الانتخابات الجزئية تعزز كفة الأغلبية وترسم ملامح استحقاقات 2026

أجريت يوم أمس انتخابات جزئية لملئ مقعدين برلمانيين في كل من الدائرة الانتخابية فاس الجنوبية، والدائرة الانتخابية بنسليمان، والتي أسفرت عن فوز مرشحي الأغلبية، بالمقعدين الذين كان يشغلهما نائبان برلمانيان ينتميان لأحزاب المعارضة.
وفاز مرشح حزب التجمع الوطني للأحرار خالد العجلي، بالمقعد البرلماني عن دائرة فاس الجنوبية بـ 9767 صوتا، على حساب منافسه المباشر محمد خيي مرشح حزب العدالة والتنمية الذي حصل على 3854 صوتا، وبالدائرة الانتخابية بنسليمان فاز مرشح حزب الاستقلال امبارك العافيري بالمقعد البرلماني بـ 14331 صوتا، على حساب منافسه المباشر كريم الزيادي مرشح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي حصل على 7006 أصوات.
وقد أظهرت هذه الانتخابات التي تميزت كالعادة بنسبة مشاركة ضعيفة لم تتجاوز 8.8 بالمائة بفاس الجنوبية، تفوق أحزاب الأغلبية التي استطاعت تقديم مرشح مشترك مدعوم من كافة أطرافها، في مقابل أحزاب المعارضة التي شارك بعضها ولم يشارك البعض الآخر في هذه الانتخابات، مع غياب الانسجام والتنسيق بين مكوناتها في عدد من الملفات كان آخرها انتخابات يوم أمس.
وتعليقا على ذلك، أوضح أستاذ الجغرافيا السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية مصطفى اليحياوي أن هذه الانتخابيات الجزئية أكدت معطى التحول الذي عرفته الخريطة الانتخابية في 08 شتنبر 2021، بحيث أن الواقع السياسي في المغرب بات أمام “متغير بنيوي للأحزاب السياسية القادرة على ولوج مجلس النواب، في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة”.
وأضاف الأستاذ الجامعي أن ما وقع في انتخابات 2021، والذي أفرز ارتفاعا لعدد المقاعد الخاصة بـ 3 أو 4 أحزاب بالبرلمان بالمقارنة مع مقاعد باقي الأحزاب الأخرى يؤكد أن الساحة السياسية بالمغرب تعيش مرحلة “ستؤدي حتما في الانتخابات المقبلة إلى تقليص عدد الأحزاب القادرة على ولوج مجلس النواب، على الرغم من أن القاسم الانتخابي لم يعد موجودا”، مبرزا أنه “تاريخيا كان عدد الأحزاب التي تكون ممثلة في مجلس النواب يتراوح ما بين 10 إلى 12 حزبا”.
وأوضح المتحدث ذاته أن انتخابات يوم أمس أكدت مرة أخرى “أن الأحزاب التقليدية التي كانت لها القدرة التعبوية على المستوى الحصري لم تعد كذلك”، مستشهدا بحزب العدالة والتنمية الذي فقد أكثر من 16 ألف صوت في معقله الانتخابي بمدينة فاس.
من جانب آخر، أبرز اليحياوي أن هذا الأمر أظهر بالمقابل أن الأغلبية تستطيع توحيد مواقفها السياسية على مستوى الترشيحات، “في مقابل أحزاب المعارضة التي لم تستطيع أن تقدم مرشحا مشتركا بين مكوناتها”، موضحا أن حجم التفكك الذي ظهر على مستوى أحزاب المعارضة خلال إعادة انتخاب رئيس مجلس النواب، “تأكد في الانتخابات الجزئية ليوم أمس بعدما فشلت مكونات المعارضة مرة أخرى في التنسيق بينها وتقديم مرشحها المشترك وهو الأمر الذي لعب بدرجة أولى لصالح أحزاب الأغلبية”.
وأكد اليحياوي في ذات السياق أن استمرار هذا التقابل بين تجانس الأغلبية من جهة وتفكك المعارضة من جهة أخرى، من شأنه أن يرخي بظلاله على رهان الصدارة لانتخابات 2026، والذي سيكون استمرارا للفرضية التي تأسست عليها انتخابات 2021، والتي تقوم على تحكم أقلية حزبية في أغلبية مقاعد مجلس النواب.
“أعتقد إذا ما استمر هذا الوضع بتزايد تماسك الأغلبية وتفكك المعارضة أن انتخابات 2026، لن يكون لها رهان على مستوى الصدارة والذي سيكون استمرارا للفرضية التي تأسست عليها انتخابات 2021، والتي تقوم على تحكم أقلية حزبية في أغلبية مقاعد مجلس النواب، وهو تكريس لواقع غير متكافئ بين الأحزاب السياسية داخل المشهد السياسي المغربي”.
وخلص الأستاذ الجامعي إلى أنه، “كلما كنا أمام دائرة انتخابية بملامح اجتماعية تطاوع ما يسمى ببرامج الحماية الاجتماعية التي أطلقتها الحكومة، كلما كانت النتيجة لصالح الأغلبية”، مضيفا أن برامج الدعم الاجتماعي أمالت الكفة لصالح مرشح الأغلبية، “وهذا يعني أن مفهوم الدولة الاجتماعية يكرس واقع انتخابي يتماشى والسياسات التي أطلقتها الحكومة خلال برنامجها الحكومي”.
وتفاعلا مع نتائج هذه الانتخابات، استنكرت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية بفاس في بلاغ لها اليوم، ما أسمته “بالممارسات المشينة وغير الديمقراطية التي قامت بها بعض الأحزاب وخاصة حزب رئيس الحكومة”، متهمة إياه “بشراء الذمم وتسخير الوسطاء والسماسرة لإفساد العملية الانتخابية”.
وحمل حزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة، المسؤولية الكاملة لما آلت إليه الوضعية السياسية بالمغرب ولما وصفه بحالة “التردي السياسي غير المسبوق وللتراجع المهول لمستوى الثقة لدى المواطنين والمواطنات والذي تعكسه نسبة المشاركة الهزيلة” في انتخابات يوم أمس.