اكتظاظ السجون: 5 حجج تبرر اللجوء للاعتقال حسب النيابة العامة
تحول الاعتقال الاحتياطي إلى موضوع سجال حقيقي بين مختلف المؤسسات العمومية المتدخلة في الموضوع، مندوبية السجون الساهرة على تدبير المؤسسات السجنية والتي تشتكي من الاكتظاظ، والقضاة المدافعين على الاعتقال الاحتياطي والرافضين لأي تدخل أو نقاش حول الموضوع.
رئاسة النيابة العامة دخلت على خط الأزمة، وانتصرت للقضاة بالدفاع عن الاعتقال الاحتياطي، معددة الأسباب التي تبرر حسب دفوعاتها اللجوء إليه، ومتعهدة على الرغم من ذلك بحثّ قضاة النيابة العامة على ترشيد الاعتقال الإحتياطي.
- التطور النوعي للجريمة
تحدثت النيابة العامة في البلاغ الذي ردت فيه عن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج عن تطور قالت إنه نوعي عرفته مظاهر الجريمة في السنوات الأخيرة، سواء من حيث خطورة الأفعال المرتكبة أو الوسائل المستعملة فيها أو طبيعة الأشخاص الذين يقترفونها، لا سيما الذين يوجدون في حالات العود، وما لذلك من انعكاس على طمأنينة وسكينة المواطن والمجتمع.
هذا التطور في الجريمة هو الذي فرض على الجهات الساهرة على إنفاذ القانون بذل مجهودات لمواجهة كل الخارجين عن القانون، وضبطهم وإحالتهم على النيابات العامة المختصة، حسب رئاسة النيابة العامة.
و”بلغ عدد هؤلاء خلال النصف الأول من السنة الجارية 309 آلاف و259 شخصا، أغلبهم من أجل الاتجار في المخدرات، وشغب الملاعب المرتبط بالتظاهرات الرياضية، وجرائم الأموال والجرائم المالية التي تندرج في إطار مواجهة الفساد المالي والإعتداء على الأشخاص سواء في إطار عصابات إجرامية أو السرقات الموصوفة أو غيرها من الجرائم الخطيرة”.
وفي هذا السياق، أوقفت مصالح الشرطة القضائية، حسب رئاسة النيابة العامة، حوالي 162545 شخصا كانوا موضوع برقيات بحث على الصعيد الوطني، خلال النصف الأول من هذه السنة 2023، تمت إحالتهم على النيابات العامة المختصة من أجل اتخاذ الإجراء القانوني المناسب في حقهم.
تطورت الجريمة من حيث الخطورة والوسائل وطبيعة مقترفيها
- تحقيق الأمن القضائي
ودفعت النيابة العامة بحجة أخرى من أجل دعم موقفها الداعم لخيار الاعتقال تتصل بمبدأ التزامات الدولة في حماية المواطن وتكريس لدور القضاء في تفعيل مبدأ حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحريتهم وأمنهم القضائي طبقا لمقتضيات المادة 117 من الدستور.
واعتبرت أن “المبالغة في اعتماد المرونة في الإبقاء على المتورطين في جرائم في حالة سراح تتسم بنوع من الخطورة”، محذرة من أنه توجه “ستكون له عواقب وخيمة على أمن المجتمع والأفراد على حد سواء، ويهدد بنسف جهود المصالح الأمنية والشرطة القضائية في محاربة الجريمة من جهة أخرى”.
تلازم بين مواجهة الجريمة وحماية المواطن وحماية المواطن والمجتمع من آثارها
- ثقافة المجتمع
ومن بين ما دافعت به النيابة العامة عن الاعتقال الاحتياطي سيادة ثقافة الاعتقال داخل فئات مختلفة من المجتمع التي “دأبت في مناسبات عدة وعبر العديد من المنابر بما في ذلك وسائط التواصل الاجتماعي وغيرها على المطالبة بتفعيل آلية الاعتقال لردع مرتكبي الجرائم حتى ولو كانت بسيطة بدل المتابعة في حالة سراح”.
