story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

اكتشاف أول قرية من العصر البرونزي شمال المغرب

ص ص

لقد تم توثيق معظم مستوطنات العصر البرونزي في الأراضي الأوروبية. ورغم قربها الجغرافي، ظلت بلاد المغرب العربي غائبة دائما عن هذه الروايات التاريخية، حيث وُصفت خطأً بأنها كانت “أرضا قاحلة” حتى وصول الفينيقيين حوالي عام 800 قبل الميلاد.

غير أن البحث الذي قاده الطالب الباحث حمزة بنعطية ميلجاريجو من جامعة برشلونة، بمنطقة قشقوش نواحي مدينة تطوان كشف عن أول قرية من العصر البرونزي في هذه المنطقة الجغرافية، والتي سبقت العصر الفينيقي. ويعد هذا الاكتشاف ذا أهمية كبيرة لتاريخ أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.

وبحسب نتائج نشرتها مجلة Antiquity، فإن الحفريات في منطقة قشقوش، الواقعة في شمال غرب المغرب، تكشف عن تواجد بشري يعود تاريخه إلى الفترة ما بين 2200 و600 قبل الميلاد، ومن شأن هذا الاكتشاف أن يثبت أن هذا هو أول موقع لهذا التسلسل الزمني في أفريقيا المتوسطية باستثناء مصر.

وكان الفريق الدولي من الباحثين، بقيادة حمزة بنعطية ميلجاريجو، طالب دكتوراه في كلية الجغرافيا والتاريخ في جامعة برشلونة وعضو مجموعة أبحاث الآثار الكلاسيكية والبدائية في جامعة برشلونة، يعمل على مستوطنة قشقوش ما قبل التاريخ، والتي تمتد على مساحة تبلغ حوالي هكتار واحد بالقرب من واد لاو، على بعد 10 كيلومترات من الساحل الحالي، بالقرب من مضيق جبل طارق، وعلى بعد 30 كيلومترا جنوب شرق تطوان.

وقد كشفت الحفريات عن مراحل مختلفة من الاحتلال. بحيث كانت المرحلة الأولى، والتي تغطي الفترة ما بين 2200-2000 قبل الميلاد، وغن كانت حاضرة بشكل ضئيل، إلا أنها تبقى مهمة.
وتشير الأدلة إلى أن مرحلة الاحتلال الأولي كانت معاصرة للانتقال من العصر البرونزي إلى شبه جزيرة أيبيريا المجاورة.

أما المرحلة الثانية فتغطي الفترة ما بين 1300-900 ق.م، وتمثل فترة نابضة بالحياة في تاريخ المستوطنة.، بحيث تم حينها إنشاء مجتمع زراعي مستقر في منطقة قشقوش وهو أول دليل قاطع على الحياة المستقرة قبل الوجود الفينيقي في المغرب.
وتكشف مباني المشكلة من المواد الخشبية والصوامع المنحوتة في الصخر والحجارة المكدسة عن اقتصاد زراعي مزدهر يعتمد على المحاصيل مثل الشعير والقمح، إلى جانب الأغنام والماعز والأبقار.

بينما توضح المرحلة الثالثة، والتي تمتد من 800 إلى 600 قبل الميلاد، مرونة وإمكانية التكيف لدى سكان قشقوش، بحيث أنه خلال هذه الفترة، تم تقديم بعض الابتكارات الثقافية من شرق البحر الأبيض المتوسط، مثل الفخار القائم على الدور، والأدوات الحديدية، والتقاليد المعمارية الجديدة باستخدام الحجر. ويوضح هذا الاندماج بين الممارسات المحلية والأجنبية كيف شارك المجتمع بشكل فعال في شبكات التبادل المتوسطية.

“تعتبر قشقوش أحد أقدم الأمثلة الموثقة للاستيطان المستمر في المغرب العربي، وتحكي قصة مختلفة تمامًا عن القصة التي كانت موجودة منذ فترة طويلة: بحيث يوضح هذا الموقع تاريخ المجتمعات المحلية الديناميكية التي كانت بعيدة كل البعد عن العزلة”، يقول بن عطية.

وأضاف الباحث في جامعة برشلونة: “أن الحفريات في هذا الموقع تشكل خطوة أخرى في تصحيح هذه التحيزات التاريخية وتكشف أن المغرب شارك بنشاط في الشبكات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للبحر الأبيض المتوسط”.