آباء “مفجوعون” على أبنائهم المحتجزين بميانمار يحتجون أمام الخارجية
بعد مضي ستة أشهر من تفجر قضية الشباب المغاربة المحتجزين بميانمار من طرف عصابات دولية سقطوا في شراكها، بدأت السلطات المغربية “بالتحرك رسميا” في البحث عن سبل لإنقاذهم، وهو التحرك الذي ما تزال عائلات هؤلاء الضحايا تراه “غير كاف”.
عتاب “آباء مفجوعين”
وخاضت عائلات الضحايا المحتجزين بميانمار صباح اليوم الخميس 16 ماي الجاري، وقفة احتجاجية أمام وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، “أملا في تدخل عاجل منها لإنقاذ أبنائها من براثين هذه العصابات الإجرامية”.
وترى العائلات “المفجوعة على أولادها” أن تدخل السلطات المغربية بإعلانها فتح بحث قضائي في القضية “متأخرا” وهو الأمر الذي عبر عنه “سمير” أب لأحد الشباب الذين احتجزوا هناك منذ ستة أشهر، وأكد “سمير” في حديثه لـ”صوت المغرب” صبيحة اليوم إن العائلات “تعتب أكثر على السفارة المغربية ببانكوك”.
ومنبع العتاب وفق سمير نابع من كونها “لم تقدم بأي شكل من أشكال المساعدة لهؤلاء الشباب أو لعائلاتهم” وتابع قائلا إن “هناك شبابا تمكنوا من التحرر لكن بفضل منظمات تعمل في العمل الإنساني” مشيرا إلى أنه “حتى بعد تمكن هؤلاء من النجاة لم يجدوا أي دعم من السفارة”.
وأكد أن كل هذه العملية التي وصفها بـ”التحرير والتحرر” قد قامت بها هذه المنظمات الإنسانية دون تدخل من السفارة، مضيفا أن العائلات قدر ربطت علاقات بهذه المنظمات وتتواصل معها وعبرها حصلوا على معلومات تؤكد أنه “إلى حد اللحظة تمكن 7 شباب مغاربة من الإفلات من قبضة العصابة”. هذه النجاة التي قال سمير إنها كانت “مقابل فدية قدموها”.
الركون إلى “الصمت المريب”
وتساءل الأب أثناء حديثه لـ”صوت المغرب” عن “سر” الصمت الذي وصفه بـ”المريب” من طرف وزارة الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، هذا الصمت الذي قال سمير إنه “طال إلى حدود الأمس”.
وتحدث الأب في هذا الصدد عن تصريح سفير المملكة ببانكوك عبد الرحيم الرحالي، الذي أدلى به لوكالة المغرب العربي للأنباء، مشيرا إلى أن السفير “اعترف بوجود هذا المشكل وقال إن السلطات تبذل مجهودات لحله” إلا أن الأب انتقد “عدم ذكره لأي تفاصيل حول أخرى”.
وبالمقابل من ذلك عبرت العائلات المحتجة عن تثمينها للخطوة التي أقدم عليها الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء الذي أمر يوم أمس بفتح بحث قضائي في القضية.
“اعتراف” السفير بالقضية
وبعد تفجر القضية، اعترفت السلطات المغربية رسميا بهذه القضية، وجاء ذلك في تصريح أدلى به سفير المغرب بتايلاند عبد الرحيم الرحالي لوكالة المغرب العربي للأنباء يوم أمس 15 ماي الجاري.
وأوضح الرحالي أن عددا من المواطنين المغاربة تم احتجازهم من قبل منظمات غير شرعية تنشط في مناطق متمردة بميانمار، القريبة من الحدود مع التايلاند. وأضاف أن هؤلاء المواطنين المغاربة يوجدون ضمن عدة آلاف من الأشخاص من جنسيات مختلفة، ولاسيما من بلدان إفريقية وآسيوية وأوروبية.
وحسب رواية الأسر والناجين، فقد وجد الضحايا أنفسهم في هذه الوضعية بعدما تم إغراؤهم بعروض عمل وهمية، يزعم أنها في مجال التجارة الإلكترونية، بأجور مرتفعة وظروف عمل جذابة. وأوضح أنه، وبعدما تم استدراجهم نحو نقاط للقاء بكل من ماليزيا وتايلاند، تم نقل الضحايا من قبل شبكات تهريب إلى مناطق تسيطر عليها جماعات مسلحة متمردة في ميانمار، من أجل تشغيلهم في مراكز نداء سرية تعمل في مجال الجرائم السيبرانية.
وسجل أن ” الأشخاص الذين يتم توظيفهم يكلفون عموما باستقطاب أشخاص من بلدانهم الأصلية في عمليات احتيال مختلفة، عبر بيانات تعريف مزيفة، وأحيانا بواسطة ما يسمى ببوابات الاستثمار ومواقع مزيفة لألعاب الحظ ، وفي أحيان أخرى عبر منصات للنصب والابتزاز بانتهاك الخصوصية”.
وفي هذا الصدد، دعا السفير إلى المزيد من اليقظة أمام محاولات للتوظيف، قد تكون جارية، بواسطة عملاء محليين وعبر شبكة الأنترنيت، مشيرا إلى أن سفارة المغرب في اتصال يومي مع السلطات التايلاندية، من أجل تتبع الوضع، والحصول على كافة المعلومات المتعلقة بالمواطنين المغاربة المعنيين، وتقديم المساعدة لهم، مبرزا أهمية إحاطة هذه الإجراءات بكافة الاحتياطات اللازمة حتى لا تتعرض سلامة مواطنينا للخطر أو لأعمال انتقامية.
وأضاف أن السفارة تنسق، أيضا، مع قنصليات البلدان التي يوجد مواطنوها في نفس الوضعية ، وكذا مع المنظمات الإقليمية والدولية التي تعمل في المنطقة، ومنها المنظمة الدولية للهجرة.
رواية السفارة التيلاندية
وفي الـ4 من ماي الجاري أكدت سفارة تايلاند بالمغرب هذه الأخبار الرائجة بشأن احتجاز الشباب المغاربة مشيرة إلى أن هذه الحوادث “صارت تتكرر خلال السنوات الأخيرة، ولم تنف وجود مغاربة من بين الضحايا الذين سقطوا بين أيادي هذه الشبكات “الإجرامية”.
وأكدت أن “حوادث استدراج الشبكات الإجرامية الدولية لبعض الرعايا الأفارقة إلى بعض المناطق في جنوب شرق آسيا ظاهرة حديثة نسبياً تخص مواطنين من العديد من دول العالم، وتعمل الحكومات في جنوب شرق آسيا وأفريقيا بشكل مشترك للتصدي لها”.
وأضافت أنه “قد وقع مواطنون من مختلف البلدان الأفريقية، وليس فقط من المغرب، ضحايا لمثل هذه العصابات الدولية للاتجار بالبشر وعصابات الجريمة الإلكترونية”. وقالت إنه “من الصعب التحقق من العدد الدقيق لهؤلاء الضحايا المحتملين وجنسياتهم وأماكن وجودهم”. ولا تزال التحقيقات التي تجريها وكالات إنفاذ القانون الوطنية والدولية.
وقالت إنه “كتدابير أولية ووقائية، أصدرت الحكومة التايلاندية تعليمات للسفارات التايلاندية في أفريقيا بتطبيق تدابير احترازية إضافية في منح التأشيرات من أجل تقليل فرصة وقوع المواطنين الأفارقة ضحايا لهذه الأنشطة الإجرامية أو استخدام تايلاند كطريق عبور نظراً لأن تايلاند محور طيران في جنوب شرق آسيا”.