المطالبة بتفعيل الاعتقال بدل المتابعة في حالة سراح، تعود حسب رئاسة النيابة العامة، لما ترسخ من ثقافة لديها بأن تحقيق العدالة والزجر لا يكون إلا بالاعتقال وصدور أحكام بعقوبات سالبة للحرية.
في المقابل، تقول النيابة العامة إن مقاربة معالجة الجريمة تختلف من دولة لأخرى حسب خصوصيتها والثقافة السائدة لدى مواطنيها، وبالنسبة للمغرب فإن الأمر يتطلب العمل من أجل تغيير الثقافة السائدة حاليا لدى فئات من المواطنين الذين يرون أن العدالة الجنائية الناجعة تكمن في الاعتقال، وأن الردع الصائب هو العقوبات السالبة للحرية في جميع القضايا، وإلا فإن هذه العدالة تبقى منتقدة وغير مجدية.
المجتمع يطالب بالاعتقال لردع مرتكبي الجرائم
- خطورة الجرائم
من بين ما ساقته النيابة العامة في دفاعها عن الاعتقال، خطورة الجرائم التي يتابع بها السجناء، جيث يشير تصنيف الساكنة السجنية خلال سنة 2022 إلى أنه حوالي 30% من السجناء يؤاخذون من أجل الاتجار في المخدرات، و31% في إطار الجرائم المالية وجرائم الأموال، و30% من أجل جرائم الاعتداءات الخطيرة على الأشخاص، كالقتل أو تكوين عصابات إجرامية أواستعمال السلاح الأبيض.
كما تشير ذات المعطيات إلى أن القضايا الزجرية بالمحاكم تشكل حوالي 62%، من مجموع القضايا الرائجة بها وأن قضاة الحكم يبذلون مجهودات جبارة من أجل تصفيتها رغم عدة إكراهات مرتبطة بالجانب القانوني والواقعي، ولا سيما مسألة التبليغ.
ثلث السجناء يؤاخذون من أجل المخدرات وثلث آخر من أجل القتل
- نسب اعتقال معقولة
ودخلت النيابة العامة في إجراء مقارنة بين نسب المعتقلين احتياطيا في المغرب ودول انتقتها من أوروبا، لتخلص إلى أنه لا يتم اللجوء إليه في المغرب إلا عند الضرورة، بنسبة تصل إلى 24% من بين المقدمين أمامها والبالغ عددهم 309259، خلال النصف الأول من هذه السنة، وهي نسبة تراها جد معقولة مقارنة مع النسب المرتفعة المسجلة لدى بعض الدول الأخرى.
وفي ذات السياق، نسبة الاعتقال الاحتياطي مقبولة في المغرب حسب النيابة العامة مقارنة مع نسب الاعتقال الاحتياطي المسجلة في بعض دول الاتحاد الأوربي بحسب الأرقام التي نشرها مجلس أوروبا خلال سنة 2022، كما هو الحال بالنسبة لهولندا 45،2% و بلجيكا 38،4% ، و فرنسا 28،5 % ، وإيطاليا 31،5% ، والدانمارك 41،3% ، واللكسومبورغ 43،3% .
المعتقلين احتياطيا بالمؤسسات السجنية إلى غاية شهر يوليوز من هذه السنة انخفاضا، حيث بلغ حوالي 39% مقابل 40% خلال نفس الفترة من السنة الماضية، وعلى عكس النسب المسجلة خلال السنوات الفارطة الممتدة من سنة 2010 التي تراوحت ما بين 38 % و47 % إذ بلغت هذه النسبة على سبيل المثال سنة 2010 43% وخلال سنة 2011 حوالي %47.
الاعتقال الاحتياطي 24% في المغرب وقابل 45،2% في هولندا