سبتة يُعد فرصة لبداية انتعاش اقتصادي للمنطقة، مستدركا في الوقت ذاته، “أن ذلك لا يعني انتهاء معاناة السكان، حيث إن الأزمة الاقتصادية الحالية ترتبط بشكل كبير بغياب “التهريب المعيشي” الذي كان يشكل مصدر رزق أساسي للعديد من الأسر”.
وأضاف ميمون أن النقطة الجوهرية تكمن في كيفية تنظيم عملية العبور، مشيراً إلى أن الخبر المطروح لم يقدم توضيحات حول إمكانية العودة إلى الوضع السابق، حيث كان الناس والبضائع يمرون بشكل مرن باستخدام جواز السفر فقط. متسائلا “هل ستُعتمد نفس الإجراءات السابقة أم سيتم تطبيق تدابير جديدة؟”.
وشدد في غضون ذلك على أن تحديد شكل هذه العملية يُعد أمراً رئيسيا لفهم مدى انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية على المنطقة.
وأشار الناشط الحقوقي إلى أن العلاقات الجديدة القديمة الموجودة على مستوى الحدود لها تأثير كبير على ما ستؤول إليه الأمور، مضيفا “لذلك، لست متحمساً كثيراً لفكرة أن يكون هناك ازدهار أو انتعاش كبير في المنطقة، ولكنه في النهاية بداية مهمة خصوصا في الوضع الحالي”.
وبخصوص مرور شاحنة واحدة في اليوم، في الإتجاهين معا، رأى المتحدث ذاته، أن المستفيد منها سيكون المستثمرين الاقتصاديين والعقاريين الكبار، مفسرا أن “السكان المحليين، من حيث نوع التجارة أو العلاقات المهنية التي لديهم مع سبتة، هي علاقات بسيطة، وليست علاقات تجارية كبرى”.
وذكرت صحف إسبانية، بينها “إل باييس”، أنه سيتم افتتاح الجمارك قريباً، مشيرة إلى أن التبادل التجاري بين المغرب وإسبانيا “سيشمل في البداية شاحنة واحدة يومياً في كل اتجاه، مع عدم الاقتصار على المنتجات المصنعة من الجانب الإسباني”.
كما أفادت صحيفة “إلفارو دي مليلية” هي الأخرى، في عددها الصادر، الأربعاء 01 يناير 2025، بأن مندوبة الحكومة في مليلية المحتلة أجرت اتصالات مع رجال أعمال في المدينة، “لإبلاغهم بأن المغرب سيُدخل إلى مليلية مواد مثل الحصى والفواكه والخضروات والأسماك، بينما سيسمح المغرب من جانبه بدخول منتجات لم يتم تحديدها بعد”.
أما بخصوص سبتة المحتلة، فقال المسؤولون الحكوميون هناك وفقاً لصحيفة “إلفارو دي سبتة”، الخميس 02 يناير 2025، إن “الاتصالات مع رجال الأعمال قائمة دائماً، وأن أي مستجدات سيتم الإعلان عنها بشكل رسمي من قبل كريستينا بيريز المندوبة الحكومية في سبتة”، وذلك رداً على سؤال من الصحيفة الإسبانية حول ما إذا كانت هناك محادثات مماثلة للتي تجري في مليلية.
وإذا تأكد خبر “إل باييس” بالنسبة إلى سبتة، فستكون المدينة المحتلة على موعد في الأيام المقبلة مع فتح الجمارك لأول مرة، بينما سيتم إعادة فتحها في مليلية بعد إغلاقها في 2018 من قبل المغرب.
وحسب صحيفة “إل باييس” سيكون التبادل التجاري المرتقب “محدوداً للغاية، وخاضعاً لقيود”، على أن تمر في البداية شاحنة واحدة يومياً عبر كل نقطة جمركية في كل اتجاه.
كما لن يُسمح بمرور السيارات الصغيرة أو الحاويات، وسيكون العبور من الساعة 10:00 صباحاً إلى 16:00 مساء، مع التوقف في أيام العطل الرسمية في أي من البلدين.
أما بالنسبة للمنتجات التي تعنى بهذا القرار، فسيصدر المغرب لإسبانيا منتجات طازجة، مثل الفواكه، والبقوليات والأسماك؛ بينما سيستورد منتجات النظافة والتنظيف، والأجهزة المنزلية والإلكترونيات، في وقت لا يزال نظام عبور المسافرين غير واضح حتى الآن.