story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

اعليا: إغلاق مضيق هرمز قد يدفع أسعار النفط إلى مستويات قياسية

ص ص

في ظل التصعيد العسكري المتواصل بين طهران وواشنطن، بعد دخول الأخيرة بشكل مباشر على خط الحرب المشتعلة بين إيران وإسرائيل، أعلنت وسائل إعلام إيرانية أن البرلمان صوّت لصالح إغلاق مضيق هرمز، الذي يعد واحداً من أهم المضائق البحرية في العالم، في خطوة وُصفت بالتصعيدية، بينما أُحيل القرار إلى المجلس الأعلى للأمن القومي لاتخاذ الموقف النهائي.

ويأتي هذا التطور عقب غارات جوية نفذتها الولايات المتحدة، فجر الأحد 22 يونيو 2025، استهدفت منشآت نووية استراتيجية في فوردو ونطنز وأصفهان، في إطار دعمها العسكري والاستخباراتي المتواصل لإسرائيل ضمن صراع إقليمي مفتوح.

وقد أججت هذه الضربات المخاوف العالمية من احتمال إغلاق المضيق الحيوي، الذي يعبر من خلاله ما يقارب 40% من النفط المنقول بحرًا و20% من الغاز الطبيعي المسال عالميًا، مما يهدد بشلّ حركة الملاحة البحرية ويُربك إمدادات الطاقة للأسواق الدولية.

وفي هذا السياق، حذّر الخبير الاقتصادي ياسين اعليا من التداعيات الخطيرة التي قد تترتب على تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز، واصفًا إياه بـ”التطور البالغ الخطورة” الذي من شأنه أن يُربك تموين الأسواق العالمية بالنفط والغاز، ويدفع بأسعارهما إلى مستويات غير مسبوقة.

وفي تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أكد اعليا أن مضيق هرمز يشكل شريانًا حيويًا يمرّ عبره نحو ربع الإنتاج العالمي من النفط، معتمدًا من قِبل دول رئيسية في سوق الطاقة مثل السعودية، الإمارات، قطر، الكويت، العراق، وإيران.

وأوضح أن هذا المعبر الجغرافي الحساس، يُعد عنصرًا استراتيجيًا في استقرار السوق الطاقية، وأي تهديد بإغلاقه يُنذر باضطراب عميق في الإمدادات.

وأشار الخبير إلى أن بعض الدول، كالسعودية والإمارات، تمتلك بدائل استراتيجية عبر شبكات أنابيب تنقل النفط إلى البحر الأحمر، ما يمنحها هامش مناورة، في حين تبقى دول أخرى كقطر والكويت والعراق مرتبطة كليًا بالمضيق، مما يجعلها عرضة مباشرة لأي تصعيد أو مراقبة إيرانية مشددة قد تعطل حركة تصديرها.

وحذر المتحدث من أن أي اضطراب في الملاحة داخل المضيق سيؤدي حتماً إلى قفزة حادة في أسعار النفط والغاز، وهو ما أكدته تقارير اقتصادية حديثة، بينها تقرير لوكالة بلومبرغ، الذي توقع تجاوز سعر برميل النفط حاجز 120 إلى 130 دولارًا، وهو ما قد يعيد الأسواق الدولية إلى أجواء أزمة طاقية خانقة لم تتعافَ منها بعد.

وأضاف أن التوتر في الخليج يتقاطع مع تصاعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، على خلفية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، مما يفاقم حالة الغموض الاقتصادي العالمي في ظل غياب توافق واضح بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.

وختم اعليا تحليله بالتنبيه إلى أن استمرار التهديدات في منطقة الخليج، باعتبارها الخزان الرئيسي للطاقة عالميًا، قد يؤدي إلى اندلاع مواجهة عسكرية شاملة، ستكون لها آثار مدمرة على النمو العالمي، ومستويات الطلب، واستقرار الأسواق، موضحًا أن الطاقة تظلّ عصب الاقتصاد الدولي، وأي اختلال في إمداداتها ستكون له تبعات اقتصادية عميقة تشمل كل القطاعات.

مخاوف كبيرة

من جانبها حذّرت الصين، الاثنين 23 يونيو 2025، من أن إغلاق مضيق هرمز سيشكّل تهديداً مباشراً لأحد أهم المسارات الحيوية لتجارة السلع والطاقة العالمية، مؤكدة أن أمن منطقة الخليج يمثل مصلحة مشتركة للمجتمع الدولي.

جاء ذلك على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غوه تشياوكون، خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة بكين، إذ أشار إلى أن أي تصعيد في المنطقة، خصوصاً في ما يتعلق بإغلاق المضيق، ستكون له تبعات سلبية على الاقتصاد العالمي بأسره.

