أوريد يشخص آلام “العالم العربي” ويتحدث عن هيئته المفككة حدّ التمزّق
كشف الأستاذ الجامعي والأديب والمؤرخ، والناطق الرسمي السابق باسم القصر الملكي حسن أوريد، عن كتابه الجديد بمناسبة تنظيم المعرض الدولي للكتاب والنشر في دورته التاسعة والعشرين أواسط ماي الجاري.
وقد كان هذا الكتاب موضوع حوار أجراه الكاتب حينما حل ضيفا على برنامج “ضفاف الفنجان” على صحيفة “صوت المغرب”، للحديث عما تضمنه من أفكار ومواقف، وربط ذلك بالمآلات التي انتهي إليها الوضع بالعالم العربي، خاصة بعد فشل ما سمي سنة 2011 بالربيع العربي.
يتعلّق الأمر بإصدار مرشّح بقوة ليكون من بين أهم، إن لم يكن الأهم على الإطلاق، بين كتابات هذا المفكّر العائد من متاهة السلطة. ويبدو الكتاب كما لو يكثّف عصارة التجربة العلمية والشخصية للكاتب، بزاوية نظر 360 درجة إلى دول وشعوب المنطقة العربية.
يصوّر الكتاب الجديد حالة العالم العربي، دون أن يكون مبالغا في ذلك، على هيئته المفككة حدّ التمزّق، والأهم من ذلك، يلامس عوامل وأسباب هذا التفكك، وتلك التي تجعل إمكانية الاستدراك والنهوض من جديد صعبة، رغم إصرار أوريد في هذا الحوار على الاحتفاظ بجدوة الأمل.
ولا يخلو الكتاب من وقفة خاصة بالمغرب، حيث يبدو الكاتب مرتاحا إلى سلامة تقديراته السابقة، حزينا للمآلات التي انتهي إليها الوضع، أي تعطيل الحلم الديمقراطي وتأجيج الأوضاع، كما يستقيها من كلمات أغاني “الراب” وجماهير الكرة والأشكال الجديدة للتعبيد والاحتجاج.
“من مسؤوليتنا ألا نقف عند الرصد فقط، أو نقف كمن يرى جريحا فيقول إنه ينزف… يجب أن نساعد الجريح لا أن نصف حالته ونؤكد أنه ينزف. أنا أظن هذا الجريح هو أنا، لا أرى الأمور بنوع من النكاية، لكن أريد أن نبعث الأمل”، يقول أوريد.
وأوضح الكاتب، في هذا السياق، أن قضية العنوان “ليست عملية ثانوية، أو مجانية. والحال أنني اخترت مصطلح العالم العربي وقلت إنه هناك مصطلحات عدة”.
وأبرز المتحدث أنه خلال فترة معينة، ساد ما كان يسمى ب “الوطن العربي”، ثم بعده “العالم العربي”، وبعد سقوط جدار برلين جاء مصطلح آخر هو “شمال إفريقيا والشرق الأوسط” أو ما يعرف ب “مينا”. وهناك من يتحدث ليس عن العالم العربي، ولكن عن العوالم العربية، “وأنا اخترت مصطلح العالم لأن العالم يتضمن كل الخصوصيات وليس بالضرورة له رؤية إيديولوجية معينة”.
وقال أوريد إن العالم العربي هو “عالم يتضمن كل الخصوصيات الإيديولوجية أو الثقافية ورفضت توا مصطلح “الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” لأنه مصطلح جغرافي والحال أننا ندرج وفق هذا المصطلح إسرائيل، بينما هناك اختلافات بنيوية بين عناصر الدول العربية وإسرائيل ثقافيا وإيديولوجيا، بل هناك عنصر صراع، ولذلك فمصطلح “مينا” لا يستقيم بالنسبة لي، فاخترت مصطلحا أظن بأنه موضوعي وهو العالم العربي. ليس من أجل إرضاء أو تجنب بعض الاختيارات فقط، ولكن لأن هناك قواسم مشتركة في هذا العالم”.
وأوضح المتحدث باسم القصر الملكي سابقا، أن هناك محطة تعتبر نهاية للمنظومة العربية، وهي قيام ما سمي بالدولة الإسلامية، والتي كانت تريد أن تقفز على التقسيمات التي جرت أو أجراها الاستعمار الأوروبي والمعروفة ب”سايكس بيكو”، مضيفا أن “التقسيمات التي جرت في الشرق هي تقسيمات اعتباطية مصلحية من أجل تقسيم مناطق نفوذ فيما يخص منطقة الشام وحتى ربما ما يخص الجزيرة العربية، أما بالنسبة لمصر فلها وضع خاص، ومن باب الموضوعية ينبغي أن نقول إن “بروفا” “سايكس بيكو” بدأت في المغرب، فالتقسيم الذي وقع، والمتعلق بالاتفاق بين فرنسا وبريطانيا سنة 1904 لترضية بريطانيا من خلال إيلائها مصر، وترك المغرب لفرنسا يدخل في هذا الإطار”.
وتحدث الأستاذ الجامعي عما أسماه بصنيعة التقسيم الجغرافي بين فرنسا وبريطانيا، والتي أنشأت دولا بمقتضى هذا التقسيم، وهي صنيعة كذلك من حيث التوجهات السياسية، وهي كذلك استمرارية من خلال توجيه التدخلات، التي أصبحت تبدي “مظاهر الاعتلال والاهتزاز”.
وخلص المتحدث إلى وضع ما اسماه ب “قطيعة أبستمولوجية”، موضحا “أن العالم العربي لم يعد حقيقة يواجه قضايا أبستمولوجية، بقدر ما أصبح يواجه قضايا وجودية”، موضحا في نفس الوقت أن “هناك دول مهددة وحروب أهلية تنخر الكثير من البلدان، وهناك أيضا بلدانا عرفت الانفصال مثل السودان، ناهيك عما تعرفه دول أخرى مثل اليمن وسوريا وليبيا. أظن أنه من واجب من يشتغلون بالأفكار أن يقوموا بتشخيص للأوضاع، لسنا فقد بصدد توصيف، بل يجب أن نذهب أبعد وهذا ما حاولت فعله في هذا العمل”.
لقراءة الحوار كاملا، يمكنكم اقتناء مجلة “لسان المغرب” بالضغط على الرابط