اتفاق “30 أبريل” يحدث انقساما في احتفالات “فاتح ماي”
يحل فاتح ماي، عيد الشغل الأممي هذا العام بالمغرب، في سياق استثنائي تنقسم فيه الشغيلة إلى فريقين، الأول يخلد هذه الذكرى بالاحتفال بما أفرزه الحوار الاجتماعي بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين. فيما يخلد الفريق الثاني هذا اليوم رافعا انتقادات وملاحظات على مضامين اتفاق 30 أبريل بين النقابات والحكومة.
رفض نقابي للـ”غموض”
وتقاطرت في اليومين الماضيين، التفاعلات مع مخرجات جولة الحوار الاجتماعي التي أفرزت الإثنين اتفاقا بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية، ومنها ما جاء على لسان الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذي عارض الاتفاق ووصفه بـ”الغامض”، مشتكيا إبعاده من المشاورات.
وقال الاتحاد في بلاغ له أصدره أمس الثلاثاء 30 أبريل 2024، إن اتفاق 30 أبريل “تضمن الكثير من النوايا والقليل من الإجراءات المجدولة زمنيا وماليا، وتنكر لمجموعة من الالتزامات الحكومية السابقة، من قبل الدرجة الجديدة والتعويض عن المناطق النائية والصعبة، وتحسين شروط الاستفادة من تعويض صندوق فقدان الشغل، وتجاهل القانون المنظم للنقابات وإصلاح النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
وعبر الاتحاد عن رفضه لما وصفه بالمس بحقوق الشغيلة المغربية ومكتسباتها في الملفات الاجتماعية الكبرى كالتقاعد، والحق في الإضراب وإقصاء بعض مكونات الشغيلة المغربية من الزيادة العامة في الأجور والالتفاف على حقوقها.
كما رفض الاتحاد ما قال إنه ترحيل للزيادة في الأجور بالنسبة للقطاع الخاص إلى السنوات المقبلة، بما يمثل حسب قوله التفافا غير مبرر لحق شغيلة القطاع الخاص في زيادة مباشرة حقيقية في أجورهم.
موقف “الكتاب”
نفس الموقف عبر عنه بصيغة أخرى حزب التقدم والاشتراكية، الذي وبالرغم من أنه سجل إيجابا مضامين الاتفاق الاجتماعي إلا أنه بالمقابل من ذلك حذر الحكومة من “استخدام منطق مُقايضة المكاسب الحالية للأجراء بمحاولة تمرير أيِّ صيغٍ لقانون الإضراب أو لإصلاح منظومة التقاعد يكونُ فيها مساسٌ بالحقوق النقابية للأجراء، أو بقدرتهم الشرائية، أو بوضعياتهم المادية بعد التقاعد”.
وطالب الحكومة في بلاغ له أمس الثلاثاء 30 أبريل بـ”الحرص على تنفيذ الاتفاق الاجتماعي الحالي، وتشجيع المفاوضات والاتفاقيات الجماعية، والنهوض بالحوار الاجتماعي المنتج للحلول قطاعيا وترابيا”.
وطالبها أيضا بـ”اتخاذ إجراءاتٍ اجتماعية ملموسة الأثر، كالرفع من قيمة المعاشات؛ وملاءمة دخل الأجراء مع معدلات التضخم؛ ومراقبة وضبط الأسعار؛ واستعمال الوسائل التنظيمية والجمركية والضريبية والمداخيل الإضافية من أجل حماية القدرة الشرائية للمغاربة عموماً والأجراء تحديداً”.
انتقادات “اليسار الموحد”
ومن جانبه ضمن حزب اليسار الموحد في بلاغ له بمناسبة فاتح ماي إشارات، قال فيها إن الطبقة العاملة بالمغرب تخلد عيدها الأممي، “في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و افتقاد الحاكمين لحلول ناجعة للأزمة البنيوية المركبة التي يتخبط فيها الاقتصاد المغربي”.
وتابع أن ذلك تؤدي ثمنه “الطبقة العاملة المغربية التي مافتئت تلتهب بالارتفاع المتزايد للأسعار وتدهور قدرتها الشرائية مع استمرار ارتفاع مؤشر نسبة التضخم و معه الارتفاع المتزايد لنسبة البطالة. لتجد نفسها مرة أخرى في مواجهة الحاكمين المصرين على المضي قدما في اختياراتهم اللاشعبية و اللاديمقراطية”. وفق تعبير الحزب.
ونبه لخطورة ما يقول إنه “يحاك ضد الشغيلة بخصوص الادعاء بإصلاح صناديق التقاعد وفق الوصفة الثلاثية الجاهزة: مزيد من الاقتطاع، تمديد سن تقاعد وتحديد سقف أجرة التقاعد. ويحمل الحكومة المسؤولية الكاملة في ضرب مكتسبات الشغيلة وما ستؤول إليه الأوضاع الاجتماعية في حالة تمرير وفرض مثل هذه الخيارات اللاشعبية”.
احتفال النقابات الموقعة
وعلى الجانب الآخر المقابل لهذه الآراء، تحتفل النقابات الموقعة على مضامين جولة الحوار الاجتماعي بالعيد الأممي للشغيلة في سياق يطبعه ما يقولون إنها مكتسبات “هامة” حازتها الشغيلة من خلال مخرجات الحوار الاجتماعي.
ونموذج ذلك، الاتحاد المغربي للشغل الذي قال إن توقيعه الاتفاق مع رئيس الحكومة وأرباب العمل يكرس مكتسبات جديدة لفائدة عموم الأجراء في القطاع العام وفي القطاع الخاص، موردا أن هذا الاتفاق الجديد يأتي في إطار الحوار الاجتماعي وتنفيذا للميثاق الاجتماعي الموقع في 30 أبريل 2022.
وأضاف بلاغ له، أن “هذا الاتفاق يأتي كذلك بناء على المذكرة المطلبية التي رفعها الاتحاد المغربي للشغل إلى رئيس الحكومة، وتتويجا لسلسلة من الاجتماعات التفاوضية الماراتونية والعسيرة التي باشرتها الوفود المفاوضة مع أعضاء الحكومة في اللجان الموضوعاتية منذ اللقاء الأول الذي جمع الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل ورئيس الحكومة يوم 26 مارس 2024”. وفق كلام الاتحاد.