أزمة بيئية خانقة بالمحمدية ومطالب حقوقية بتدخل عاجل

تعيش مدينة المحمدية على وقع أزمة بيئية متفاقمة، تُهدد صحة وسلامة ساكنتها، وسط “تجاهل رسمي” وتراكم لسنوات من التلوث الصناعي “غير المُراقب”، جعل من المحمدية واحدة من أكثر المدن تلوثًا بالمغرب، وزاد من معاناة ساكنتها، خاصة الأطفال والمسنين والمصابين بأمراض مزمنة، جراء تداعيات بيئية وصحية خطيرة.
في هذا السياق، دقت جمعيات بيئية ونشطاء حقوقيون ناقوس الخطر، محذّرين من “الوضع البيئي الكارثي” الذي تعرفه المدينة، بسبب استخدام الفحم الحجري والمواد الملوِّثة في عدد من الصناعات الطاقية، لافتين في نفس الوقت إلى التهاون في التعامل مع الانبعاثات السامة والغبار الأسود، الذي يهدد بشكل مباشر الصحة العامة.
فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمحمدية، وفي إطار متابعته للملف، عبّر عن قلقه الشديد إزاء “عجز السلطات المحلية والجهوية عن حماية حق السكان في بيئة سليمة”، مؤكدا أن الوضع الحالي “يُخالف بشكل صارخ مقتضيات القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب”، وخاصة تلك التي تُقر بالحق في بيئة نظيفة وآمنة كشرط أساسي لضمان باقي الحقوق.
وشدّدت الجمعية في بلاغ لها، على ضرورة احترام المعايير الدولية في الأنشطة الصناعية، والوقف الفوري للممارسات الملوِّثة التي لا تلتزم بأي شروط بيئية، معتبرة أن استمرار هذا الوضع دون تدخل عاجل يُعد انتهاكًا صريحًا للحق في الصحة والحياة، داعية السلطات إلى اتخاذ إجراءات ملموسة تضع حدًا لهذا التدهور الخطير.
وعلاقة بالموضوع، عبّر موسى أبويهي، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالمحمدية، عن تضامنه المطلق مع ساكنة المدينة في حقهم المشروع في بيئة سليمة وتنمية مستدامة، معربًا عن قلقه واستيائه الشديدين من استمرار الأنشطة التي تُفاقم الوضع البيئي وتُعيق تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد أبويهي في تصريح خص به صحيفة “صوت المغرب”، أن الوضع البيئي بالمحمدية “بلغ مستويات مقلقة”، بسبب أنشطة صناعية وممارسات تفتقر للمراقبة والصرامة في تطبيق القوانين، مشددًا على أن استمرار هذا الوضع “يُشكّل خطرًا مباشرًا على صحة وسلامة المواطنات والمواطنين، وينذر بعواقب وخيمة ما لم يتم التدخل العاجل”.
وفي غضون ذلك، دعا الحقوقي السلطات المحلية والجهوية والمركزية إلى التحرك الفوري لوضع حد للتدهور البيئي بالمدينة، عبر اتخاذ قرارات حازمة وتحمل المسؤولية المؤسساتية تجاه الساكنة، التي تعاني من التلوث وتراجع جودة الحياة.
وطالب أبويهي الحكومة بتحيين وتفعيل الترسانة القانونية المرتبطة بالبيئة، وملاءمتها مع المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بما يكفل احترام الحقوق البيئية للمواطنين ويحمي الصحة العامة.
وختم أبويهي تصريحه بتوجيه نداء إلى مختلف الهيئات الديمقراطية السياسية والنقابية والجمعوية، من أجل توحيد الجهود والعمل المشترك لمواجهة هذه الوضعية التي تمس حق الساكنة في بيئة سليمة ومحيط عيش إنساني بمدينة المحمدية.