استرجاع سبتة ومليلية.. “فوكس” يطالب مدريد بضمانات من المغرب بعدم إثارة الملف

تستمر المخاوف في إسبانيا من احتمال مطالبة المغرب باسترجاع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وقد وصلت هذه المخاوف إلى داخل قبة البرلمان الإسباني في مدريد.
في هذا السياق، أفادت وسائل إعلام إسبانية بأن حزب “فوكس” اليميني المتطرف طالب الحكومة الإسبانية بتوضيح موقفها، عبر سؤالين كتابيين قدمهما إلى مجلس النواب، يوم الثلاثاء 11 مارس 2025، للاستفسار عما إذا كانت الحكومة قد تلقت ضمانات رسمية من المغرب بعدم المطالبة بالمدينتين.
وجاء في بيان الحزب: “نظراً للتهديدات المستمرة من المغرب لسيادة سبتة ومليلية، فقد تم توجيه سؤالين كتابيين إلى حكومة سانشيز لمعرفة ما إذا كانت قد تلقت ضمانات رسمية بعدم مطالبة المغرب بالمدينتين المحتلتين”.
كما تساءل الحزب عن سبب عدم إصدار الحكومة مذكرة احتجاج رسمية إلى السلطات المغربية بشأن تأسيس “لجنة تحرير سبتة ومليلية” في المغرب، مشيراً إلى أن الحكومة تكتفي بالإشادة بعلاقاتها الجيدة مع الرباط بدلاً من اتخاذ موقف حازم.
وأكد الحزب أنه يسعى لمعرفة “لماذا لم يتم الرد بشكل مباشر على هذه الخطوة المغربية؟”
ويأتي هذا الاحتجاج في سياق إعادة تفعيل “لجنة تحرير سبتة ومليلية” في نونبر الماضي، إذ عقد اجتماع في بني أنصار بإقليم الناظور بحضور ممثلين عن حوالي مائة جمعية، وفقاً لصحيفة “لا راثون”، التي ذكرت أنه من المتوقع الإعلان عن تعيين نائب رئيس مجلس جماعة بني أنصار، عبد الحميد عقيد، رئيساً للجنة، وهو ما نفاه الأخير لاحقاً.
وطالب حزب “فوكس” الحكومة الإسبانية بتوضيح موقفها بشكل قاطع بشأن إدانة إنشاء هذه اللجنة، واعتبر أن ردود حكومة سانشيز حتى الآن “مراوغة وغير حاسمة”، داعياً إلى موقف حازم في الدفاع عن السيادة الإسبانية على المدينتين المحتلتين.
ويستند الحزب في موقفه إلى استطلاعات رأي تشير إلى أن 70% من الإسبان يشعرون بالقلق إزاء وحدة وسلامة أراضي بلادهم، خاصة مع استمرار نشاط لجان التحرير في المغرب، وفقاً لصحيفة “إل فارو دي سبتة”.
بين التطمين والتهديد
يتواصل الجدل في الأوساط الإسبانية بشأن احتمال تحرك مغربي لاستعادة المدينتين، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مما دفع وزير الخارجية الإسباني إلى التعليق على هذه المخاوف.
وقال وزير الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مقابلة مع قناة Telecinco، إن “العلاقة الجيدة بين الولايات المتحدة والمغرب لن تضر بإسبانيا في سبتة ومليلية المحتلتين”. وأضاف أن المدينتين “مندمجتان تماماً داخل إسبانيا، وهذا أمر واضح للجميع”.
وشدد ألباريس على أنه “لا يمكن أن يكون هناك أي تأثير سلبي على الإطلاق”، مشيراً إلى أن المغرب “بلد صديق وشريك استراتيجي، والولايات المتحدة كانت تاريخياً الحليف الطبيعي لجميع الأوروبيين”.
في المقابل، حذّر الأميرال الإسباني المتقاعد خوان رودريغيز غارات من أن أي محاولة للسيطرة على المدينتين ستواجه برد فعل قوي من الجيوش الأوروبية في إطار الجيش الموحد الذي يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تأسيسه.
وقال غارات: “أول جهد يجب بذله لتأسيس هذا الجيش هو أن يشعر الإسبان بأن الدفاع عن لاتفيا (وهي دولة أوروبية على حدود روسيا) يخصهم، وأن يشعر اللاتفيون بأن الدفاع عن سبتة ومليلية يخصهم أيضاً”.
قلق أمني
من جهة أخرى، أثارت وسائل إعلام إسبانية، مثل “إل إسبانيول”، مخاوف بشأن احتمال إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موقفاً مشابهاً لاعترافه السابق بمغربية الصحراء، هذه المرة بشأن سبتة ومليلية.
وفي تقرير نُشر يوم الأحد 23 فبراير 2025، تحت عنوان “خوف في سبتة ومليلية من مسيرة خضراء جديدة بدعم من ترامب”, أشارت صحيفة “إل إسبانول” إلى أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تثير قلقاً داخل الأوساط العسكرية والأمنية الإسبانية، خاصة مع تقاربه المعروف مع المغرب.
وبينما يتجنب السياسيون والمسؤولون المحليون في سبتة ومليلية الإدلاء بتصريحات علنية حول الموضوع، مفضلين التركيز على قضايا مثل فتح الجمارك التجارية، فإن الأوساط العسكرية والأمنية تعيش قلقاً متزايداً، إذ تخشى أن تؤثر العلاقة الجيدة بين إدارة ترامب والرباط على الوضع الأمني للمدينتين.
ويشير مراقبون إلى أن المدينتين لا تخضعان لحماية مباشرة من قبل حلف الناتو، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في ظل هذه المخاوف الإسبانية.