وأتت التصريحات الصينية عقب تصريحات للنائب الإيراني وعضو لجنة الأمن القومي في البرلمان إسماعيل كوثري، الذي قال إنّ البرلمان الإيراني توصّل إلى قناعة بضرورة إغلاق مضيق هرمز رداً على الغارات الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية.

وفي بروكسل، عبّرت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن قلقها من التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، ووصفت أي تحرك من جانب إيران لإغلاق المضيق بأنه سيكون “بالغ الخطورة ولن يصبّ في مصلحة أي طرف”.

وأوضحت كالاس، خلال مؤتمر صحافي عقدته قُبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أن التوترات الحالية تثير مخاوف كبيرة لدى الأوروبيين، مشيرة إلى أهمية إيجاد حل دبلوماسي للأزمة.

دعوة للردع

من جهته، دعا وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الصين إلى استخدام نفوذها للضغط على طهران من أجل تجنب إغلاق مضيق هرمز، إذ قال في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز: “نحض الحكومة الصينية على التواصل مع إيران بشأن هذه المسألة، لأن اعتمادها على النفط المار عبر المضيق كبير جداً”.

وأشار روبيو إلى أن أي إغلاق للمضيق سيكون بمثابة “خطأ فادح” و”انتحار اقتصادي” لإيران، مؤكداً أن الولايات المتحدة تمتلك خيارات متعددة للرد، مشددا على أن الضرر الاقتصادي سيطال دولاً كثيرة أخرى، ما يتطلب استجابة دولية أوسع.

ومنذ 13 يونيو تشنّ إسرائيل عدواناً واسعاً على إيران يستهدف منشآت نووية وقواعد وقادة عسكريين وعلماء نوويين ومدنيين، فيما تردّ طهران بضرب مقرات عسكرية واستخباراتية إسرائيلية بصواريخ بالستية وطائرات مسيّرة، ما خلّف قتلى وجرحى لدى الجانبين.

مضيق هرمز

مضيق هرمز، هو طريق ملاحي ضيق في منطقة الخليج، يشكل منفذ نفطه إلى العالم الخارجي، يعبر منه ثلثا الإنتاج النفطي الذي يستهلكه العالم، وظل عبر التاريخ محط صراعات دولية، وسبق إيقاف تصدير النفط عبره إلى أميركا والدول الأوروبية لدعمها إسرائيل في حرب 1973، ويشكل نقطة محورية للتوترات الدولية بين طهران والغرب.

من الناحية الجغرافية، تبدأ حدود المضيق شمالًا وغربًا من خط يمتد من رأس الشيخ مسعود في شبه جزيرة مسندم العُمانية، مرورًا بجزيرة هنجام وجزيرة قشم، حتى الساحل الإيراني، وهو ما يُشكّل الحد الفاصل بين المضيق والخليج العربي.

أما حدوده الجنوبية الشرقية، فتمتد من رأس دبا على الساحل الإماراتي وصولًا إلى دماجة على الساحل الإيراني، وهو الخط الذي يفصل بين المضيق وخليج عُمان.

ويتكوّن الساحل الشمالي للمضيق من الأجزاء الشرقية لجزيرتي قشم ولاراك الإيرانيتين، في حين يتشكّل ساحله الجنوبي من السواحل الغربية والشمالية لشبه جزيرة رأس مسندم العُمانية.

وبفضل موقعه الجغرافي المداري، يتمتع مضيق هرمز بظروف مناخية تسمح بالملاحة طوال العام. يبلغ طوله حوالي 280 كيلومترًا، بينما يصل عرضه إلى 56 كيلومترًا، مع وجود ممرين ملاحيين ضيقين لا يتجاوز عرض كل منهما ميلين بحريين (نحو 10.5 كيلومترات) مخصصين لحركة السفن في الاتجاهين.

ويتجه الممر الأول شرقًا نحو خليج عُمان، بينما يتجه الثاني غربًا نحو الخليج العربي، وتفصل بينهما عدد من الجزر، من بينها جزر الطنب وفرور، لتجنب تصادم السفن المتجهة في الاتجاهين.

ويُحيط بالمضيق أكثر من 100 جزيرة، معظمها يقع على الجانب الإيراني شمالًا وشمال غرب المضيق، من بينها جزيرتا هرمز ولاراك. أما في الجنوب، بمحاذاة الساحل العُماني، فتقع جزر مثل أم الغنم وسلامة وبناتها، إلى جانب شبه جزيرة مسندم.