احتجاجات متواصلة بأزيلال.. ساكنة 4 جماعات تشدّ الرحال نحو العمالة

يعيش إقليم أزيلال بجهة بيني ملال- خنيفرة في الشهور الأخيرة، على وقع مسيرات احتجاجية لا تكاد تهدأ حتى تبدأ من جديد، إذ شهدت المنطقة، صباح يوم الثلاثاء 9 شتنبر 2025، خروج مسيرات جديدة في اتجاه مقر العمالة، بعدما انطلقت من أربع جماعات مختلفة بالإقليم.
وتتحرك وفود من دواوير هذه الجماعات مشيًا على الأقدام في خطوة رمزية تهدف إلى إسماع صوت الساكنة ولفت الانتباه إلى أوضاعهم المعيشية الصعبة.
وتأتي هذه المسيرات امتدادًا لسلسلة احتجاجات متواصلة عرفها الإقليم خلال الأشهر الماضية، إذ يطالب المحتجون بتحسين أوضاع التعليم والصحة والبنية التحتية، فضلا عن المطالبة ببرامج تنموية تعالج العزلة والتهميش الذي تعاني منه مناطق جبلية واسعة ظلت محرومة من أبسط الخدمات الأساسية.
ورفع المحتجون، خلال هذه المسيرات، شعارات تطالب بفتح مدرسة جماعاتية وتوفير طبيب دائم بالمستوصف المحلي، مؤكدين أن “حرمان منطقتهم من الإدماج في المجال الحضري ساهم في تعميق معاناتهم وجعل هذه المطالب على رأس أولوياتهم”.
ورغم اختلاف المسارات وتنوع المطالب، يلتقي المحتجون عند قاسم مشترك يتمثل في إصرار الساكنة على تحسين أوضاع منطقتهم وضمان حقهم في التعليم والصحة والبنيات التحتية الأساسية.
وفي السياق أكد هشام أزرو، نائب الكاتب المحلي لفيدرالية اليسار الديمقراطي فرع أزيلال، أن المسيرات الاحتجاجية التي يعرفها الإقليم انطلقت من أربع جماعات مختلفة هي: أيت محمد، تيلوكيت، تاكلفت، وأيت عباس، حيث تتحرك وفود من دواوير تابعة لهذه الجماعات في اتجاه مقر العمالة، للمطالبة بحقوق أساسية اعتبر أنها من المفترض أن تكون متوفرة دون الحاجة إلى الاحتجاج.
وأوضح أزرو في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن المطالب الأساسية تتوزع على أربعة محاور رئيسية، وهي التعليم عبر إنشاء ثانويات تأهيلية، إعداديات، ومدارس جماعاتية، والصحة من خلال تجهيز وبناء مستوصفات ومراكز صحية، والبنية التحتية عبر تعبيد الطرق لتسهيل تنقل المواطنين نحو المراكز، والحماية من الكوارث الطبيعية، خاصة ما يتعلق بحماية الحقول والمنازل والدواوير من خطر الفيضانات.
وأضاف المتحدث أن رقعة هذه المطالب تتوسع لتشمل أيضا الربط الكهربائي ومجموعة من الخدمات الاجتماعية الأساسية الأخرى، معتبرًا أن الوضعية التنموية بالإقليم بلغت حدًا لا يمكن تجاهله.
واعتبر أزرو أن إقليم أزيلال “إقليمًا منكوبًا داخل المغرب”، على غرار عدد من الأقاليم التي تعاني من هشاشة الأوضاع، موضحا أن المسيرات أصبحت شبه يومية، حيث تتجه وفود من الدواوير بشكل متكرر نحو مقر العمالة،
وأكد نائب الكاتب المحلي لفيدرالية اليسار الديمقراطي أن بعض المطالب يتم التجاوب معها، “فيما يُقابَل البعض الآخر بالتسويف والوعود غير المنجزة”، معتبرا أن هذا الوضع يعكس عمق الأزمة التنموية في المنطقة، مما يستدعي، حسب قوله، “وضع برنامج خاص للتنمية المحلية في أزيلال، مع تخصيص ميزانية حقيقية تستجيب لحاجيات الساكنة”.
كما انتقد هشام أزرو الجماعات الترابية التي “تتذرع بضعف الإمكانات المالية وكونها جماعات نائية”، معتبرًا أن هذا الخطاب يعطل فتح الأوراش ومعالجة الإشكالات القائمة.
وخلض الفاعل السياسي إلى التأكيد على أن هذه المسيرات السلمية ما هي إلا صافرات إنذار لإعادة الاعتبار لمغرب الهامش والمواطن الجبلي، داعيًا الدولة إلى مراجعة أولوياتها وإعادة النظر في سياساتها تجاه المناطق المهمشة، التي تُوصَف منذ زمن بـ”المغرب غير النافع” أو “مغرب الجبال”، والتي تركها الاستعمار في دائرة الإقصاء.
وسبق لإقليم أزيلال أن شهد يوم 9 يوليوز 2025 مسيرة احتجاجية مماثلة، انطلقت من قلب منطقة آيت بوكماز في اتجاه ولاية بني ملال مرورًا بعاصمة الإقليم، وقد قطع المحتجون آنذاك مسافة طويلة مشيًا على الأقدام، رافعين مطالب تنموية أساسية، في مقدمتها توسيع الطريق نحو أزيلال عبر تيزي نتغريست وآيت عباس لتسهيل الوصول إلى المنطقة وربطها بالمناطق المجاورة.
كما شملت المطالب تغطية الدواوير بشبكة الهاتف والإنترنت، إلغاء رخص البناء في المناطق النائية، تعيين طبيب رئيسي بالمركز الصحي، وإقامة ملعب كبير لكرة القدم لتوفير فضاءات للشباب.