الاتحاد الأوروبي يدعم إعادة بناء بيوت المتضررين بالطرق التقليدية.. نشطاء: تصاميم السلطات لم تراعي هذه الخصوصية
في الوقت الذي يواجه فيه سكان الحوز والأقاليم المجاورة صعوبات في إقناع السلطات المغربية بالاعتماد على الطرق التقليدية المحلية، في بناء بيوتهم المتضررة جراء الزلزال الذي هز جبال الأطلس الكبير شتنبر 2023، أعلن الاتحاد الأوروبي دعم إعادة إعمار هذه المناطق باستعمال طرق تحافظ على تراثها وتعزز تميزها المحلي.
وقال الاتحاد الأوروبي، في دعوة لتقديم مقترحات في إطار “الدعم الأوروبي للبرنامج المتكامل لإعادة الإعمار والتأهيل العام للمناطق المنكوبة (2024-2028)”، والتي خصص لها ميزانية قدرها 5.700.000 أورو، إن الهدف من هذا الدعم “المساعدة في تسهيل الجانب التشاركي لإعادة الإعمار والتعافي المستدام بعد زلزال الحوز”، مع تسهيل الحفاظ على التراث وتعزيزه في البناء المحلي، والاعتماد على المواد المحلية وطرق البناء التقليدية في إعادة بناء بيوت الساكنة.
ووجّه الاتحاد المقترحات المنتظرة، والتي حدد لها تاريخاً نهائياً الإثنين 14 نونبر 2024، على الساعة 12 بتوقيت بروكسيل، من أجل مراعاة خصوصية المناطق المتضررة، مشدداً على ضرورة الحفاظ على تراثها وتعزيزه من خلال تطوير المعرفة بالمهن المتعلقة بالبناء التقليدي والمحلي، وإبراز فعالية البنايات التقليدية والمحلية، فضلاً عن مراعاة المنهج العلمي في البناء التقليدي، وتعزيزه بين الإدارات والسكان في المناطق المعنية على حد سواء.
كما دعت المنظمة إلى احترام مبادئ “إعادة البناء بشكل أفضل وأكثر خضرة”، من خلال الاهتمام بالحلول القائمة على الطبيعة، وتعزيز مرونة المجتمع، ونقل المعرفة المحلية والتقليدية، والتواصل بين الجهات الفاعلة المرتبطة بإعادة الإعمار والتعافي في المناطق المتضررة من الزلزال، مع الحرص على الحيلولة دون وقوع نزاعات مرتبطة بعمليات إعادة الإعمار أو الانتعاش الاقتصادي فيها، مشددة على ضرورة تعزيز الشفافية والمساءلة، والنهج التشاركي والمجتمعي في جهود إعادة الإعمار من خلال تعزيز ديناميكية التماسك الإقليمي الشامل والمرن.
وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي لصيانة خصوصية المواطن المغربي في المناطق المتضررة، يعبر هذا الأخير عن استيائه من التصاميم المقدمة بغرض إعادة بناء منازلهم، باعتبارها حسب عدد من شهادات الساكنة المحلية مخالفة للمميزات المعمارية بالمنطقة وخصوصيتها المحلية.
في هذا السياق، أكد المهدي بركة الناشط الحقوقي في “ثلاث نيعقوب” إحدى المناطق المتضررة بإقليم الحوز، غياب اعتماد إعادة الإعمار بالطرق التقليدية، مشيراً إلى أن مواد البناء المستعملة حتى الساعة تعتمد بشكل أساسي على الإسمنت، بينما يتم اقتراح تصاميم عصرية لا تحترم خصوصية السكان بما في ذلك مراعاة اعتمادهم على فلاحة معيشية ومواشي تحتاج إلى إسطبلات.
وذكر بركة أن التصاميم التي اعتمدتها السلطات في إعادة الإعمار بعيدة كل البعد عن خصوصية المنطقة الجبلية، موضحاً أنها “شبيهة بالسكن الاقتصادي داخل الوسط الحضري، خاصة فيما يخص المساحة وطبيعة التقسيم الذي لا يراعي حاجيات السكان”، وهو ما يسهم في الطمس الثقافي والعمراني لدواوير الأطلس، “باستثناء حالات قليلة جداً أشاروا عليها للبناء بالطرق التقليدية”.
من جهتها، ترى نجية أيت محند المنسقة الإقليمية للائتلاف المدني من أجل الجبل في الحوز أن “الاقتصار في صون التراث عند إعادة الإعمار على الاستعانة بلون طلاء ترابي، أو مزج مادة تظهر البيوت وكأنها مشيدة وفق هوية المنطقة، لا يتعدى كونه مظهراً فقط”، لأن الواقع تضيف المتحدثة “هو أن ذلك المنزل تم تشييده وفق الطريقة المعتمدة في المدن”، وهو ما لا يراعي طبيعة المنطقة ومناخها الذي يواجه المواطنون تقلباته بمواد بناء محلية “تحفظ درجات الحرارة داخل بيوتهم دافئة في الشتاء وباردة في الصيف”.
وشددت أيت محند على أنه بالإضافة إلى غرف أفراد الأسرة، تحتاج المساكن في المناطق الجبلية مآوي لمواشي المتضررين وغرف تخزين، “وهذا جانب من الخصوصية التي لم تتم مراعاتها في مسألة الثقافة المحلية للمنطقة”.
ولفتت المتحدثة ذاتها إلى أن هذه المناطق تتميز “بالحفاظ على التماسك الأسري، حيث في المنزل الواحد قد تعيش أكثر من أسرة عكس المدن”، مبينة أن هذه النقطة أيضاً لم تتم مراعاتها في التصاميم التي “تؤكد على ضرورة شقق لا تتجاوز 70 متر مكعب”، متساءلة “كيف ستعيش أسرة تتكون من مجموعة أفراد في بيت بذلك الحجم؟” منبهة إلى أن تراخيص البناء المقدمة لا توافق تطلعات السكان.
وكان بلاغ الديوان الملكي قد أكد، في 14 شتنبر 2023، على أن عملية إعادة الإيواء يجب أن تنجز في احترام للشروط الضرورية المتعلقة بالإنصاف والإنصات الدائم لحاجيات الساكنة المعنية، مع ضرورة أن تتم عملية إعادة الإعمار على أساس دفتر للتحملات، وبإشراف تقني وهندسي بانسجام مع تراث المنطقة والذي يحترم الخصائص المعمارية المتفردة.