story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

إبراهيم عبد القادر دياز

ص ص

صحيفة “آس” الرياضية الإسبانية اختارت نهاية الأسبوع لتخلق جدلا في إسبانيا والمغرب حول لاعب ريال مدريد ابراهيم دياز، لتخبرنا عبر مقال بدون سبب واضح للنزول، أنه على وشك الإلتحاق رسميا بالمنتخب الوطني المغربي، ولا يفصله عن ذلك سوى إكمال بعض الإجراءات الإدارية، وأن باب التحاقه بالمنتخب الإسباني أصبح ضيقا أكثر من أي وقت مضى، وإن كان لم يغلق نهائيا حسب الصحيفة.

طبعا كلنا يعرف أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم منذ مدة طويلة وهي على اتصال بإبراهيم دياز وعائلته، من أجل إقناعه باللعب بقميص الفريق الوطني، ونعلم أنها قطعت أشواطا في ذلك وقامت بعمل جيد من خلال استضافته مرتين في المغرب، بالإضافة إلى إجراءات منحه الجنسية المغربية، وقد أبدى إبراهيم موافقته المبدئية على أن يكون لاعبا في تشكيلة وليد الرݣراݣي، بعد أن اقتنع بمشروع جامعة فوزي لقجع وشجعته الحميمية التي لمسها من الناس في كل الأماكن التي زارها بالمغرب.

الصحافة الرياضية الإسبانية منذ مدة كان في علمها كل هذه التفاصيل حول سعي الجامعة الملكية لإقناع إبراهيم باللعب للمغرب بدل إسبانيا، وتعرف أن إبن مدينة مالقا قد بدأ في إجراءاته الإدارية التي تمنحه الجنسية المغربية، وأن الولد أصبح “يروم” لأصول أبيه أكثر من أصول أمه، خصوصا بعد الطريقة المهينة التي تعامل معه بها لويس دي لافوينتي مدرب لاروخا الذي وصل إلى حد اتهام ابراهيم دياز بالإبتزاز في آخر تصريح له لاذاعة “أوندا صيرو” قائلا: “من كان يريد المجيء للمنتخب الإسباني، عليه المجيء بكامل اقتناعه، أنا لا تجدي معي الإبتزازات، أي إذا لم تستدعِن سأذهب إلى مكان آخر.. إذن فلتذهب”.

مقال يومية “آس” يدخل في إطار المنهجية المعروفة عن الصحافة الرياضية الإسبانية في ممارسة التأثير على صانعي القرار، حيث دائما ما تلعب دورا في قضايا اللاعبين الإسبان مزدوجي الجنسية، وسبق لها أن فعلت نفس الشيء مع لاعب البارصا السابق الصربي الأصل بوجان كريكيتش، ولاعب بلباو الغاني الأصل ويليامز، ومنير الحدادي، ولامين يامال، والآن مع ابراهيم دياز حيث أرادت الضغط على الناخب الوطني الإسباني دي لا فوينتي لكي يكثف اتصالاته مع دياز في الأيام المقبلة ويصلح معه “الجرة”، ويبدي بطريقة لائقة حاجة منتخب لاروخا إلى خدماته، أملا في مراودته عن قراره بالإلتحاق بالمنتخب المغربي.

لكن في انتظار أن يعلن رسميا على المنتخب الذي سيحمل قميصه، والذي غالبا سيكون في الأسبوع المقبل، أريد أن أسلط الضوء على الموقف الذي يعيشه حاليا إبراهيم دياز بين خيارين يتداخل فيهما الجانب الرياضي المهني مع الشخصي الإنساني، وهو أمر يتكرر باستمرار مع حالات كثيرة للمواهب الكروية من أبناء مغاربة العالم، الذين يجدون أنفسهم وهم في سن مبكرة في وضع تتنازعهم فيه حتمية الإختيار بين منتخب البلاد التي ازدادوا ونشؤوا فيها واكتسبوا ثقافتها وعقلية شعبها، وبين منتخب بلاد الأصول والوالدين والعادات والتقاليد والثقافة المغربية التي يعيشونها داخل بيوتهم.

إبراهيم دياز وإن كان ينتمي لهؤلاء في موقف الإختيار حاليا، فهو يختلف عنهم قليلا بحكم ولادته من أم إسبانية وحمله للقبها العائلي، وكلنا يعلم تأثير الأسر المغربية المهاجرة في اختيارات أبنائها، ودفعهم إلى تفضيل المغرب على بلد الإزياد والمنشأ، لذلك يمكننا أن نتصور حجم الضغوط التي يعيشها ابراهيم دياز في تحديد مستقبله الدولي حتى قبلداخل عائلته المختلفة الأصول، لكن في اعتقادي أن الأمر ستحسمه الشروط الكروية أكثر من أي معطى عاطفي أو “وطني” أو شعور بالإنتماء لهوية معينة.

لاعب ريال مدريد يعرف أن مركزه عليه تنافس عال جدا في المنتخب الإسباني، والمهاجمون فيه يتوفرون على أعمار صغيرة ويتألقون في أكبر الأندية، بالإضافة إلى أنهم يراكمون تواجدا مستمرا قبله مع المدرب دي لافوينتي، وبالتالي فرص لعبه أساسيا إذا ما اختار إسبانيا ستكون ضئيلة جدا.. هذا إذا ما استمروا في استدعائه أصلا ولم يتم نسيانه كما وقع لمنير الحدادي.

مع المنتخب المغربي لدى إبراهيم دياز فرصة أن يصبح قائدا لخط الهجوم، ونجما للفريق، وعطفا جماهيريا وإعلاميا لن يحظى بنصفه في إسبانيا، ولاشك أنه فهم ذلك جيدا خلال لقاءاته مع وليد الرݣراݣي الذي وضعه في صورة “المشروع” الذي تمضي عليه الجامعة الملكية المغربية، وعلى الأهداف المستقبلية في كأسي إفريقيا والعالم، وأيضا من خلال الحفاوة التي يلقاها خلال كل زياراته السياحية رفقة عائلته للمغرب.

لكن وفي جميع الأحوال، إبراهيم دياز إن اختار المغرب، فمرحبا به في بلاده وبلاد أجداده وسنكون سعداء بالتوفر في المنتخب الوطني على نجم يبهر العالم داخل ناد من حجم ريال مدريد، وإن اختار إسبانيا بلد أمه وأجداده ومنشئه فسيكون قد اختار اختيارا منطقيا، ولن يبقى أمامنا نحن حينئذ إلا أن ندعو له بالتوفيق في بلاده الأخرى.