أربع نقاط فرقت العلماء والحداثيين في مسار إصلاح المدونة
أعاد الملك محمد السادس، اليوم الجمعة 28 يونيو 2024 ملف إصلاح مدونة الأسرة إلى يدي العلماء، بإحالة المقترحات المقدمة إليه على أنظارهم لإصدار فتاوى فيها، وذلك بعد أشهر من التقاطب والجدل الحاد بين الحداثيين والمحافظين، حول مجموعة من القضايا التي أثيرت خلال ورش الإثلاح.
الإرث
لطالما تواجدت مسألة المساواة في الإرث على رأس القضايا الخلافية في المدونة، حيث دعت العديد من الأصوات إلى مراجعة منظومة الإرث والمساواة بين نصيب الرجل والمرأة في الإرث، بالاضافة الى إلغاء التعصيب في الإرث، الذي قد يسمح للعم أو ابن العم أن يرث مع بنات الأب المتوفى اذا لم يكن له أبناء ذكور.
و تعتبر هذه الاصوات أن الشق المتعلق بالإرث في المدونة يناقض مضامين الدستور خاصة الفصل 19 الذي يكفل المساواة في الحقوق والحريات بين الرجل والمرأة.
على الجانب الآخر، ترفض التيارات الإسلامية أي تغيير في مقتضيات مدونة الأسرة المتعلقة بنظام الإرث، وتعتبر ذلك خروجا عن ما جاء به الشرع.
زواج القاصرات
رغم محاولة المدونة محاصرة ظاهرة زواج القاصرات بتحديد سن الزواج في 18 سنة، إلا أن الظاهرة استمرت في الإرتفاع، وهذا راجع بالأساس الى الفصل 20 من مدونة الأسرة الذي يسمح بإمكانية تزويج القاصرين، بحيث يمكن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج من هم دون سن الأهلية بمقرر معلل.
ووفق دراسة أنجزتها النيابة العامة، فقد سجلت محاكم المملكة في سنة 2022، 20 ألف طلبا للسماح بزواج القاصر، وافق القضاء على أكثر من 13 ألف منها.
في المقابل، عبر عدد من العلماء والمحافظين عن رفضهم بشكل قاطع لمنع أو تجريم زواج الفتيات أقل من 18 سنة، لمبررات مختلفة، ومن بينها لمخالفته المقتضيات الشرعية.
حق الولاية على الأبناء
تعطي مدونة الأسرة سلطة ولاية الأبناء حصرا للأب، في حالة الطلاق، فبحسب المدونة فالأب هو الولي على أبنائه، فيما يمكن للمرأة تولي ذلك فقط في حالات استثنائية لا يكون فيها الأب.
وبالتالي فالأم لا يمكنها إنجاز وثائق إدارية لأبنائها كجواز السفر، أو السفر رفقتهم خارج الوطن، أو نقلهم من مدرسة لأخرى، إلا بإذن الأب، وهو ما قد يخلق مشكلة في حال عدم اكتراث الأب بأبنائه وعدم الاهتمام بشؤونهم، بحيث قد يلجأ هنا البعض الى تحويل هذه الولاية إلى طريقة للابتزاز.
وأثيرت قضية الولاية المشتركة على الأبناء بشكل واسع خلال مناقشة تعديل المدونة، وكانت كذلك محل انقسام بين مختلف المكونات.
منع تعدد الزوجات
من بين النقاط الشائكة التي حملتها النقاش حول إصلاح المدونة، قضية منع تعدد الزوجات، حيث دعت عدد من الهيئات ومن بينها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مذكرته لتعديل مدونة الأسرة، إلى منع تعدد الزوجات، والتخلي على المقتضيات المرتبطة بتقييده في المدونة.
وعلل المجلس موقفه في منع التعدد، وقال إنه على الرغم من أن المدونة قيدت تعدد الزوجات بعدة قيود من بينها عدم وجود شرط في عقد الزواج من طرف الزوجة بعدم التعدد عليها، وضرورة إثبات الزوج لتوفره على الإمكانيات المالية الكافية لإعالة أسرتين، وإثبات المبرر الاستثنائي الموضوعي لطلب التعدد، فإنه سجل وجود تفاوت بين المحاكم في تقدير شرط المبرر الاستثنائي الموضوعي في الطلبات المقدمة أمام القضاء.
في المقابل، يرفض المحافظون، إصلاميون وعلماء، بشكل قاطع، منع تعدد الزوجات بشكل كلي، ويعتبرون أنه تحريم لما أحله الله، مطالبين بالحفاظ على الوضع القائم، بترك الإذن بين يدي القضاء وبموافقة الزوجة الأولى.