التقدم والاشتراكية ينتقد تعاطي الحكومة مع الظروف الإجتماعية للمغاربة
تعيش فئات عريضة من المغاربة منذ ما يقرب من 3 سنوات، أوضاعا اجتماعية صعبة جراء الارتفاع المتواصل لمعدلات التضخم التي كان لها تأثير سلبي مباشر على المعيش اليومي للمواطنين، والذي تجلى في استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية، في مقابل ارتفاع غير مسبوق لمعدلات البطالة. والذي أدى إلى انسداد الأفق في صفوف الآلاف من الشباب الذين اختاروا حل الهجرة غير النظامية لتحسين ظروفهم الاجتماعية، ولو عن طريق المخاطرة بأرواحهم بالارتماء في البحر، مثل الأحداث التي عرفتها مدينة الفنيدق يوم 15 شتنبر الجاري.
إضافة إلى ذلك، زادت الفيضانات القوية التي عرفتها العديد من مناطق الجنوب الشرقي للمملكة خلال الشهر الجاري، من معاناة ساكنة المغرب العميق، جراء الأضرار الكبيرة في الأرواح والممتلكات، التي خلفتها السيول الجارفة في عدد من المناطق.
كل هذه القضايا الاجتماعية المقلقة، دفعت حزب التقدم والإشتراكية إلى انتقاد الحكومة وسياساتها في التعاطي مع هذه الأحداث، مطالبا إياها بالرفع من مستوى تدخلها ووضع سياسات عمومية كفيلة بإقرار عدالة مجالية من شأنها تحسين الظروف المعيشية للمغاربة، وذلك خلال الاجتماع الأخير لمكتبه السياسي الذي عقده يوم أمس الثلاثاء 24 شتنبر 2024، بمقره المركزي بالرباط.
الفيضانات: في الحاجة إلى تدخل حكومي
دعا حزبُ التقدم والاشتراكية، الحكومةَ إلى اتخاذ كل الإجراءات اللازمة للرفع من مستوى التدخل والدعم، من أجل مساعدة ساكنة الأقاليم والجماعات والدواوير المتضررة من الفيضانات القوية التي عرفتها عدد من مدن وأقاليم الجنوب الشرقي للمملكة خلال الشهر الجاري.
وشدد الحزب على ضرورة تعويض الأضرار، لا سيما على صعيد إعادة بناء المساكن، وتأهيل البنيات التحتية والمرافق العمومية والخدمات الأساسية، لتجاوز تداعيات هذه الكارثة الطبيعية.
وجدد المصد ذاته، بالمناسبة، تأكيده على ضرورة إعطاء الأهمية القصوى لإشكاليات العدالة المجالية، من خلال إنصاف المناطق التي لم تستفد بنفس قدرِ غيرها من ثمار المسار التنموي الوطني، وأساساً عبر إقرار العدالة في توزيع الاستثمارات العمومية، وتوجيه التوطين الترابي للمشاريع الخصوصية.
وخلص الحزب إلى الإعراب “عن كامل تضامنه مع الساكنة المتضررة”، متوجها في نفس الوقت، “بالتحية إلى السلطات العمومية، العسكرية والمدنية، التي بذلت مجهوداتٍ كبيرة لإنقاذ ومساعدة ساكنة المناطق المعنية”.
أحداث الفنيدق.. أسئلة حارقة
ومن جانب آخر، أكد حزب المكتب السياسي لحزب الكتاب أن أحداث الفنيدق تنطوي على مساءلة حقيقية لكل السياسات العمومية المنتهجة ببلادنا منذ عقود، ولأثرها الاجتماعي والمجالي، موضحا أنها تشكل مساءلة صريحة لكافة الفاعلين المؤسساتيين، ولأدوار ومكانة الوسائط المجتمعية.
وأضاف الحزب أن أحداث الفنيدق، تضع على الجميع أسئلة حارقةً، ليس حول الفقر والبطالة والأوضاع الاجتماعية فقط، بل أيضاً “حول أزمة الثقة والمصداقية، وحول القيم وروابط الشعور بالانتماء”.
وكانت مدينة الفنيدق وعدد من مناطق شمال المملكة، قد عرفت يوم الـ 15 شتنبر 2024، محاولات الهجرة الجماعية لآلاف الشباب والقاصرين انطلاقاً من مدينة الفنيدق عبر معبر سبتة المحتلة، حيث رافقتها مشاهد صادمة للرأي العام الوطني، من خلال صور تظهر العديد من الشباب وهم شبه عراة وقد بدت على أجسادهم آثار الضرب والتعنيف.
الأوضاع الاجتماعية.. ضرورة تعديلٍ حكومي
وفي ما يخص الأوضاع الاجتماعية للمغاربة، استنكر حزب “الكتاب” استمرار غلاء كُلفة المعيشة وتدهور القدرة الشرائية للأسر المغربية بجميع فئاتها، ولا سيما منها المستضعفة والمتوسطة.
وانتقد المصدر ذاته في مقابل ذلك، الخطابٍ الحكوميٍّ الذي وصفه بكونه “يتسم بالارتياح الزائد وبالرضى المفرط عن الذات، بما لا يشكل فقط انفصاماً عن الواقع وإنكاراً لصعوباته من طرف الحكومة، وإنما أيضاً يشكل استفزازاً يُثيرُ الغضب بالنسبة للمواطنات والمواطنين الذين يئنون تحت وطأة المعاناة المتعددة الأبعاد لتوفير الحد الأدنى من شروط العيش الكريم”.
واعتبرت الهيئة السياسية ذاتها، أن هذه الأوضاع تستلزم من الحكومة، ليس فقط تعديلاً حكوميا يتم الترويج له وكأنه مفتاحٌ سحري لأعطاب الأداء الحكومي، “بل تستلزم تغييراً عميقا لمسار توجُّهاتها وسياساتها ولأدائها السياسي والتواصلي”.