story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

اتفاقية الحدود…احتفاء حزائري وتحفظ مغربي

ص ص

استندت الاتفاقية إلى معاهدة إفران لمنتصف يناير 1969، ولتصريح تلمسان المشترك المؤرخ بـ27 ماي 1970، ولبلاغ الرباط بتاريخ 15 يونيو 1972. كما أشارت في تصديرها إلى معاهدة رسم الحدود المبرمة بللا مغنية في تاريخ 18 مارس 1845، وكذا إلى النصوص الموالية، خاصة منها اتفاقية 20 يوليوز 1901، واتفاق 20 أبريل 1902، فيما يرجع لمقتضياتهما المتعلقة برسم الحدود بين الدولتين.

وتنص المادة الأولى من الاتفاقية، على أن الحدود الفاصلة بين البلدين تتبع، إلى ثنية الساس، الخط المرسوم في الخرائط المرفقة (15 خريطة) والملحقة بهذه المعاهدة وتعتبر جزءا لا يتجزأ منها.

المعاهدة التي قام بتوقيعها كل من أحمد الطيبي بن هيمة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي، وعبد العزيز بوتفليقة، بصفته عضوا في مجلس الثورة ووزيرا للخارجية الجزائرية، تخصص مادتها الأولى لوصف شامل لخط الحدود الفاصلة بين البلدين من خلال ذكر أسماء المواقع والنقط التي يمر بها هذا الخط. بينما تشير المادة الثانية إلى أن خط الحدود المتفق عليه يشكل الحدود الأرضية كما يحدد عموديا السيادة في الفضاء الجوي إلى جانب ملكية باطن الأرض. فيما خوّلت المادة الثالثة للجنة مشتركة يشكلها الطرفان، مهمة مباشرة وضع المعالم الحجرية للحدود الجزائرية المغربية الموصوفة في المادة الأولى.

المادتان الرابعة والخامسة من المعاهدة نصتا على كيفية اشتغال اللجنة المشتركة، حيث ألزمتاها بالقيام بمهامها خلال ثلاث سنوات ابتداء من منتصف أكتوبر 1972، ليتم ضم الوثيقة النهائية لأعمالها إلى المعاهدة. وفي حال عدم مباشرة هذه اللجنة لأعمالها، تنص المادة الخامسة على حق أي من الطرفين في مباشرة وضع المعالم شريطة إخبار الطرف الآخر.
تنص المادة السابعة من المعاهدة على أنها بمثابة تسوية نهائية لقضايا الحدود بين الجزائر والمغرب، وأن العمل بها يبدأ بمجرد تبادل وثائق المصادقة (المادة 8)، فيما تشير المادة التاسعة إلى تسجيل المعاهدة لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة وفقا للمادة 102 من ميثاق المنظمة الأممية.

معاهدة رسم الحدود المبرمة بلا مغنية في تاريخ 18 مارس 1845، التي يشير إليها اتفاق 1972، تشير إلى رسم خط طوله مائة كيلومتر يبدأ من البحر المتوسط في مصب وادي “كيس” إلى غاية “ثنية الساسي”. فيما يبدأ خط آخر من هذه النقطة وإلى غاية الأطلس الصحراوي، حيث تم الاكتفاء بتوزيع القصور والقبائل بين البلدين، دون رسم خط واضح، على أن ما دون ذلك جنوبا يبقى دون تحديد لعدم وجود جدوى منه، بما في ذلك واحات “توات” و”غزارة” وتيديلكت”.

وتعترف معاهدة للا مغنية صراحة بسيادة المغرب على واحة فكيك، كما تنص على اعتبار نهر ملوية بمثابة حدود فاصلة بين المغرب والجزائر، فيما توقف الخط الحدودي عند بداية المجال الصحراوي في الجنوب، على اعتبار أن هذه الأرض “غير محروثة”، وبالتالي فهي “مُشاع”.

احتفاء جزائري وتحفظ مغربي

سارعت الجزائر إلى المصادقة على اتفاقية رسم الحدود مطلع العام 1973 ونشرتها في جريدتها الرسمية، بينما أحجم المغرب عن القيام بأية خطوة في هذا الاتجاه إلى غاية متم عقد الثمانينيات، إذ يشير السجل الرسمي الخاص بالمعاهدات المسجلة لدى منظمة الأمم المتحدة، إلى أن الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ في 14 ماي 1989، باعتباره تاريخ تبادل أدوات التصديق بين البلدين. ولن نجد لهذه الاتفاقية أثرا في السجلات المغربية إلا منتصف العام 1992، حين نشر نصها في الجريدة الرسمية في شكل ظهير ملكي يشير عنوانه إلى أنه يقرر “النشر” بناء على وثائق المصادقة التي تبادلها البلدان منتصف ماي 1989.

ويوضح مؤرخ المملكة السابق، المفكر حسن أوريد، في الجزء الثاني من حواره من قناة الجزيرة (برنامج المقابلة)، كيف أن تاريخ العلاقات المغربية الجزائرية هو تاريخ للفرص الضائعة، مشيرا إلى اللقاء الذي كان يفترض أن يجمع كلا من الحسن الثاني وبومدين في العاصمة البلجيكية بروكسيل سنة 1978، ليباغت الموت الرئيس الجزائري. فيما تتمثل الفرص الضائعة الأخرى، حسب أوريد، في لحظة الانفتاح في علاقات البلدين نهاية الثمانينيات وسمحت بتأسيس اتحاد المغرب العربي، والتي أوقفها اندلاع العشرية السوداء في الجزائر واغتيال الرئيس محمد بوضياف.

بعد ذلك بنحو عقد كامل من الزمن، سوف نجد أثرا جديدا لهذه الاتفاقية، وذلك في السجل الخاص بالمعاهدات الدولية، الذي تمسكه الأمانة العامة للأمم المتحدة، إذ يشير هذا المرجع إلى أن الجزائر هي التي بادرت إلى تسجيل المعاهدة واستصدرت لها شهادة رسمية باعتبارها اتفاقية أنهت مراحل التوقيع والمصادقة.

بالمقابل تحفل السجلات المغربية بمواقف التحفظ والرفض تجاه هذه الاتفاقية. فالراحل محمد المعزوزي، أحد أبرز الخبراء المغاربة في مسألة الحدود، اعتبر أنها وقعت في فترة “حرجة” من تاريخ المغرب، “لعب فيها أوفقير دورا مشؤوما، وقد كان رهانه مركزا على تصفية الحدود لصالح الجزائر”.

فبعد شهرين فقط، من توقيع الاتفاقية، جاءت المحاولة الانقلابية الثانية ضد الملك الحسن الثاني، بقيادة الجنرال أوفقير. وبعد “انتحار” هذا الأخير، قام أعضاء من الحكومة الجزائرية بتقديم العزاء لعائلته مما أثار العديد من التساؤلات.

الملف الكامل حول “الحدود الحقة.. أضواء على الزوايا المظلمة من الحدود الترابية للمغرب” في عدد مجلسة “لسان المغرب”