الجامعي: من أهلها.. الصحافة تتلقى ضربات أقوى من ضربات عهد الرصاص
قال النقيب والمحامي عبد الرحيم الجامعي، إن “مهنة الصحافة اليوم ومع الأسف، تتلقى الضربات القاتلة أقوى من ضربات عهد الرصاص، والغريب”، وفق قوله، هو أن هذه “الحرب تُشن على الصحفيين من أهلها ومن قلب أجهزة مهنية منظمة قبل أن تعتدي عليها أجهزة السلطة والفاسدين من أصحاب النفوذ”.
وفي رسالة له، عبَّر الجامعي عن رفضه للفضيحة التي كشفت عنها تسجيلات مسربة لإحدى جلسات لجنة أخلاقيات مهنة الصحافة التابعة للجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، والمتعلقة بملف الصحافي حميد المهداوي، مشددا أن المجتمع “في حاجة لدراع إعلامي وصحفي مهني سليم يشتغل من أجل نشر قيم الديمقراطية وحقوق الانسان، وتوزيع الخبر و الحق في الوصول للمعلومة، ومساءلة أصحاب السلطة مركزيا وجهويا ومحليا”.
كما أضاف أن المجتمع الحالي يعيش أزمة الحروب المجتمعية الحقيقية مثل الحرب على الفساد وعلى الرشوة وعلى الشطط وعلى الفقر وعلى انتهاك المشروعية و القانون، كما أنه يعيش في زمن بناء القدرات من أجل تنظيم الحكم الذاتي في الصحراء المغربية للجواب على انتظارات الشعب المغربي أولا وانتظارات المنظمات الأممية و قواعد الشرعية الدولية.
وتابع أن زمن اليوم هو زمن الاستماع لانتظارات “جيل Z” وخلق فرص مغرب لكل المغاربة وفي مقدمتهم الشباب، الذي أنهكته السياسات العمومية وحطمت مخاطرها صبر المواطنين وتطلعاتهم.
وفي ظل وجود كل هذه التحديات، شدد الجامعي على الحاجة الملحة لمؤسسة صحفية متماسكة تدفع الوعي العام نحو الإسهام في بناء مغرب المستقبل، مؤسسة تتصدى لإختراق صفوفها ولا تقبل جرها نحو الانزلاق في الصراعات المصطنعة التي لا تنتج سوى الضعف والتفكك.
وشدد النقيب على أن زمن الاستبداد قد مضى، وأنه على الصحفيين والصحفيات خوض “بريسترويكا” مهنية، لاستعادة الصحافة لمجدها، وغرس جذورها في المجتمع، وسقياها بأخلاقهم وأقلامهم، حتى لا يبقى بينهم دخيل ولا مناور يهمس “UN PETIT MOT POUR A” ويصيح أمام الكاميرا بعبارات من صنف “DES GROS MOTS”.
وأكد الجامعي أنه من حق الصحفي حميد المهداوي أن يرفع صوته عاليا ويصيح في وجه من ظهروا في الشريط، وينشر شيئا عن حقيقتهم، “كما أنه محق في أن يقف أمام ملايين المواطنين من داخل المغرب وخارجه، ويقول لأعضاء اللجنة: لا تتهربوا ولا تبتعدوا عن الموضوع الرئيسي للفضيحة التي هزت عروشكم داخل اللجنة المؤقتة”.
وأكد أن “اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة هي التي انتهكت سرية المداولات”، إذ أن “من ظهروا في الشريط هم من صنعوه وسجلوه بالصوت والصورة، وهم من سبوا وقذفوا وهددوا، وبالتالي فهم أول من يجب استجوابه ومساءلته، وليس الصحفي المهداوي الذي تحدث عن فضيحة اجتماعهم وعلق عليها”.
ومن جانب آخر، اعتبر الجامعي أن “اللجنة أساءت كذلك للمحاميات والمحامين، وعبرت عن ضعف في الالتزام باحترام الهيئات المنظمة مثل هيئات المحامين”، مشيرا إلى أن “رئيس اللجنة المؤقتة قرر ضرب المحامين بالمجان تحت الحزام، ليكون بذلك صاحب أول سابقة إجرامية في حق المحامين الذين لم يسيئوا إليه ولم يتحدثوا إليه”.
وأضاف أن اللجنة أساءت أيضا لمهنة الصحافة، “التي يُعرف من بناها ومن قاتل من أجل استقلالها وحصانتها، ومن أجل رفع الظلم عنها وعن أهلها من صحفيات وصحفيين، ومن يعتبرهم الوطن والتاريخ ضمائر مهنة المتاعب”.
وأوضح الجامعي أن الشريط يُظهر أن “بعض أعضاء اللجنة كانوا يتداولون بحضور أشخاص غرباء عن المجلس التأديبي، ويُسمع صوت السب والتهديد من داخل القاعة”، معتبرا أن قراراتها ومداولاتها في هذه الحالة “لا تقبل الاحترام، وساقطة عنها المشروعية، وباطلة ولا يترتب عنها أي أثر”.
كما أشار إلى أن “وقائع الشريط تُظهر أن جميع الأعضاء ارتكبوا إخلالات جماعية أثناء المداولة، حيث عمدت اللجنة إلى تنفيذ عملية ذبح لقاعدة من قواعد النظام العام، فانتقل أعضاء مجلس التأديب بمؤسسة مهنية تحكمها التقاليد والأخلاق، وأصبحت حلقة من الأصدقاء يتناوبون على فريستهم حميد المهداوي، يبحثون كيف يفتضوا حريته ويحرقون مستقبله”.
وفي هذا السياق، شدد الجامعي على أن “الشريط المسجل، أصبح دليلا حيا وناطقا، يفوق في أهميته أي تقرير داخلي أو قرار إداري، ويضع القضية بالكامل أمام الرأي العام”، مبرزا أن “السلطة الحقيقة التي يمكن أن تعاقب هذه التصرفات لم تعد لدى اللجنة أو الكراسي والمناصب، بل لدى التاريخ والضمير والرأي العام، الذي سيحكم على كل سلوك مخالف للأخلاقيات والقانون”.