story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

آلاف الوظائف على المحك.. قانون فرنسي جديد يهدد مراكز النداء بالمغرب

ص ص

اعتمد البرلمان الفرنسي يوم 21 ماي قانونًا صارمًا يحظر التسويق الهاتفي دون موافقة صريحة مسبقة من المستهلك، على أن يتم تشديد العقوبة في حالات الانتهاكات الجسيمة أو المتكررة، بما يشمل غرامات تصل إلى 500 ألف يورو وخمس سنوات سجناً، وقد تصل العقوبة إلى 20% من رقم أعمال الشركة السنوي، وهو ما يضع مراكز النداء بالمغرب أمام تحدي كبير للتأقلم قبل دخول القرار حيز التنفيذ.

في هذا السياق، وصفت صحيفة “Libération” هذا القرار بـ”الزلزال القادم” الذي أمام مراكز الاتصال في المغرب، خاصة أن السوق الفرنسي يشكل أزيد من 80% من رقم أعمال هذه المراكز التي توظف نحو 120 ألف شخص، والتي يصل عدد المصرح منها إلى 800 مركز في المغرب.

من جانبه أكد أيوب سعود، الأمين العام للاتحاد الوطني لمراكز الاتصال ومهن الأوفشورينغ في تصريح للصحيفة الفرنسية: “أن الهياكل الأكثر هشاشة هي تلك التي تعتمد أساسًا على التسويق الهاتفي، وهو ما يشمل غالبية المراكز في المغرب”، مشيرًا إلى “وجود مئات المراكز غير المرخصة التي تعمل بلا عقود أو حقوق اجتماعية للعمال، خاصة المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء”.

ويضيف سعود: “يجب الاستعداد لإغلاقات واسعة، النشاط القائم على التسوق الهاتفي مربح للمستثمر لأنه يعتمد على بيع منتجات وخدمات والحصول على عمولات، أما التحول لاستقبال المكالمات فيصبح أقل جاذبية”.

وحسب صحيفة “Libération” فإن هذا القرار ينضاف لعمق من أزمة يعيشها القطاع، حيث تجسد حالة شركة “Paul & José” مثالا عن الواقع القاسي للقطاع، حيث اكتشف موظفوها أن صاحب الشركة باع حصصه لمستثمر فرنسي-كاميروني مقابل 7300 يورو فقط، تاركًا 60 موظفًا بلا عمل، ويعلق أيوب سعود: “حتى لو حصل الموظفون على حقهم قضائيًا، من سيدفع إذا اختفى الرؤساء؟”.

واعتبر سعود أن هذا القانون من المنتظر أن يجهز على عدد كبير من مراكز النداء بالمغرب، وهو ما سيجعل الآلاف من الأجراء خارج سوق الشغل، خصوصا أن غالبية المراكز المتواجدة في المغرب عبارة عن مقاولات صغيرة أو متوسطة الحجم، يشكل البيع عبر الهاتف 100% من نشاطها.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأزمة تأتي في وقت يعاني فيه المغرب من أعلى نسب البطالة منذ عشرين عامًا، حيث بلغ معدل البطالة في نهاية 2024 نحو 13.3%، بينما يسجل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا نسبة بطالة تصل إلى 35.8% وفق إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط.

وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة وضعف فرص التشغيل الأخرى يوفر قطاع مراكز الاتصال في المغرب فرصة للاستقرار المالي، خاصة بالنسبة للشباب المتخرج حديثا رغم صعوبة العمل في هذا القطاع وعدد الساعات المرتفع.

وفي السياق، يظهر تحليل موقع “Rekrute” المختص في أخبار وبيانات سوق الشغل، أن مراكز النداء حافظت على صدراتها ضمن القطاعات الأكثر توظيفًا خلال سنة 2024، وذلك بأزيد من 11 ألف و500 منصب، أي ما يعادل 19% من مجموع المناصب المفتوحة خلال السنة الماضية والمقدر عددها بـ60 ألف و689 منصب.

على الجانب الآخر كانت مجلة “جون أفريك” الفرنسية قد نقلت عن يوسف الشرايبي، رئيس مجموعة “أوتسورسيا” تصريحه الذي قلل فيه من تأثير هذا القرار المرتقب تفعيله خلال السنة المقبلة، موضحا أن هذا القرار جاء في سياق يعرف فيه الترويج الهاتفي تراجعا ملحوظا بعد أن بات يشكل أقل من 15% من قطاع ترحيل الخدمات في المغرب.

وأضاف أن الاعتماد على المكالمات الهاتفية في مراكز الاتصال أصبح يتراجع لصالح خدمات أخرى من أبرزها “التعهيد الخارجي للعمليات التجارية” (BPO)، إذ تتولى مراكز النداء مهام مسندة إليها من شركات خارجية كخدمات الزبائن والدعم التقني ومعالجة الطلبات، ما يعني أنها تتكلف بالتعامل مع زبناء الشركة.

ومن بين هذه الخدمات التي تعرف ارتفاعا أيضا، ذكر الشرايبي ما يعرف بالخدمات الخلفية، يقصد بها العمليات الإدارية أو التقنية غير الظاهرة للعميل، بالإضافة إلى الاعتماد المتزايد على التواصل مع الزبائن عن طريق الكتابة بدل المكالمات الهاتفية.

*نسرين أولفقيه.. صحافية متدربة