جرى تكبيل المغرب بنجاح..
مجزرة اسرائيلية جديدة في حق الفلسطينيين، وإعلان رسمي للحداد لمدة ثلاثة أيام في الأراضي الفلسطينية، ولا ردة فعل من المغرب حتى الآن.
دعوا الاعتبارات الإنسانية جانبا، ولننس لبعض الوقت الرابط الأخوي الخاص الذي يجمع المغاربة بالفلسطينيين، ولنتحدث فقط لغة المصالح التي يتشدق البعض بإتقانها:
غياب رد فعل مغربي عما يحصل في فلسطين يعني خسارته لورقة حيوية للعمل والتأثير الدبلوماسيين في المنطقة العربية والإسلامية. ويعني خروجنا من خريطتنا الإقليمية وخسارتنا جزءا من التعاطف والتضامن اللذان نتمتع بهما في العالمين العربي والاسلامي، وبعد ذلك سيأتي من يمارس علينا التباكي والشكوى من ضربة من هنا وأخرى من هناك!
ما قدمه لنا البعض على أنه تقييد لرأس النظام العالمي وضمانة لمصالحنا، أصبح تقييدا لنا وتهديدا لمصالحنا الحيوية وأمننا القومي.
لننظر شمالا: بعد هجمة التفعفيع الخاوي التي قمنا بها ضد بعض الدول الأوربية مأخوذين بحماس التطبيل، ماذا حصل لنا مع الاوروبيين؟
لقد نسجوا حولنا فخا عنكبوتيا محكما، جعلنا نفقد القدرة على المبادرة وتوجيه الضربات، وتم استهدافنا في أهم ورقة كانت تسعفنا في تدبير علاقتنا بجوارنا الأوربي، والتي هي الورقة الأمنية، وأهم وأخطر ما حصل، هو أنهم تمكنوا بدهاء من تحييد إسبانيا وبالتالي تجريدنا من أهم ورقة ضغط على الأوربيين.
في طريقهم نحو الوضعية الحالية التي حشرونا فيها في الزاوية الضيقة، بعث الأوربيون اسبانيا لمنحنا بارقة أمل، وتطبع علاقاتها معنا بما يحرمنا من أية فرصة للتصعيد معها، بل باتت هي من يلعب دور الطيب الذي يدافع علينا ضد باقي الاوربيين الأشرار.
أكثر من مجرد تحييدنا ومنعنا من التصعيد معها، حصلت إسبانيا على مقابل لا نعرف حتى الآن حجمه ولا حدوده، يكفينا أنهم احتفوا داخل مؤسساتهم بما قالوا إنه صمت مغربي رسمي عن المطالبة بسبتة ومليلية، ولم يصدر عن دبلوماسيتنا ولو ربع تكذيب.
الآن نحن في ورطة مع التكتل الأوروبي، واليد التي توجع أوربا من جهتنا، أي اسبانيا بمصالحها الأمنية والاقتصادية معنا، تم تأمينها وتحصينها، وتركونا نغني “لاموني للي غاروا مني…”.
السياسات المنفصلة عن العمق الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للدول لا تعدو أن تكون مغامرات تؤول في الغالب الى الفشل.
فأعيدوا الدولة إلى حضن مواطنيها الله يخليكم!