التسييس والتِقنوقراط.. داءان ينخران التعليم بالمغرب
اعتبر الباحث في العلوم السياسية، محمد شقير، أن أزمة النظام الأساسي التي عطلت التمدرس لأزيد من شهرين هي نتيجة لإخضاع قطاع التعليم للمزايدات السياسية وتعيين تقنوقراطيين على رأس قطاع حيوي واجتماعي كقطاع التعليم.
المشكلة بنيوية
وأضاف المحلل السياسي أن “الأزمة الحالية ما هي إلا استمرار لمشكل بنوي في قطاع التعليم كان ولازال حاضرا طيلة العقود الماضية وهو تسييس الشأن التعليمي”.
وقال شقير، في تصريح ل”صوت المغرب” إن “الدليل على هذا التسييس هو اعتقاد بعض الجهات بأن هذه الإضرابات المتواصلة لها اعتبارات ودوافع سياسية هي التي تحركها وأقصد (النهج الديموقراطي) و(جماعة العدل والإحسان)”.
وعن المآلات التي من الممكن أن تسلكها أزمة النظام الأساسي، أوضح شقير أنه “مادام القطاع مسيس فالأزمة ستبقى بنوية وهيكلية وسيظل ساحة حرب للقوى السياسية الرسمية وغير الرسمية، لكن هذا لن يمنع من إيجاد تدابير ظرفية كفيلة بالخروج من هذه الأزمة وتأجيل غضب الشغيلة التعليمية”
محدودية النظرة التقنوقراطية
وفي تحليل من زاوية الوزير الوصي عن القطاع، شكيب بنموسى، أوضح المحلل السياسي أن “تعيين تيكنوقراطي على رأس وزارة التعليم كان سببا من الأسباب الجوهرية التي أوصلت المدرسة العمومية إلى أزمتها الحالية”، مبرزا أن “النظرة التقنوقراطية لقطاع متعدد ومعقد ومرتبط بكل مكونات المجتمع هو في حد ذاته خلق للأزمة”.
وعرض شقير تجليات ما أسماه “النظرة التيقنوقراطية” لقطاع “اجتماعي” هو التعليم باسترجاع بعض إجراءات شكيب بمنوسى من قبيل: “شرط تحديد 30 سنة لاجتياز مباريات ولوج المراكز الجهوية لتتربية والتكوين وتقديم مرسوم النظام الأساسي للمصادقة عليه من طرف الحكومة دون الرجوع للتواصل مع المعنيين به”.
أزمة الوساطة
وعن أزمة الوساطة بين الأساتذة المضربين (التنسيقيات) والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، أعطى شقير مثالا عن “ملف التعاقد، كونه من بين الأسباب الرئيسية لعدم انخراط معظم الأساتذة في هيئات نقابية التي تعتبر نفسها أكثر تمثيلية وبين تنسيقيات تمثل القواعد التي لا تثق لا في النقابات ولا في الحكومة أو الوزارة”.
وتابع المتحدث ذاته أن “الأزمة لن تتوقف ولكن سيتم العمل على امتصاصها مؤقتا خوفا من سنة بيضاء وضغوط أولياء التلاميذ”، مبرزا أنه “لو كان الوصي على قطاع التعليم وزير سياسي وملم بتعقيدات الوضع لكان اتخذ هذه الخطوة منذ البداية لإدماج التنسيقيات في المفاوضات والحوار التي كانت تقتصر منذ شهرين على النقابات التعليمية فقط”.
وعلق شقير على تحركات الحكومة الأخيرة للخروج من أزمة النظام الأساسي التي اشعل فتيلها الأول قبل 9 أسابيع، قائلا إن “الإجراءات من قبيل تشكيل حكومة وزارية ثلاثية وتجميد النظام الأساسي وتوقيع اتفاق الزيادة في الأجور ما هي إلا إجراءات ظرفية لامتصاص الغضب ومحاولة مواجهة الضغوط الممارسة على الحكومة والوزارة”.
مجلس بدون صلاحيات
وبخصوص المؤسسات الدستورية التي تسند إليها مهمة المساهمة في تجويد المنظومة التعليمية ك”المجلس الأعلى للتربية والتكوين”، اعتبر شقير أنها تفتقد للصلاحيات الفعلية للمشاركة في إصلاح وضع المدارس العمومية.
واعتبر في نفس الصدد أن “الحل هو إسناد قطاع التعليم للمجلس الأعلى للتربية والتكوين من خلال توسيع صلاحياته لوضع الرؤى والخطط على أبعد مدى، واقتصار دور الوزارة على تنفيذ ما يقرره هذا المجلس”. مؤكدا أن “تغير الوزير في كل ولاية وتغَيُّر الاستراتيجيات التعليمية بتغير الوزراء من بين أبرز الأسباب في تأزم التعليم العمومي”.