ألعاب القوى المغربية.. من قمة المجد إلى قاع الإخفاق

أعادت الحصيلة المخجلة التي حققها المغرب في بطولة العالم لألعاب القوى “طوكيو 2025″، النقاش مجددا حول غياب رؤية استراتيجية لإنقاذ رياضة أم الألعاب الوطنية، التي لا تزال تحتفظ بإنجازات وأرقام كبيرة حققها أبطال مغاربة على مضامير الملاعب العالمية منذ سنين خلت.
واقتصر المغرب في البطولة العالمية التي تحتضنها العاصمة اليابانية، طوكيو، على ميدالية فضية وحيدة حتى الآن، أحرزها البطل العالمي سفيان البقالي، الذي صار نقطة الضوء الوحيدة التي تنير منصة التتويج المغربية مع حلول كل منافسة عالمية.
واقع هش وانحدار مستمر
منذ عقدين تقريبًا، تراجعت ألعاب القوى المغربية من مرتبة “مصنع الأبطال” إلى خانة المشاركة الرمزية، تتغذى على مجهودات فردية وتعيش على إرث الماضي.
ولعل البقالي، الذي حمل لواء “أم الألعاب” المغربية منذ 2019، جسّد صورة البطولة الفردية وسط انهيار جماعي، حيث أحرز خلال خمس نسخ متتالية من بطولة العالم ميداليات متنوعة بداية من فضية في لندن، نحاسية في الدوحة، وذهبيتين في يوجين وبودابست، ثم فضية جديدة في طوكيو.
وبذلك أصبح سفيان البقالي، الاسم الوحيد الذي يحافظ على حضور المغرب في منصات التتويج خلال السنوات الأخيرة، بحيث اقتصرت حصيلة ألعاب القوى الوطنية في العقدين الماضيين، على ست ميداليات فقط.
هذا الواقع أكد مرة أخرى فشل منظومة ألعاب القوى الوطنية، في وضع استراتيجية شاملة كفيلة بإعادة أم الألعاب إلى مكانها الطبيعي الذي غادرته بمغادرة جيل هشام الكروج، نزهة بيدوان، حيسو صلاح، زهرة واعزيز، خالد السكاح، حسناء بنحسي، ابراهيم بولامي، وغيرهم.
امسؤولية الانحدار
في هذا الصدد، يُحمّل العداء الدولي السابق عبد الرحيم بورمضان، الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى بقيادة رئيسها عبد السلام أحيزون، المسؤولية الكاملة عن هذا الانحدار، واصفا نتائج دورة طوكيو 2025 “بالمتوقعة لا المفاجئة”، بالنظر للواقع الذي تعيشه رياضة ألعاب القوى بالمغرب منذ سنوات طويلة.
واعتبر المتحدث، بالمناسبة، أن غياب المغرب عن نهائي 1500 متر رجال، الذي ظل لسنوات يصنف كاختصاص تاريخي للمدرسة المغربية، “عارًا” على جبين الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى.
وأشار بورمضان، خلال حديثه مع صحيفة “صوت المغرب” إلى أن المشكل ليس فقط في النتائج، بل في طريقة التسيير برمتها، مبرزًا أن التعيينات داخل العصب الجهوية أو في الجامعة نفسها “لا تقوم على الكفاءة ولا على رؤية استراتيجية”.
وانتقد البطل السابق بشدة منصب المدير التقني، متسائلًا عن جدوى استمرار أشخاص في مواقع المسؤولية دون أي حصيلة أو برامج.
وأكد أن نفس الأمر ينسحب على اختيار المدربين، إذ “اعتبر أن أغلبهم غير أكفاء”، لافتا إلى أن تكوين المدرب المغربي يكاد يكون غائبًا تمامًا.
وشدد العداء السابق على أن الجامعة ترتكب خطأ جسيما في تعاملها مع الأبطال بعد نهاية مسيرتهم، بحيث يتم تهميشهم، بدل الاستفادة من خبراتهم في التكوين والتأطير، وقال: “العداء الدولي أو البطل بعد اعتزاله كأنه يُرمى، ولا تكون هناك أي التفاتة نحوه، في حين أن هذه الطاقات يمكن أن تكون رافعة حقيقية لتطوير اللعبة”.
