story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

إدمان المخدرات وخطر الانتحار.. شهادات تُظهر “الوجه المظلم” لمراكز النداء

ص ص

“لقد غرقت في استهلاك المخدرات مثل آلاف العاملين في مراكز النداء، إنها الطريقة الوحيدة لتحمّل التوتر وساعات العمل الطويلة”، هكذا صاغ أشرف، موظف بأحد مراكز النداء شهادته عن واقع العمل بهذه المراكز بالمغرب.

وأضاف أشرف في شهادته التي تضمنها تقرير حديث: “تخيّل تسع ساعات يوميًا على الهاتف لإقناع الزبائن بالشراء، مع سكريبتات تافهة، وتتكرر لسنوات، تسع ساعات يوميًا! أتريد حقًا القيام بتحقيق حول العمل في مراكز النداء؟ إذن عليك أن تحقق في الرابط بين المخدرات وهذا العمل”، هكذا صاغ أشرف، موظف بأحد مراكز النداء شهادته عن واقع العمل بهذا المراكز بالمغرب.

التوتر والإرهاق النفسي ليسا شعورًا عابرًا يعتري العاملين في مراكز النداء، فقد أورد التقرير المعنون بـلمعنون بـ:”مراكز النداء في المغرب: هشاشات نيكولونيالية وأشكال جديدة للدفاع النقابي الذاتي”، (أورد) شهادات مماثلة من مختلف المراكز تؤكد أن الشباب يجدون أنفسهم في دوامة يومية، بين ضغط الأداء والمطالب غير الواقعية، ما يدفع الكثيرين للبحث عن مهرب سريع من هذه الضغوط.

وأبرز التقرير أن مستويات التوتر والاحتراق النفسي (burn-out) مرتفعة بين موظفي مراكز النداء، كما بينت الشهادات الميدانية أن الموظفين قد يحتاجون إلى عدة شهادات طبية خلال الشهر الواحد للتعامل مع الإرهاق الجسدي والنفسي الشديد المرتبط بضغط العمل وساعات التفاعل الطويلة مع العملاء والتي تمتد في الغالب لوقت متأخر من الليل، فضلا عن الإحساس بعدم التقدير، الذي اشتكى منه أكثر من 60% من الموظفين.

فضلا عن ذلك، الأجور في هذه المراكز غالبًا ما تكون منخفضة، تتراوح بين 4000 و7000 درهم، وتعتمد على مكافآت متغيرة وغير مستقرة، والموظفون يعملون في بيئة تفتقر إلى ضمانات اجتماعية، ويواجهون خصومات مالية عند أي غياب أو تأخير، وهي كلها أمور تعزز لديهم الإحساس بعدم الاستقرار المهني، ومستوى عالٍ من عدم الرضا، حيث عبر أكثر من 80% من الشباب المستجوبين عن رغبتهم في مغادرة القطاع.

الملامح العامة للعاملين متجانسة نسبيًا، حسب التقرير، هم شباب تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عامًا، غالبًا حاملي شهادات البكالوريا أو الماستر، من أسر متواضعة، وآباء قليلوا التعليم أو عاطلون عن العمل، أو يعملون في وظائف بسيطة، غالبًا ما يبدأون في هذا المجال بعد فترات بطالة أو وظائف غير مستقرة، وينظرون إلى هذا العمل كوظيفة مؤقتة، منخفضة القيمة، وبدون آفاق للتطور.

وأولئك الذين ينوون البقاء في هذه المهنة، غالبًا ما يكونون شبابًا، عازبين، وبدون مسؤوليات أسرية، ما يجعل من مراكز النداء مجرد “مرحلة انتظار”، و”حلا مؤقتا” بسبب نقص البدائل.

تظهر هذه الظروف الهشة للعمل بشكل واضح في الشهادات التي تم جمعها في إطار بحثنا لعام 2025. خلال مجموعة من النقاشات الموجهة حول العمل في مراكز النداء خلال فترة كورونا، قدّم عدد من المشاركين شهادات مثيرة:

انتحار وخرق للخصوصية

واقع آخر أشد خطورة كشف عن التقرير، يخص العاملين بمراكز مراقبة المحتوى “Content Moderators”، وهي مهنة تظل خفية في قطاع علاقات العملاء، وتعتمد على مراقبة المحتوى للشركات الكبرى مثل فيسبوك وميتا وتيك توك، بحيث توجد المئات من هذه المراكز في المغرب، “ولا أحد يتحدث عنها”، رغم كونها جزء من مراكز النداء.

هؤلاء المراقبون يعملون في ظروف أكثر خطورة، لأنهم يتعاملون مع محتوى صادم، يمكن أن يكون عن التعذيب أو الاغتصاب، وكل ذلك دون أي متابعة نفسية، يتم وضعهم في أماكن مغلقة، “خوفًا من أن يفقد موظف السيطرة وينتحر”، بل إن إدارة الشركة “قامت بتغيير مواقع العمل الخاصة بهم تحسبًا للانتحار”.

خلال فترة جائحة كورونا، كشف التقرير عن ممارسات صادمة في بعض مراكز النداء، حيث طُلب من الموظفين العاملين عن بُعد شراء وتركيب كاميرات ويب داخل منازلهم، ليتمكن المشغّل من مراقبتهم مباشرة وهم في صالونات بيوتهم، ما اعتبروه تجاوزًا خطيرًا للخصوصية، “عاكسًا غياب أي حدود بين الحياة المهنية والشخصية”.

أما الأسوأ، حسب التقرير ذاته، فقد واجه بعض الموظفين أوامر أكثر قسوة، “إذ أُجبروا خلال فترة الحجر الصحي على البقاء داخل المراكز وعدم مغادرتها، إذ طُلب منهم اقتناء أسرّة مؤقتة لترتيبها في أماكن العمل والنوم هناك”، وقد وثّق هؤلاء العمال هذه الممارسات عبر مقاطع فيديو، أظهرت الوجه العاري لأرباب عمل وصفهم التقرير بأنهم “بلا ضمير ولا مشاعر”.