الشرب والري الأكثر استهلاكا للماء و”الجفاف لا يرتبط بتأخر الأمطار”
اعتبر الخبير في السياسات المائية والفلاحية، عبد الرحيم هندوف، أن “قطاع الماء الصالح للشرب وقطاع الري هما القطاعان اللذان يستهلكان كميات كبيرة من الماء”، مؤكدا أن “أزمة الجفاف الحالية لا علاقة لها بتأخر الأمطار”.
لا علاقة للجفاف بالأمطار
ولم يربط الهندوف أزمة الجفاف الحالية بتأخر الأمطار، مستدلا في ذلك ب”أنه إلى حدود سنة 2018 كانت لدينا نسبة الملء تصل 70 في المائة في أهم السدود المغربية وأن هذه النسبة نزلت إلى 50 في المائة سنة 2020 ثم إلى 30 في مائة خلال السنتين الماضيتين قبل أن تصل إلى نسبة 23 في المائة، وهو رقم لم تصل إليه السدود المغربية مطلقا”.
وفي عرضه لمبررات غياب الربط بين أزمة الجفاف وقلة أو تأخر الأمطار، أشار المصرح نفسه إلى أنه “في خضم هذه السنوات التي نتحدث فيها عن الجفاف لم نشهد جفاف فلاحي، فمثلا في سنة 2020 فقط كانت لدينا أرقام عالية في الإنتاج الفلاحي وصلت حد 103 قناطير من الإنتاج”.
وخلص الهندوف إلى أنه “يمكن تدبير الإنتاج الفلاحي في علاقته بشح الأمطار في حالة تم توزيع الحاجيات المائية بشكل جيد، ما يؤكد على ضرورة اعتماد السقي التكميلي أي السقي في الفترات التي تعرف نقص على مستوى الأمطار”.
كلفة مشجعة
وقال هندوف إن “الانخفاض الملحوظ لكلفة تحلية ماء البحر تشجع على الاستثمار في مشاريع تحلية مياه البحر من أجل مواجهة موجة الجفاف التي يعرفها المغرب خلال السنوات الأخيرة”.
وأضاف المتحدث أنه “قبل 10 سنوات كنا في 20 درهم للمتر مكعب واليوم في مشروع اشتوكة آيت باها بلغت الكلفة 10 دراهم، ومن المنتظر أن تواصل هذه التكلفة انخفاضها لتصل 4.5 درهم للمتر مكعب خاصة في ظل التطور التكنولوجي وعنصر تطوير الطاقات المتجددة”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “4 دراهم ونصف تبقى كلفة مرتفعة مقارنة مع نظام الأشطر الذي يقاس به استهلاك المواطن للماء في كل شهر”، مؤكدا أنه “رغم ذلك فيبقى هذا هو الحل الوحيد في ما يتعلق بقطاع الماء الشروب على وجه الخصوص”.
ترشيد السقي
وبخصوص قطاع الري، أوضح الخبير في السياسة المائية، أن “الحل الوحيد هو ترشيد المياه المستعملة في السقي” مستدركا أن “استعمال المياه المحلاة في السقي ستكون مكلفة بالنسبة للفلاحين الذين يصعب عليهم أداء 3 أو 4 دراهم عن كل متر مكعب”.
وتابع أنه من بين الإكراهات التي تواجه توظيف المياه المحلاة في السقي هو أن “جل المناطق السقوية في المغرب بعيدة عن السواحل، وبالتالي الحاجة إلى طرق سيارة للماء من أجل نقل هذه المياه إلى الدوائر السقوية”.
وعن كلفة هذه الطرق السيارة للماء، استحضر الباحث في السياسيات المائية “الخط المائي بين واد سبو وسد سيدي محمد بن عبد الله بالرباط والذي كلف 6 مليارات درهم عن مسافة لا تتجاوز 60 كيلومترا”.
تأثيرات بيئية
وأشار الهندوف إلى تأثيرات مشاريع تحلية المياه قائلا إنه “لهذه العملية تأثيرات بيئية، حيث إن الكميات الهائلة من الأملاح المستخرجة من مياه البحر سيكون مصيرها هو إعادة طرحها في السواحل وبالتالي ارتفاع ملوحة السواحل”.
وعن جهود المغرب في تدبير مياه السقي في علاقتها بأزمة الجفاف، استحضر الخبير في السياسة المائية والفلاحية “حل استبدال طريقة الري السطحي بالري الموضعي أو الري بالتنقيط”. مستطردا أن “هذا الحل غير كافي، ولكن جزء من الحل هو استشراف الحاجيات المائية والفترات الحساسة في المواسم التي تحتاج إلى ري، مقابل الاقتصاد في الموارد المائية خلال الفترات غير الحساسة”.
الحاجة إلى مراكز أبحاث
وأضاف المتحدث ذاته أنه “لا يعقل أن تغيب مراكز للأبحاث مختصة في مجال الري في المغرب في هذه الظرفية التي تواجهه فيها مشاكل متعلقة بالماء” مبرزا أن “المغرب اليوم في حاجة إلى سياسة مواكبة في مجال البحث والتجارب من أجل مواجهة تحديات الجفاف”.
وربط الباحث في السياسة المائية نجاح الحلول الممكنة ب”وجود مراكز أبحاث في هذا المجال” مؤكدا أن “المغرب كان يتوفر على مركز في مجال الري، لكنه في حالة احتضار أو تم تقليص أدواره في إعطاء رخص السقي والدعم واختبار معدات السقي”.
وأوضح الهندوف أن “نفس المركز في سنوات الثمانينات والتسعينات كانت له محطات تابعة له تتوفر على عدد من المهندسين ويصدر العديد من الأبحاث التي للأسف ضاعت بسبب مغادرة هؤلاء الباحثين والمهندسين للمغرب”.