“إلباييس”: قوارب ممتلئة بشباب الريف ترسو بسواحل إسبانيا
كشف تقرير لصحيفة “إلباييس” الإسبانية، عن تنامي ظاهرة الهجرة غير القانونية من الشمال المغربي نحو السواحل الاسبانية خلال الأشهر الأخيرة، ليقف عند ما وصفه بتسامح الحكومة المغربية مع هجرة الشباب خصوصا من منطقة الريف، لتجنيب المنطقة أي توتر، بعدما عاشته خلال “حراك الريف” خلال سنة 2016، ولا زالت تعيش المنطقة تبعاته في ظل استمرار وجود معتقلين على خلفية الحراك يجرون وراءهم أحكام سجن ثقيلة.
رحلة يقودها أباطرة المخدرات وتكلف 10 ملايين سنتيم
وتقف الصحيفة في تقريرها الذي نشرته بداية هذا الأسبوع، على تزايد وصول المغاربة على متن قوارب تقليدية إلى السواحل الأندلس خلال الأشهر القليلة الماضية، في رحلة خطرة ومكلفة، يدبرها ويسيرها أباطرة مخدرات، وتكلف عشرة آلاف أورو، ما يقارب العشرة ملايين سنتيم للفرد الواحد.
ومن بين أغرب ما يشير إليه التقرير، أن هذه الموجة الجديدة من الرحلات، تتم في وضح النهار، وفي مجموعات كبيرة، يصل عدد الواصلين ضمنها للسواحل الاسبانية من المغرب إلى 70 شخص في المجموعة الواحدة.
رحلة “المهاجرين الجدد” تجعل في غالب الأحيان ألميريا مستقرا لهم، وهو ما يفسر تضاعف أعدادهم خلال هذه الفترة الأخيرة بست مرات في هذه المدينة، بشكل لا تخطئه العين، حيث انتقل العدد من 600 شخص إلى 3500 إلى حدود الآن.
ومنتصف الشهر الماضي فقط، سجلت إسبانيا وصول 25 ألف شخص بطريقة غير قانونية، 35 في المائة منهم من المغرب، وهو عدد ليس استثنائيا لكنه يمثل ضعف المغاربة الذين وصلوا إليها خلال العام الماضي.
تضاعف الأرقام هم على الخصوص المرحلة ما بين شهري ماي وشتنبر، حيث أن أكثر من 5000 مغربي عبروا من منطقة الشمال نحو اسبانيا على متن قوارب حسب ما أحصته اسبانيا رسميا، وسط توقعات بأن يكون العدد أكبر.
كيف لهذا العدد من المغاربة أن يتهربوا من أعين المراقبة؟
وربطت الصحيفة بين هذا الرحيل الجماعي من شمال المغرب وأحداث حراك الريف التي عاشتها المنطقة سنة 2019 وخلفت معتقلين محكومين بعقوبات ثقيلة، حيث رصدت مغادرات بالآلاف من الناظور والحسيمة قالت إنها تسائل عمل قوات الأمن المغربية و” كيف يمكن لهذا العدد من المغاربة أن يتهربوا من أعين المراقبة في هذه المنطقة ولماذا الآن”.
ونقلت الصحيفة تصريحا لمراقب قالت إنه قريب من الموضوع يحلل فيه هذا التزايد الكبير في أعداد شباب الريف المهاجرين، قال إن “السلطات المغربية تبذل مجهودات أقل بكثير لوقف الهجرة من هذه المنطقة مقابل ما تبذله مع المهاجرين القادمين من دول افريقيا جنوب الصحراء”، ليخلص على أن “الحكومة المغربية تتسامح مع هجرة ساكنة الريف لتفادي عدم الاستقرار الآن، رغم أن الهجرة من الريف كانت حاضرة دائما”.
وجوه كثيرة غادرت الريف لطلب اللجوء السياسي في أوروبا
منذ الحكم على نشطاء حراك الريف بتهم ثقيلة وسنوات سجن طويلة تصل على عشرين سنة بالنسبة لقيادات الصف الأول، انطلقت موجة هجرة في صفوف نشطاء الحراك ووجوه معروفة في الريف، كانت من أبرزهم القيادية في حراك الريف نوال بنعيسى الملقبة بـ”خليفة الزفزافي”، والتي خرجت بطريقة غير قانونية من المغرب سنة 2019، وتقدمت بطلب اللجوء السياسي في هولندا.
وخلال أول تصريح لها بعد أشهر من وصولها إلى هولندا، قالت بنعيسى، إن طلب اللجوء لم تتقدم به لوحدها، وإنما تقدم به عدد من الشباب الذين كانوا من بين النشطاء في صفوف حراك الريف، وقالت إن “الكثيرين هربوا من الريف”.
وخلال سنة 2021، وصل ناشطان في حراك الريف إلى هولندا، من أجل طلب اللجوء السياسي، ويتعلق الأمر بعبد العالي حود، الذي كان معتقلا في سجن طنجة، ووائل الأصريحي، الذي كان موقوفا، وهو شقيق المعتقل، محمد الأصريحي.
ومن بين أبرز وجوه الريف كذلك التي اختارت إعلان هرجتها بالقوارب نحو أوروبا، حارس مرمى فريق شباب الريف الحسيمي الذي وصل إلى إسبانيا ضمن مجموعة من الشباب، بعدما فضلوا ركوب الأمواج ومغادرة المنطقة.
تنبيه حقوقي من هجرة شباب الريف بعد “الحراك”
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان كانت قد نبهت قبل ثلاث سنوات، في تقريرها السنوي حول الوضعية الحقوقية في المغرب، إلى أن الهجرة غير الشرعية، عادت بقوة إلى المشهد الاجتماعي المغربي، مباشرة بعد أحداث “حراك الريف”.
وقالت الجمعية إن الشباب المغاربة كانوا قبل ذلك، يسلكون طريق الهجرة غير الشرعية، منتحلين صفة اللاجئين السوريين، إما عن طريق تركيا، ثم اليونان، أو بطلب اللجوء إلى مدن سبتة، ومليلية المحتلتين، غير أنهم منذ أحداث “حراك الريف”، عادوا إلى الهجرة عن طريق “قوارب الموت” المنطلقة من السواحل المغربية نحو إسبانيا.
وأوضحت الجمعية أن الشباب المغاربة، سيواجهون قرار السلطات الإسبانية، القاضي بترحيلهم إلى المغرب، حتى طالبي اللجوء منهم، لأن إسبانيا تمنح اللجوء للمهاجرين المتابعين في قضايا الحريات الفردية، أما بالنسبة إلى نشطاء الحراك، فإن الجارة الشمالية تعتبر أن المغرب بلد مستقر، ولا تقبل طلباتهم.
وعن تدفق المهاجرين المغاربة، قالت الجمعية إن تردي الوضع الحقوقي في المغرب، بالإضافة إلى التضييق على الحريات، شجعا الشباب على ركوب موجة الهجرة السرية.