الرياضي تبرز تحديات النضال الحقوقي في المغرب وتنتقد “التضييق” على المبادرات الحقوقية

تحدثت خديجة الرياضي، الحقوقية والرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عن تحديات النضال الحقوقي في المغرب، مشيرة إلى الى ما وصفته بـ “التضييق الذي تواجه بالدولة المبادرات الحقوقية”، رغم الشعارات الرسمية حول المساواة والحقوق.
وفي هذا الصدد، تطرقت الرياضي، أثناء حلولها ضيفة على برنامج “بهدوء” الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، إلى “الحصار الذي تتعرض له الجمعية المغربية لحقوق الإنسان منذ عام 2014، حيث منعت السلطات أنشطتها التكوينية والتوعوية، وأغلقت قاعاتها العمومية، ومنعت أنديتها التربوية داخل المدارس”.
وقالت إن “الدولة لا تريد مواطنًا يعرف حقوقه، ويعرف كيف يناضل من أجلها. لقد استهدفت السلطات الجمعية لأنها كانت تقوم بتكوين الشباب وتوعيتهم بحقوقهم، وهذا ما لا تقبله الدولة.”
وفنّدت الرياضي الاتهامات التي صدرت في حق الجمعيات الحقوقية بكونها تتلقي تمويلات مشبوهة وخدمة أجندات خارجية، مؤكدة “أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة”.
وأضافت أنَّ “التمويلات التي تحصل عليها (الجمعيات) تأتي من الجهات نفسها التي تموّل الدولة”. أما عن التقارير الحقوقية التي تصدرها الجمعيات الحقوقية، فهي حسب تعبير الرياضي “تعكس الواقع، ولا أحد يمكنه منعنا من قول الحقيقة.”
ورأت المتحدثة “أن هذا التضييق يأتي ضمن توجه أوسع لمحاصرة الحريات وتقييد العمل الحقوقي في المغرب، عبر وسائل قانونية وغير قانونية”.
وأردفت أن “هذه الاتهامات ليست سوى ذريعة لقمع الحراك الحقوقي، ومحاولة لتشويه صورة الجمعيات المستقلة التي تسلط الضوء على الانتهاكات الحقوقية في المغرب”.
التوفيق بين الالتزام العائلي والعمل النضالي
ومن جانب آخر، أكدت الرياضي أن النشطاء الحقوقيين يواجهون صعوبة في التوفيق بين التزاماتهم العائلية والنضالية، مشيرة إلى أن أبناء النشطاء غالبًا ما يدفعون ثمن انشغال آبائهم وأمهاتهم بالقضايا الحقوقية.
وعن تجربتها الشخصية أوضحت الحقوقية أنها حاولت تعويض قلة الوقت بجودة اللحظات التي تقضيها مع أبنائها، قائلة “كنت أحاول أن أملأ اللحظات القليلة التي أقضيها مع أولادي بأكبر قدر ممكن من الحب والحنان والتبادل العاطفي.”
وتابعت أن العمل الحقوقي ليس مجرد وظيفة، بل هو التزام دائم يستمر على مدار الساعة، ما يجعل التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية أمرًا بالغ الصعوبة.
توافقات صعبة
وفي موضوع آخر، تناولت الرياضي تجربتها في التنسيق بين مختلف الهيئات الحقوقية بالمغرب، مشيرة إلى أن العمل التوافقي كان تحديًا كبيرًا بسبب اختلاف المرجعيات والتوجهات.
وقالت عن تجربة تحيين الميثاق الوطني لحقوق الإنسان عام 2013 إنها كانت واحدة من أجمل التجارب التي عاشتها، حيث تمكنت “من جمع آراء مختلفة والخروج بوثيقة تعاهدية قوية، رغم أن بعض المنظمات لم توافق على إلغاء عقوبة الإعدام.”
وتحدثت الفاعلة الحقوقية عن تجربتها في التنسيق بين منظمات حقوق الإنسان المختلفة، معتبرة أن الوصول إلى توافق بين الهيئات المتعددة المرجعيات والأيديولوجيات ليس مهمة سهلة.
ورأت أن غياب ثقافة الحوار والتوافق في المجتمع ينعكس أيضًا داخل الهيئات الحقوقية، مما يزيد من تعقيد العمل الجماعي ويجعل تحقيق أهداف مشتركة أكثر صعوبة.
التمييز ضد النساء
وتطرقت الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى قضية حرمان الفتيات من التعليم في بعض المناطق المغربية، معتبرة ذلك جريمة في حق الأجيال القادمة.
وشددت على أن المسؤولية تقع على عاتق الدولة، وليس فقط على العادات والتقاليد، إذ قالت إن “التعليم حق أساسي، والمسؤول عنه هو الدولة. لا يمكن أن نلقي باللوم فقط على الأعراف، بل يجب أن نوفر بنية تحتية تعليمية عادلة للجميع.”
وانتقدت المتحدثة السياسات الرسمية المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، مؤكدة أن المغرب يحتل مراتب متأخرة عالميًا في هذا المجال.
“المغرب دائمًا ضمن العشر دول الأخيرة في مؤشر المساواة بين الجنسين، رغم كل الشعارات التي ترفعها الحكومة. وهذا دليل واضح على أن هناك خللًا عميقًا في السياسات العمومية”، توضح الرياضي.
واعتبرت المتحدثة أن المشكلة تكمن في غياب الإرادة السياسية، قائلة “هذه المبادرات غالبًا ما تأتي كاستجابة لضغوط داخلية أو خارجية، لكنها تظل شكلية، دون ميزانيات كافية أو متابعة جدية لتنفيذها.”
الإعلام والتعليم “أدوات للرقابة”
ولرفع منسوب الوعي بحقوق الإنسان، أكدت الرياضي أن الإعلام والتعليم هما الأداتان الأساسيتان في نشر الوعي الحقوقي ومحاربة التمييز، لكنهما يُستخدمان أحيانًا كأدوات للرقابة بدلًا من التغيير.
وقالت إنَّ “الدولة لا تستثمر في الإعلام والتعليم لنشر ثقافة حقوق الإنسان، بل تستخدمهما كأدوات للرقابة وإعادة إنتاج نفس المنظومة السلطوية.”
وشددت الفاعلة الحقوقية على ضرورة إصلاح هذين القطاعين لضمان وعي مجتمعي أكثر عدلًا وانفتاحًا. مبرزة أنهُ “يجب أن يكون هناك التزام حقيقي بتربية الأجيال على قيم المساواة وحقوق الإنسان، وليس فقط رفع شعارات جوفاء”.
لمشاهدة الحوار كاملا، يرجى الضغط على الرابط