أهلا بالمونديال
المؤتمر الإستثنائي الذي سيعقده الاتحاد الدولي لكرة القدم اليوم الثلاثاء بطريقة افتراضية، من أجل تصويت البلدان الأعضاء على ملفي تنظيم كأس العالم لنسختي 2030 و2034 بعد استيفاء الملفين المرشحين للحد الأدنى المطلوب في تقييم العروض المقدمة، هو فقط إجراء قانوني داخل الفيفا وأصبح شكليا بحكم أن الملفين هما الوحيدان اللذان تم تقديمهما للنسختين.
المغرب سيكون أمام موعد تاريخي لتأكيد احتضانه للمونديال رفقة إسبانيا والبرتغال في ملف مشترك، وهو الحلم الطويل الذي انطلق منذ بداية تسعينات القرن الماضي، عندما ترشح لأول مرة من أجل طلب احتضان دورة 1994 على عهد وزير الشبيبة والرياضة الراحل عبد اللطيف السملالي، ثم توالت الترشيحات خلال دورات 1998 و2006 و2010 و2018 و2026 وأخيرا 2030، تعاقبت فيها وجوه المسؤولين عن الملف واختلفت نوايا الترشح وتنوعت طرق حشد الدعم أيضا.
لكن الثابت في تلك السلسلة من ترشيحات المغرب المستمرة لاحتضان كأس العالم حتى عندما تكون فرص الفوز منعدمة أمام ملفات قوية لبلدان متطورة، هو أن فكرة حضور إسمه مقترنا بحدث كروي عالمي كان في حد ذاته يجلب منافع سياسية ودبلوماسية على مستوى إعطاء صورة البلد المستقر والآمن والمنفتح والطامح لاستضافة أكبر الأحداث العالمية.
في كل المرات السبع التي ترشح فيها المغرب لاحتضان كأس العالم، كانت هناك مرتان لا غير بدت فيهما نوايا قوية لمسؤولي بلادنا بشكل حقيقي لكسب شرف التنظيم وليس فقط الترشح “الرمزي” لترويج إسم المغرب.. كان ذلك خلال دورة 2010 عندما أخرجت الدولة من جبتها السحرية رجل أعمال ناجح هو سعد الكتاني ليقود حملة لوبينغ شرسة ضد الملف الجنوب إفريقي المدعوم برمزية نيلسون مانديلا وتعاطف العالم، وكان قاب قوسين أو أدنى من ربح رهان التنظيم، لولا ألاعيب اللحظة الأخيرة التي تواطأت فيها الفيفا لتنتزع من المغرب صوتا ذهبيا في ليلة الإقتراع.
والمرة الثانية التي ترشح فيها المغرب بنية نيل شرف التنظيم، كان هذا الملف الثلاثي المشترك لدورة 2030 مع إسبانيا والبرتغال، بعدما أدرك أنه بعد قرار الفيفا برفع عدد المنتخبات المشاركة إلى 42 منتخبا، أصبح ترشح بلد مثل المغرب لوحده وبالإمكانيات التي يتوفر عليها، غير مقدور عليه، وقد يتحول الأمر إلى نوع من العبث.
الآن وبعد أن أصبحت رؤية المونديال ببلادنا شيئا ممكنا، والدولة تجندت بكل مؤسساتها ومصالحها وإمكانياتها لتكون في مستوى الحدث، ستظهر مع توالي الأيام واقتراب موعد المونديال في 2030، حجم المنافع التي كان يسعى إليها المغرب منذ القدم من خلال طلب استضافة كأس العالم، على مستوى الدبلوماسية الناعمة، والعلاقة مع العمق الإفريقي وأيضا مع الشريكين الإيبيريين في التنظيم ومع أوروبا بصفة عامة.
بلد يستضيف مونديال كرة القدم يعني ما يعنيه بالنسبة للعالم، فهو حدث لا يستضيفه “من والا”، والبلدان التي حضيت بشرف استضافته منذ انطلاقته الأولى سنة 1930 معدودة على رؤوس الأصابع.