البوحسيني: الحكم الذاتي يتطلب مصداقية وانفراجا سياسيا وانتخابات نزيهة
قالت لطيفة البوحسيني، الحقوقية وأستاذة التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية يمثل خطوة تاريخية وإعلانًا مهمًا على المستوى السياسي، معتبرة في الوقت ذاته أن هذا المقترح “لن يتحقق على أرض الواقع إلا عبر مجموعة من الشروط الضرورية”.
وأكدت البوحسيني في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن الدولة المغربية مطالبة بإثبات مصداقية هذه الخطوة، من خلال إعطاء إشارات واضحة على أنها ستضع القرار ضمن إطار شامل، ترتكز عناوينه الكبرى على الانتقال إلى بناء دولة الحق والقانون، وبناء دولة ديمقراطية.
وأشارت إلى أن “هذه الإشارات يجب أن تتجسد أولًا في خطوات ملموسة في مجال حقوق الإنسان والحريات، من خلال إطلاق سراح كافة المعتقلين، سواء كانوا من المشاركين في حراك الريف، أو النقيب محمد زيان، أو المدونين، أو شباب جيل “Z” الذين خضعوا لمحاكمات سريعة لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة، وفق تصريحات الدفاع”.
وأوضحت الأستاذة الجامعية أن طي ملف “الانتهاكات الجسيمة” التي رافقت الحركات الاحتجاجية خلال السنوات الأخيرة يمثل الشرط الأول لتحقيق مصداقية الحكم الذاتي، بينما يمثل الانفراج السياسي شرطًا ثانيًا، يشمل تمهيدا للانتخابات المقبلة على أسس الشفافية والنزاهة والتنافس السياسي الحر.
وقالت في هذا الصدد، إن الانتخابات يجب أن تتحول إلى لحظة سياسية ذات معنى، تمكن من بناء مؤسسات قوية، ومتابعة مسلسل محاربة الفساد، وتحقيق التنمية العادلة على قاعدة توزيع عادل للثروات والعدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل أحد أبرز التحديات في البلاد.
وأضافت المتحدثة، من جانب آخر، أن نجاح المغرب في تنزيل الحكم الذاتي مرتبط باحترام الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات العامة، مؤكدة أن “هذا التوجه يمثل الورقة الأساسية لضمان نجاح هذه المرحلة التاريخية”.
وتابعت أنها تشكل كذلك، “مفتاحًا لتوحيد جهود دول المغرب العربي نحو بناء منطقة قائمة على أسس الحقوق والحريات والمصالح المشتركة”، بما يضمن للشعوب الانتقال من أوضاع الهشاشة الاقتصادية والانتهاكات الحقوقية إلى مستقبل أفضل”.
وختمت البوحسيني بالقول: “لدي يقين تام بأننا معًا يمكننا مواجهة هذه التحديات، وإذا استوعب المغرب مغزى هذا القرار التاريخي، فإنه سيكون قادرًا على لعب دور محوري على مستوى المنطقة”.
وفي نفس السياق، أكد المكتب التنفيذي للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن المقاربة الحقوقية تشكل مدخلًا أساسيًا لتنزيل مضامين القرار الأممي رقم 2797 الذي دعم مقترح الحكم الذاتي المتعلق بملف الصحراء المغربية، داعيًا إلى إشراك الفاعلين الحقوقيين في بلورة الآليات الكفيلة بضمان الحقوق والحريات في إطار مبادرة الحكم الذاتي.
وفي بلاغ له، أوضح المكتب التنفيذي أنه يرحب بالقرار الأممي رقم 2797 ويعتبره خطوة إيجابية نحو تسوية سلمية للنزاع، بما يضمن احترام الحقوق الجماعية والفردية، ويعزز الاستقرار الإقليمي، ويمهد لتحقيق الأمن والسلم في منطقة المغرب الكبير.
وفي هذا الإطار، كان الملك محمد السادس قد دعا مغاربة مخيمات تندوف بالجزائر إلى لم الشمل، مشدداً على عدم اعتبار القرار الأممي الأخير انتصاراً أو استغلاله لتأجيج الصراع.
وقال الملك، في خطابه اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، عقب تصويت مجلس الأمن لصالح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، إن المغرب لا يعتبر هذه التحولات انتصاراً ولا يستغلها لتأجيج الصراع والخلافات.
وأضاف: “نوجه نداء صادقاً لإخواننا في مخيمات تندوف لاغتنام هذه الفرصة التاريخية للم الشمل مع أهلهم، وما يتيحه الحكم الذاتي للمساهمة في تدبير شؤونهم المحلية وتنمية وطنهم وبناء مستقبلهم في إطار المغرب الموحد”.
وأكد الملك أنه بصفته ملك البلاد “الضامن لحقوق وحريات المواطنين”، فإن جميع المغاربة سواسية، “ولا فرق بين العائدين من مخيمات تندوف وبين إخوانهم داخل أرض الوطن”.