الخمليشي: هذه الحلول الممكنة لمواجهة نقص المياه في المغرب
دعت أسماء الخمليشي، وهي مهندسة قروية متخصصة في قطاع الماء والبنيات التحتية المرتبطة بهذا القطاع، إلى التفكير في نموذج تنموي جديد لا يعتمد على نقص الأمطار وشحها فقط بل بافتراض غيابها الكامل، في حال استمر الجفاف.
وكشفت الخبيرة في قطاع المياه أن إجمالي حاجيات المغرب من المياه سنويا تناهز 16 مليار متر مكعب، بينما لا يتجاوز متوسط حجم الواردات 11.5 مليار متر مكعب في أحسن الحالات. عجز يفرض نفسه، حسب المتحدثة نفسها، كتحد اقتصادي، واجتماعي وبيئي، ويستلزم التفكير في حلول مستديمة ومبتكرة للتخفيف من آثاره.
وبعدما أوضحت أن الفلاحة تستأثر بالقسم الأكبر من احتياجات المغرب من الماء، بما يناهز 14 مليار متر مكعب في السنة، قالت الخمليشي في حوار خصت به مجلة “لسان المغرب”، إن ما يمكن القيام به للتخفيف من هذا الطلب المرتفع على الماء في المجال الفلاحي، هو استعمال المياه غير الاعتيادية، خاصة مياه البحر المحلاة، وستعمل بالفعل لسقي مساحة تناهز 100 ألف هكتار؛ “أما الحل الثاني فهو الانتقال إلى مزروعات تستهلك مياه أقل، علما أن هذا الأمر نفسه يجب تنسيبه، لأن المزروعات التي كانت تعتبر غير مستهلكة للماء أصبحت تستهلك أكتر بفعل ارتفاع درجات الحرارة”.
وأضافت الخمليشي حلا ثالثا يتمثل في الربط بين الأحواض المائية لسقي بعض المدارات السقوية، “لكن لا يمكننا تعميمها نظرا لكلفة انتاجاها المرتفعة، إضافة إلى تواجد الكثير من المناطق السقوية داخل المملكة بعيدا عن السواحل مما سيرفع من كلفة النقل”.
وأوضحت الخمليشي أن هذا النموذج الجديد ضروري لتوفير مختلف الحاجيات من المياه، فـ”فيما يخص الماء الصالح للشرب، يمكن توفيره عبر تحلية مياه البحر، خاصة أن جل المدن المغربية الكبرى هي مدن ساحلية. أما مياه السقي فاعتقد أنه علينا التمييز بين نوعين من الأنشطة الفلاحية التي يمكن ممارستها في العالم القروي”.
ويتمثل النوع الأول، حسب الخمليشي، في الأنشطة الفلاحية العصرية والمرنة، التي تستطيع دفع كلفة الماء وإن كانت مرتفعة، “لأنها تصدّر وتبيع بأسعار تغطي الكلفة، وتحقق لنا عائدات من العملة الصعبة. بالنسبة لهذا النوع من الأنشطة يمكننا تزويده بالمياه غير الاعتيادية لقدرتها على الاستثمار فيها”.
أما النوع الثاني من الأنشطة فيتمثل في الأنشطة التقليدية المعيشية، وهي التي تعاني أكثر من الجفاف لأنها لا تستطيع تحمّل كلفة المياه غير الاعتيادية. “وهنا أعتقد أن من الضروري التفكير في الانتقال إلى أنشطة خدماتية غير مستهلكة للماء، وملائمة للوسط القروي. تحترم تعلق المغاربة بأرضهم وحرصهم على البقاء في مجالهم”.
وعن طبيعة الأنشطة التي يمكن خلقها في العالم القروي كبديل عن الفلاحة، قالت الخمليشي إن هناك السياحة القروية، التي يمكن تطويرها من خلال تثمين المؤهلات المحلية لهذه المناطق، “وهي أنشطة مربحة وغير مستهلكة للماء مقارنة بحاجيات السقي. ثم هناك الصناعة التقليدية، حيث أصبحت لدينا قوة ناعمة تنمو تدريجيتا في الخارج من خلال جاذبية كل ما هو مغربي أصيل، فلم لا نطور صناعة تقليدية تنتج في المجال القروي وتصدر نحو جميع أنحاء العالم”.
وأضافت الخمليشي التي أشرفت على عدد من المشاريع المتعلقة بالماء الصالح للشرب على المستويين الحضري والقروي، أن هناك أنشطة فلاحية مثل زراعة المنتوجات البيولوجية “التي يمكن أن نواصل زراعتها في مساحات محدودة مع تسويقها داخليا أو خارجيا بأسعار تحقق مردودية عالية”.
وشددت أسماء الخمليشي على أهمية التخطيط والنظرة الاستباقية، “وقد تطرق مخطط الجيل الأخضر إلى ذلك حين تحدث عن بروز طبقة متوسطة قروية جديدة… ما يلزمنا اليوم هو تسريع تنزيل هذا البرنامج والتفكير فيه بطريقة شمولية ومرنة”.