الحكومة الجديدة.. انتقادات لاعتماد عنصر “الولاء” الحزبي في اختيار البروفايلات
في خطوة يرجى منها ضخ دماء جديدة في شرايين حكومة عزيز أخنوش لتجاوز عدد من المشاكل التي عرفها النصف الأول من ولايتها في عدد من القطاعات، أسفر التعديل الحكومي أول أمس الأربعاء، عن دخول وجوه جديدة، قادمة من عالم المال والأعمال والإدارة، أغلبها بدون تاريخ سياسي، من أجل تدبير شؤون المغاربة من داخل حكومة يفترض في عموم أعضائها التوفر على ممارسة وتكوين سياسي يسمح بالتعاطي والتفاعل مع عدد من الملفات العالقة التي لا زالت مفتوحة على المجهول.
ويرى عدد من المحللين السياسيين والمهتمين بالشأن العام، أن المقاربة التي اعتمدتها قيادة الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية، قامت بدرجة أولى على عنصري “الولاء والهدايا”، في اختيار بروفايلات، بدون مسار أو خلفية سياسية، وإن كان أغلبهم حقق نجاحات مهنية في مجالات أخرى بعيدة عن السياسة، وما تتطلبه من آليات وميكانزمات لتدبير شؤون المغاربة.
وفي هذا السياق، سجل الأستاذ الجامعي والناشط الحقوقي خالد البكاري، ما اعتبره “توظيفا للمنصب الحكومي من أجل تقديم هدايا لبعض المقربين من رؤساء أحزاب الأغلبية”، مبرزا أن “هذه القرابة تقوم أساسا على الولاء المطلق للزعيم رغم فقر المحظورين من الناحية السياسية والمعرفية والتواصلية والتدبيرية”.
وأضاف البكاري في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن “الأسماء الجديدة قادمة من تجربة كبيرة داخل القطاع الخاص، ولم يسبق لها أن تعرفت على عالم الوظيفة العمومية، أو تعاملت مع مؤسسات الدولة وثقافتها التدبيرية والسياسية، وفقيرة سياسيا”، مبرزا أنه “رغم ذلك أُوكل لها تدبير قطاعات اجتماعية ملتهبة مثل الصحة والتعليم”.
وعلى صعيد آخر، عرفت التشكيلة الحكومية في صيغتها الجديدة استمرار عدد من الوزراء، التي كانت عدد من المؤشرات والقراءات السياسية تذهب في اتجاه إعفائهم، بحكم الجدل الذي رافقهم طيلة النصف الول من الولاية الحكومية، فضلا عن الاحتقانات التي عرفتها القطاعات التي يتولون تدبيرها.
وفي غضون ذلك، انتقد البكاري استمرار وزراء قطاعات عرفت توترات مع شركائهم، مثل قطاع العدل، حيث يعيش القطاع على صفيح ساخن بسبب “التجاذبات بين الوزير والمحامين وكتاب الضبط وموظفي الوزارة والأعوان القضائين”، مستدلا أيضا بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة “التي عرفت تفجر ملف يشتبه فيه حضور تضارب المصالح”.
ومن جانب آخر، استغرب البكاري من اهتمام عدد من الأسماء في القطاع الخاص بـ”الاستوزار” في القطاعات الاجتماعية التي تتطلب حضورا يوميا، والتزاما دائما باعتبار أنها منبع توترات اجتماعية ونقابية، مبرزا أن “حضور هؤلاء على رأس هذه الوزارات رغم ضعفهم السياسي يطرح مخاوف فيما يخص الصفقات العمومية”.
فضلا عن ذلك، عبر المتحدث عن امتعاضه من توقيت التعديل الحكومي، “والذي يأتي على بعد سنتين فقط من انتهاء الولاية الحكومية”، خصوصا “عند استحضار أن السنة الأخيرة هي سنة انتخابية، وغالبا ما تخصص لتصفية الملفات من الجانبين الإداري والتقني”.
وفي تعليقها على الموضوع، أكدت الحكومة في شخص ناطقها الرسمي، مصطفى بايتاس أن “جميع الوزراء الذين تم تعيينهم هم وزراء يمتلكون خبرة كبيرة، ولديهم مسار تدريجي في أحزابهم السياسية يمكّنهم من مواجهة التحديات وإجراء الإصلاحات بالشكل المطلوب”.
وأبرز بيتاس في الندوة الصحافية التي أعقبت المجلس الحكومي يوم أمس، أن مسألة أن يكون الشخص “متمرسًا” في مجال معين، “قد تنفع في بعض المهن، لكن فيما يتعلق بالبروفايلات السياسية فإن الأمر مغاير تماما”.
وتابع بيتاس أن هناك شخصيات سياسية نجحت في قطاعات لا تنتمي لها بالضرورة. مبرزا أن ما قام به وزير الصحة الأسبق الطيب بن الشيخ، في قطاع الصحة “لا يزال يتحدث عنه الجميع، رغم أنه كان مهندسًا في الإحصائيات التطبيقية”، مبرزا أنه “من المبكر الحكم على هذه القضايا، لأنها مرتبطة بالتدبير”.