الأساتذة يحتجون ضد سلسلة “أولاد إيزة” والمخرج: “لا أفهم لماذا الجدل”
أثارت سلسلة تلفزيونية تبثها القناة الأولى خلال شهر رمضان غضب الأساتذة، بسبب ما يرونه في إحدى شخصياتها من “إساءة” لرجل التعليم، وطالبوا على إثر ذلك الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالتدخل، وبالمقابل من ذلك ينفي مخرج هذا العمل وجود أي إساءة لرجال ونساء التعليم.
توضيحات المخرج
وتواصلت “صوت المغرب” اليوم الخميس 14 مارس 2024 مع إبراهيم الشكيري مخرج هذا العمل التلفزي، والذي نفى وجود أي “إساءة” في الشخصية مثار الجدل للأساتذة.
وقال في هذا الصدد إنه “لا يفهم لماذا أثير الجدل حول هذه الشخصية بالتحديد”، وتابع أنه “يطلب ممن رأى في الشخصية إهانة لشخص الأستاذ أن يحدد في أي مقطع ظهر ذلك”، مشيرا إلى أنه لم يرد في الحلقة أي كلام مباشر يقصد الإساءة لرجل التعليم.
وتابع أنه “ليس من المعقول أنه كلما شاهد أحد أمرا ما لم يرق له في التلفاز، يعتبره إهانة وإساءة” وفي معرض جوابه على سؤال متعلق باختيار ملابس الشخصية المثيرة للجدل علق المخرج متسائلا “إن المسلسل جسد شخصيات أخرى غير الأستاذ بنفس الاختيارات في الملابس كالفلاح مثلا هل نعتبرها إهانة أيضا؟”.
وشدد المتحدث ذاته أنه وبما أن الفئة المعنية التي أحست “بالإهانة” قد توجهت إلى الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري فإنه “ينتظر قرار الهيئة كيفما كان”.
انتقادات برلمانية
وشكلت الحلقات الأولى من هذه سلسلة مثار جدل ليس فقط عند الأساتذة، بل كانت أحد الجمل الواردة في نص الحوار محط مساءلة برلمانية وجهها رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب أحمد توزري لوزير الشباب والثقافة والتواصل محمد مهدي بنسعي.
ويقول السؤال الكتابي إنه “قد ورد في المسلسل أحد العبارات التي يفهم منها الإساءة لنساء مدينة آيت ورير والانتقاص من مكانتهن ومن المدينة بشكل عام”.
وساءل النائب البرلماني عن حزب الجرار الوزير المعني عن الإجراءات التي ستتخذها وزارته “لرد الاعتبار لنساء آيت ورير، ولحذف كل ما من شأنه أن يساهم في التمييز أو الانتقاص من كرامة المرأة ومنع تكرار ذلك مرة أخرى”.
واقعة مماثلة
وتذكرنا هذه الواقعة، بواقعة أخرى مماثلة والتي وصلت إلى ردهات المحاكم، لكن الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري وضعت حدا لهذا الجدل وقتها حينما أقرت صون حرية الإبداع الفني، كما هي مضمونة دستوريا، لا سيما في الأعمال التخييلية.
وتعود تفاصيل ذلك إلى سنة 2021 حينما أثارت سلسلة كوميدية للمخرج هشام الجباري، والتي اعتبرها بعض المحامين إساءة لمهنتهم، إذ قاموا على إثر ذلك برفع دعوى قضائية استعجالية ضد القناة الأولى، من أجل وقف بث السلسلة.
واعتبرت الجمعية الوطنية للمحامين الشباب بالمغرب، في مراسلة موجهة إلى “الهاكا”، أن “السلسلة المذكورة تسيء بشكل فاضح وغير مقبول لمهنة المحاماة بصور نمطية بعيدة كل البعد على الأخلاق المهنية والاحترام الواجب لمهنة المحاماة ومكانتها الاعتبارية ورسالتها الإنسانية كشريك في إقامة العدل”.
ولكن الهيئة ردت وقتها في بلاغ تقول فيه إنها تتوصل بشكايات متواترة صادرة عن أفراد أو جماعات أو تنظيمات مهنية يحتجون فيها على “تضمين أعمال رمضانية مشاهد مسيئة لهم” معتبرة أن الغاية الفضلى لتقنين المجال السمعي البصري “هي إعلاء قيم الحرية وتحرير طاقات المبادرة والإبداع ولفت الانتباه إلى كل ما من شأنه كبح تحقيق هذه الغاية”.
تفاصيل رد “لاهكا”
وأكدت الهيئة وقتها في بلاغ لها ضرورة “صون حرية الإبداع الفني كما هي مضمونة دستوريا، لا سيما في الأعمال التخييلية، جزء لا يتجزأ من حرية الاتصال السمعي البصري كما كرسها القانون المتعلق بالاتصال السمعي البصري والقانون المتعلق بإعادة تنظيم الهيأة العليا”.
وشددت أنه “لا يمكن للعمل التخييلي أن يحقق وجوده ويكتسب قيمته دون حرية في كتابة السينايو، وفي تشخيص الوضعيات والمواقف، وفي تحديد الأدوار وتمثل الشخصيات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بعمل هزلي أوفكاهي. مؤكدة “أن التمثيل النقدي لمهنة معنية في عمل فني سمعي بصري لا يشكل قذفا، كما هو معرف قانونا، ولا قصد إساءة، بل هو مرتبط بحق صاحب العمل في اعتماد اختيارات فنية معينة”.
وتابعت أن “المطالبة بتوظيف الأعمال التخييلية لشخصيات تجسد حصرا الاستقامة والنزاهة في تقمصها لأدوار منتسبة لمهن معنية، ليس مسا بحرية الإبداع فحسب، بل أيضا تجاهلا لدور ومسؤولية الإعلام، لا سيما العمومي، في ممارسة النقد الاجتماعي ومعالجة بعض السلوكيات والظواهر المستهجنة”.
وفي ردها على مطالبة بعض هذه الشكايات “الهاكا” بإعمال الرقابة القبلية تجاه الأعمال التخييلية أو بالتدخل البعدي لوقف بثها، قالت الهيئة إن “ذلك يحيل على تمثل غير دقيق لمفهوم تقنين المضامين الإعلامية وللانتداب المؤسسي للهيأة العليا للاتصال السمعي البصري؛ إذ أن المشرع يضمن للإذاعات والقنوات التلفزية العمومية والخاصة إعداد وبث برامجها بكل حرية”.
وأضافت أن الهيأة العليا “مؤتمنة على السهر على احترام هذه الحرية وحمايتها كمبدأ أساسي، مع الحرص على احترام كل المضامين المبثوثة سواء كانت تخييلية أو إخبارية أو غيرهما، للحقوق الإنسانية الأساسية، على غرار عدم المس بالكرامة الإنسانية، واحترام مبدأ قرينة البراءة، وعدم التحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف، وعدم التمييز ضد المرأة أو الحط من كرامتها، وعدم تعريض الطفل والجمهور الناشئ لمضامين تنطوي على مخاطر جسدية، نفسية أو ذهنية، وعدم التحريض على سلوكات مضرة بالصحة وبسلامةالأشخاص..”.