أزمة الملاعب.. معضلة أخرى
لم يكن ينقص البطولة الوطنية لكرة القدم سوى قرار إغلاق أهم ملاعب البلاد لإخضاعها لعملية إصلاح وترميم استعدادا للمنافسات الكروية القارية والعالمية التي حضي المغرب بشرف احتضانها، لنصبح أمام حالات سوريالية من التخبط والارتجال والاحتجاج الذي لا جدوى منه.
فبعدما كان الجميع غارقا في سمفونية النواح جراء الأزمات المالية لجل الأندية ومشكل تأهيل اللاعبين الجدد بفعل عقوبات الفيفا، والدعاوي القضائية التي رفعها المتعاقدون من اللاعبين والمدربين لاستخلاص مستحقاتهم العالقة، إضافة إلى مشاكل التحكيم وتعيينات المديرية المشرفة عليه، وعجز هذه الأندية عن الإنتقال من مفهوم الجمعيات إلى تأسيس شركات رياضية حقيقية تستثمر في منتوجها الكروي وفي قاعدتها الجماهيرية الكبيرة.. نزل بغثة قرار بإغلاق ملعب ابن بطوطة بطنجة وهدم المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط ثم مؤخرا إغلاق المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء.
القرار نتجت عنه مشاكل أخرى حول برمجة المباريات وموافقة ذلك مع خريطة النقل التلفزي والمسابقات القارية التي تشارك فيها الأندية الوطنية إضافة إلى ” طلوع وهبوط ” مسؤولي هذه الأندية طيلة الأسبوع من أجل الحصول على ترخيصات استعمال ملاعب مدن أخرى والتي في كثير منها انتهت بالرفض بمبررات غير مفهومة.
وقوف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم موقف المتفرج من هذه الأزمة الجديدة تبدو وكأنها تقول للأندية ولعصبتها الاحترافية بكل صراحة “عوموا فبحركم “، وتؤكد الإتجاه الذي سلكته مؤخرا في التخلي عن الإشراف عن الكثير من أمور التسيير اليومي للفرق الوطنية بعد سنوات من محاولات الأخذ بيدها لتأسيس جهاز عصبة احترافية مستقل إداريا وماليا وتقنيا عن الجامعة.
أزمة الملاعب الحالية تعيد طرح سؤال جوهري في إطار الحديث الذي لا ينتهي عن الاحتراف والشركات الرياضية وتطوير المنتوج الكروي.. أليس بمقدور أندية كبيرة تراكم عقودا من الوجود والإنجازات وتدار بالملايير أن تتوفر على ملاعبها الخاصة بطاقة استيعابية متوسطة لتستقبل فيها مبارياتها الرسمية؟
الفكرة قد تبدو للبعض من سابع المستحيلات حاليا بالنظر لغياب الحكامة في التدبير المالي الحالي للأندية الوطنية وغرقها في مشاكل التسيير اليومي وغياب أي استراتيجية مستقبلية لديها.. لكن بناء ملعب خاص بالنادي أصبح فكرة استثمارية تفرض نفسها لدى جل أندية العالم في الوقت الراهن وتتم بمعزل عن الميزانية السنوية عبر قروض بنكية كبيرة يتم استخلاصها بنسب مئوية من مداخيل الجمهور وكراء الملعب للحفلات الضخمة بعد تشييده.
هذا إذا كنا نريد حقا دخول عالم الإحتراف وتسويق منتوجنا الكروي وإدخال أنديتنا لوسط العجلة الإقتصادية للبلاد وليس ” القصارة ” كما نفعل منذ زمن طويل.