أطلقت حملة توظيفات للقتل .. تفاصيل مافيا “يودا” الفرنسية التي وقع زعيمها بيد أمن المغرب
أوقفت السلطات الأمنية بالمغرب نهاية هذا الأسبوع واحد من أكبر تجار المخدرات الذي أرعب مرسيليا جنوب فرنسا، في عملية أمنية مشتركة مع الداخلية الفرنسية، تراهن عليها باريس لتعيد القليل من الهدوء للجنوب الفرنسي، بعدما حولت حرب العصابات ثاني أكبر مدينة في فرنسا إلى ساحة مواجهة مفتوحة للسيطرة على سوق الممنوعات.
ويتعلق الأمر بالثلاثيني فيليكس بينغي، زعيم مافيا “يودا” في مرسيليا الفرنسية، وهي العصابة التي حولت المدينة الهادئة على الجانب المتوسطي لفرنسا إلى ساحة مواجهة مفتوحة مع عصابات مخدرات أخرى، ووسعت نشاطها الإجرامي مخرجة إياه من عالم السرية إلى العلن، وإلى شبكات التواصل الاجتماعي.
الموقوف وقع بين يدي الأمن المغربي الجمعة وتم تقديمه أمام النيابة العامة أمس السبت بالدار البيضاء، بعدما كان قاضي التحقيق في مرسيليا قد أصدر مذكرة توقيف بحقه ووجه إليه عدة تهم، أهمها “جلب مخدرات من قبل عصابة منظمة، وغسيل الأموال”، كما كان مبحوثا عنه على الصعيد الدولي بموجب نشرة حمراء صادرة عن المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (أنتربول)، بطلب من السلطات القضائية الفرنسية.
أزيد من أربعين جريمة قتل في سنة
من شهر يناير من سنة 2023، تحولت مدينة مرسيليا إلى ساحة للمواجهة المباشرة بين تجار المخدرات بالأسلحة النارية، مخلفة ما يتجاوز 42 جريمة قتل في سنة فقط، راح ضحيتها شباب المدينة، سواء ممن كانت لهم علاقة بالعصابات أو آخرون أبرياء جرتهم الأقدار ليقفوا أمام رصاص العصابات.
ومن بين أبرز حوادث القتل ما عرفته الدائرة الـ14 من المدينة، والتي تسجلت لوحدها ما يقارب النصف من حوادث القتل في المدينة، وخصوصا بحي لاباتيرنيل، قرب الطريق السريع A7، والذي تتخذه المافيا مستقرا لها، لسهولة الولوج إليه، وتوفيره لإمكانية توصيل سريع للسلع، من الباعة نحو المستهلكين.
“يودا” في مواجهة “دي-زيد”
الموقوف الفرنسي في المغرب فيليكس بينغي، يتزعم واحدة من أقوى مافيا المخدرات في مرسيليا وهي “يودا”، والتي تتخذ إحدى شخصيات حرب النجوم شعارا لها، وتخوض حربا ضروس ضد مافيا “دي-زيد”، والتي تعني الجزائر، وتتخذ الفنك شعارا لها، وهو واحد من رموز الجزائر.
العصابتان، كانتا حليفتين في وقت مضى، تقتسمان نفس السوق، سوق بيع المخدرات في الجنوب الفرنسي، غير أن خلافات بينهما حول العائدات المادية للنشاط، أوقعت ثاني أكبر مدينة في فرنسا في قبضة حرب دامية بينهما، وبدأ المنتمون للعصابتين، يمزقون بعضهم البعض للسيطرة على نقاط تجارة المخدرات.
فيليكس الرجل القوي في “يودا”
الرجل الذي أوقفه الأمن المغربي وقدمه أمس السبت أمام النيابة العامة، فيليكس ينغي، أدين في فرنسا سنة 2019 بتهمة التآمر الإجرامي وحيازة أسلحة غير أن الأمن الفرنسي لم يستطع الوصول إليه، واستمر في زعامته لعصابته “يودا”.
وخلال العام الماضي، قال الأمن الفرنسي إن رئيسا “يودا” أو حتى غريمه زعيم “دي-زيد”، محصنان بشكل كبير، وتشكلت قناعة لدى الجهاز الأمني في فرنسا أنهما يديران عملهما من خارج البلاد، مرجحا أن يكونا موزعين بين الجزائر والمغرب.
تجنيد للقتل
ينغي الذي أوقفه الأمن المغربي بعدما تعقبته الشرطة الفرنسية لسنوات دون أن تتمكن من الوصول إليه، تقول إنه نقل الإجرام في ثاني أكبر مدينة فرنسية إلى مستوى غير مسبوق، بالتجنيد للتجارة في المخدرات والقتل والتصفية، باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي والتراسل الفوري.
وتعتمد “يودا” على تقديم عروض عن طريق الرسائل الآمنة مثل رسائل “الواتساب”، للتجنيد في صفوفها وضمان تزويد العصابة بالعناصر البشرية الكافية لتغطية نشاطها وطموح توسعها وترسيخ حضورها في المنطقة.
وتقدم هذه العروض مثل عروض العمل الحقيقية، برواتب ومهام محددة بإغراءات مادية خصوصا للشباب، مثل عروض العمل في تجارة المخدرات التي تبدأ بعرض العمل كمسؤول عن الإبلاغ بوصول رجال الأمن براتب 150 أورو لليوم الواحد، مع سكن وطعام مجاني، وتصل إلى 400 أورو لليوم الواحد للمسؤولين عن عمليات توزيع المخدرات.
ولحماية تجارتهم والتربع على رأس السوق يقومون بأي شيء ولو استئجار قتلة لتصفية خصومهم، بعروض تصل إلى 7 آلاف أورو للجريمة الواحدة، مع إمكانية التعاقد لقتل عدد من الأشخاص دفعة واحدة.