وأضاف بورمضان أن غياب البرامج والورشات الواضحة يفسر أيضًا هجرة العدائين المغاربة إلى دول أخرى، معتبرًا أن “الأمر طبيعي لأنه عندما لا يجد العداء إطارًا يطور مسيرته داخليًا، فمن الطبيعي أن يبحث عن فضاء آخر يمنحه الإمكانيات والاحترام”.
وانتقد في السياق ذاته غياب التوزيع العادل للمراكز الجهوية، مسجلا وجود نوع من التهميش لعدد من الجهات، وهو ما يضعف القاعدة العريضة التي يفترض أن تُبنى عليها الإنجازات.
وأوضح البطل المغربي السابق أن مقارنة بسيطة مع كرة القدم “تكشف حجم الإخفاق”، إذ إن جامعة كرة القدم نجحت بفضل البرامج والمراكز وفتح المجال أمام اللاعبين القدامى ليكونوا جزءًا من المنظومة، في حين أن جامعة ألعاب القوى لم تقم بأية خطوة مماثلة.
وأكد أن غياب برامج خاصة بالفئات السنية والشبابية جعل ألعاب القوى تفقد بريقها، مضيفًا أن “أي رياضة لا يمكن أن تنهض بدون قاعدة من المواهب الصاعدة”.
وانتقد بورمضان بشدة “غياب الشفافية والاحترافية حتى في أبسط التفاصيل”، مثل الخدمات الضعيفة للموقع الإلكتروني الخاص بالجامعة أو غياب معطيات دقيقة وأرقام تواصل دائمة.
واعتبر أن هذا الأمر “يعكس حالة من الارتجال والعشوائية في التسيير”، مؤكدا أن الإدارة التقنية تحتاج إلى إعادة نظر جذرية ” إذا فشل المدير التقني يجب أن يُقال فورًا، ويجب التعاقد مع كفاءات حقيقية تملك البرامج والقدرة على التسيير”.
ولم يتردد بورمضان في تحميل المسؤولية الكاملة لرئيس الجامعة عبد السلام أحيزون، مؤكدًا أن “منذ مجيئه ونحن نتخبط في النتائج السلبية، ولم نر أي برنامج أو ورش إصلاحي”.
وأضاف: “الرئيس الحالي مزق تاريخ المغرب في هذه الرياضة، ولو كنت مكانه لقدمت استقالتي فورًا، لأنه من العيب أن تستمر النتائج الكارثية ويستمر هو رئيسا لأكثر من عشرين سنة”.
وخلص عبد الرحيم بورمضان إلى التشديد على أن الأمل لا يزال قائمًا إذا توفرت الإرادة، مؤكدًا أن الأبطال السابقين مستعدون للجلوس على طاولة الحوار وتقديم مقترحات عملية لإصلاح الوضع، وقال: “الموارد المادية موجودة، ويمكن بسهولة تطويرها عبر فتح باب الانخراط، لكن المشكل يكمن في غياب الكفاءة والبرامج. إذا توفرت الكفاءات يمكن أن نستعيد مكانتنا ونُعيد لألعاب القوى المغربية بريقها الذي فقدته”.
نتائج الرياضيين المغاربة – بطولة العالم لألعاب القوى طوكيو 2025
الرياضة/السباق | الرياضي | النتيجة |
---|---|---|
3000 متر موانع | سفيان البقالي | فضية (تصدر مجموعته في التصفيات – 8:26.99) |
3000 متر موانع | صلاح الدين بن يزيد | المركز الخامس في النهائي |
3000 متر موانع | محمد تندوف | لم يتأهل للنهائي (المركز التاسع في مجموعته) |
3000 متر موانع | فائد المصطفى | لم يتأهل للنهائي (المركز الحادي عشر في مجموعته) |
800 متر | آسيا رزيكي | نصف نهائي |
800 متر | سكينة حاجي | أقصيت (المركز الثامن في مجموعتها) |
1500 متر | فؤاد مسعودي / أنس السايح / حفيظ رزقي | أقصوا من الدور التمهيدي |
ماراثون | فاطمة الزهراء كردادي / كوثر فركوسي | لم تكمل السباق (DNF) |
ماراثون | رحمة طاهري | المركز 54 |
800 متر | عبد اللطيف الكسي / معاد زحافي / عبد الرحمن العسال | أقصوا من الدور التمهيدي |
ماراثون | محمد رضا العربي | المركز 20 |
ماراثون | عثمان الكومري / سفيان بوقنطار | لم يكملا السباق (DNF) |
المصدر: صوت المغرب