الأزمة المالية للبام..هل هي إيدان بانفضاض الأعيان من حول الحزب؟
إذا كان حزب البام سيعقد مؤتمره الخامس بعد يومين (9.10.11 فبراير) وسط غموض يلف لائحة الأسماء المرشحة لأمانته العامة، فإن الأزمة المالية التي يعرفها الحزب، والتي كان من نتائجها تأخر صرف رواتب موظفي الإدارة المركزية، تطرح علامة استفهام كبرى، وهو ما حاولت ” صحيفة صوت المغرب” استجلاء أسبابه.
وقد انضافت هذه الأزمة إلى الأزمة السياسية التي يعيشها الجرار جراء المتابعات القضائية في حق عدد من أعضائه بسبب “تهم الفساد”، التي وصفها حكيم بن شماس الأمين العام السابق للحزب، بالأزمة التي “أصابت المشروع السياسي للتنظيم بأذى عميق وبأضرار بليغة مست، في الجوهر، جزءا كبيرا من كينونته وهويته السياسية، وفاقمت ما عاناه من أعطاب وأمراض”.
أسباب الأزمة
وفي هذا السياق، اعتبر رشيد لبكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة شعيب الدكالي، أن الرجة التي عرفها حزب الأصالة والمعاصرة بسبب اعتقال برلمانيين ورؤساء جماعات ينتمون له، هي “نتيجة منطقية لظاهرة إقدام بعض الأحزاب على فتح أبوابها لمن يدفع أكثر، وليس لمن هدفه الدفاع عن الصالح العام”.
وأوضح لبكر أن العمل السياسي النبيل، “يجب ألا يتكئ على منطق الغاية تبرر الوسيلة، والتي حولت العمل السياسي إلى حلبة لتقديم الوعود الكاذبة، الأمر الذي نتج عنه مقاطعة المواطنين للإنتخابات، وعزوفهم عن الفعل السياسي بشكل عام”.
وإذا كانت قدرة البام على تجاوز الأزمة السياسية أو التنظيمية مرتبطة حسب ما استقته صحيفة”صوت المغرب” من المتابعين للشأن الحزبي ، “بقدرة حزب الجرار على فتح نقاش سياسي وتنظيمي داخلي وبإعمال منطق النقد الذاتي”، فإن تجاوز الأزمة المالية يظل علامة استفهام كبرى، تطرح نفسها على القيادة المقبلة لحزب الجرار.
وتمنى لبكر أن تكون الرجة التي شهدها البام اليوم، عبرة لكل الأحزاب، كي تعيد النظر في آليات اشتغالها وفي كيفية تصريف التزاماتها السياسية والمجتمعية إزاء الوطن والمواطنين، “وألا يكون هدفها فقط هو الحصول على المقاعد”.
وأشار لبكر، إلى أن “الأحزاب مطالبة أخلاقيا بعدم منح المراتب المتقدمة في مؤسساتها إلا للمناضلين الذين تدرجوا عبر جميع هياكلها وتشربوا مرجعيات الحزب”.
وأكد لبكر أن “لا ديمقراطية حقيقية دون أحزاب سياسية”، متسائلا في نفس السياق، عن طبيعة الأحزاب التي يجب المراهنة عليها، هل الأحزاب التي تتنافس لخدمة الشعب أم تلك التي تتسابق للاستحواذ على المقاعد، مردفا في نفس السياق، “أن الإختيار بين واحد من هذين الجوابين، هو الذي يحدد مدى المسافة التي تفصلنا عن المعنى الحقيقي للسياسة”.
الخيارات المطروحة أمام الأعيان
واعتبر إسماعيل حمودي أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أن الضربات التي تلقتها الأحزاب بسبب ما بات يعرف باسكوبار الصحراء، كان من نتائجها “اضطراب الرؤية لدى كل أعيان وممولي “البام” أو غيره من الأحزاب التي اعتقل منتخبوها مؤخرا في ملفات المخدرات أو الفساد المالي”.
وأوضح حمودي أن هناك صفقة غير معلنة بين الطرفين، مقتضاها أن “توفر الأحزاب الحماية لهؤلاء مقابل المال”. لكن الضربات القضائية الأخيرة خلخلت الوضع القائم، “وأحدثت اضطرابات في صفوف أصحاب الأموال، قد تدفعهم إلى التراجع للخلف، والانكماش إلى حين أن تهدأ العاصفة”.
وأشار حمودي إلى أن الإنكماش والانسحاب من الواجهة والعودة للخلف، قد يكون هو الخيار الأقرب للواقع، خصوصا وأن كل الاعتقالات والمتابعات القضائية طالت أغلب الأحزاب السياسية، وفي مقدمتها أحزاب الأغلبية الحكومية، أي التجمع الوطني الأحرار والبام والاستقلال.
لكن المتحدث يستدرك بالقول ” هناك خيار آخر قد تفضي إليه المتابعات القضائية، وهو إعادة انتشار هؤلاء بين مختلف الأحزاب، بدل التمركز في الأحزاب الكبرى، الأمر الذي يجعلهم تحت الأضواء رغما عنهم، وبالتالي التعرض من حين لآخر إلى ضربات السلطة”.
وأضاف حمودي أن هناك خيار ثالث أمام هؤلاء، “هو الإنعزال عن السياسة وعن الأحزاب، والإنصراف نحو أمورهم الخاصة، على غرار ما قام به تجار مخدرات مشهورين مروا في تاريخ المغرب”، مثل احميدو الديب والشريف بين الويدان، وغيرهم، ممن تجنبوا طيلة حياتهم الإنخراط في العمل السياسي، وإن كانوا لم يسلموا من غضب السلطة رغم ذلك.