أسعار الدجاج تعود إلى الارتفاع والمربّون يحذّرون من احتكار السوق

شهدت الأسواق المغربية خلال الأيام الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الدجاج الحي، بعدما وصل ثمن الكيلوغرام الواحد بمحلات التقسيط إلى 23 درهماً. هذا الارتفاع المفاجئ أثار استياء المستهلكين، الذين لم يتوقعوا أن يشهد السوق مثل هذه القفزة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
يأتي ذلك، في وقت أكد فيه مهنيو قطاع الدواجن في وقت سابق، وفرة الإنتاج واستقرار العرض، مشيرين إلى أن سعر الكيلوغرام لن يتجاوز 20 درهماً في أسوأ الظروف، لكن الزيادات الأخيرة في الأسعار أثارت تساؤلات حول أسباب هذا التغير المفاجئ ومصير الأسعار في الفترة المقبلة.
وعزا معنيو القطاع، هذه الزيادة إلى ما وصفوه بـ “العشوائية” في تدبير القطاع، وغياب المراقبة، محملين المسؤولية في ذلك لكل من وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن”.
في هذا السياق أشار رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم بالمغرب، محمد أعبود، إلى “أن جميع العقود التي وقعتها الوزارة مع الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن كانت تنص على أن التكلفة الأولية يجب ألا تتجاوز 8 دراهم للكيلوغرام، غير أن الواقع عرف عشوائية كبيرة وغياباً للمراقبة، وحمل المسؤولية لكل من وزارة الفلاحة والفيدرالية”.
وأكد أعبود، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن هذا المشكل “بنيوي وممتد لسنوات”، مبرزا أن “السياسات المعتمدة قضت على المربيين الصغار والمتوسطين، الذين يعتبرون العمود الفقري للسوق الوطنية”.
وانتقد بالمقابل مع اعتبره “استفراد المربين الكبار بالسوق الوطنية”، الذي يؤدي بحسبه إلى الاحتكار والتحكم في الأسعار”.
وأضاف المتحدث بالمقابل أن جزءا من الارتفاع الذي تعرفه أسعار الدواجن في الأسواق المغربية “يعود إلى غلاء التكاليف وغياب المربي الصغير والمتوسط في العلاقة الثنائية بين الوزارة الوصية والفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن”، موضحاً أن الوزارة الوصية على القطاع “تشتغل حالياً مع المربين الكبار فقط”.
لكن رغم هذا الوضع، طمأن أعبود المواطنين بأن الأسعار لن تواصل الارتفاع، مشيراً إلى أنه مع اقتراب نهاية فصل الصيف ودخول شهر شتنبر المقبل، ستعود الأسعار تدريجياً إلى مستواها الطبيعي.
وخلص المسؤول المهني إلى القول “إن الاهتمام بالمربين الصغار والمتوسطين من طرف الوزارة كان سيجنّب السوق هذا المستوى من الارتفاعات في الأسعار غير المبررة”.
وكان رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، قد أكد في تصريح سابق لصحيفة “صوت المغرب”، أن الزيادات المسجلة “غير معقولة ولا مقبولة مهما كانت المبررات”، مشيرًا إلى أن “سوق الدواجن لم يشهد مثيلاً لها من قبل في المغرب،” داعيًا إلى تحديد الأسباب الحقيقية لهذا “الالتهاب في الأسعار”.
وأوضح الخراطي أن المواد الأولية المستعملة في الأعلاف مستوردة، لكن أسعارها مستقرة في السوق الدولية، ما ينفي أن تكون السبب الرئيسي في هذه الزيادة، “وهو ما يطرح علامات استفهام حول مصدر الخلل الحقيقي في سلسلة الإنتاج والتوزيع”.
من جانب آخر، ساهمت موجة الحرارة، حسب الخراطي، في تقليص العرض بشكل كبير، وهو ما تسبب أيضًا في انهيار التصدير نحو بعض الدول الإفريقية جنوب المغرب، مما يعكس التأثير المزدوج للحرارة سواء على السوق الداخلية أو على صادرات الدواجن.
من جهته، أطلق المرصد المغربي لحماية المستهلك نداءً عاجلاً للسلطات المعنية للتدخل من أجل تأطير السوق، محاربة المضاربة، وضمان الشفافية في تسعير هذا المنتوج الحيوي بالنسبة للأسر المغربية.
كما دعا المرصد المواطنين إلى الإبلاغ عن الممارسات غير القانونية، واعتماد استهلاك مسؤول خلال هذه المرحلة، مؤكداً أنه يحتفظ بحقه في مطالبة السلطات بفتح تحقيق شفاف لتحديد مصدر هذا الارتفاع المفاجئ ومعرفة ما إذا كان هناك خلل أو استغلال في سلسلة التوزيع.
وكان مجلس المنافسة قد أشار إلى عدد من المشاكل التنظيمية التي يتخبط فيها قطاع تربية الدواجن بالمغرب، والتي تسمح لعدد من الشركات الكبرى الفاعلة في المجال بالتحكم في حجم الإنتاج واتجاه أسعار لحوم الدواجن بالمغرب، مبرزا أن هذا الوضع يكرس اختلال توازن القوى على حساب مصلحة فئة المربين، خاصة الصغار والمتوسطين، الذين لا يتوفرون على هامش كبير للمناورة والتفاوض.
وأوضح “دركي المنافسة” في رأي له حول “وضعية المنافسة في سوق الأعلاف المركبة بالمغرب”، أن 8 شركات فقط تستفرد بنحو 75 في المائة من حصص سوق تصنيع الأعلاف المركبة في المغرب، فيما تبلغ حصة المجموعتين الرئيسيتين الفاعلتين في المجال حوالي 50 في المائة، وذلك رغم وجود 48 شركة فاعلة تمارس أنشطتها داخل هذه السوق.
وفسر التقرير هذه الوضعية بـ “إعادة هيكلة” السوق، حيث توقفت عدة شركات عن مزاولة أنشطتها على مر السنوات منذ إحداث شركات الأعلاف الأولى في الأربعينيات إلى حدود اليوم، مبرزا أنه بالمقابل، أنجزت شركات أخرى عمليات تركيز اقتصادي من أجل الاستفادة من وفورات الحجم الكبيرة.
ونتيجة لهذا الوضع، يضيف التقرير، تتضاءل إمكانيات التنويع والابتكار في السوق بسبب هيمنة بعض الفاعلين الرئيسيين، مما ينعكس سلبا على مربي الماشية باعتبارهم أبرز مستهلكي الأعلاف المركبة. مشيرا أيضا إلى أن تركز السوق في يد عدد محدود من الموردين يؤدي إلى تقليص الخيارات المتاحة وتطبيق أسعار أقل تنافسية.
*نسرين أولفقيه _ صحافية متدربة