خبير: ضعف التكوين واستفحال الأنشطة غير المهيكلة يرفعان معدل “الشغل الناقص” بالمغرب
سلطت مذكرة أخيرة للمندوبية السامية للتخطيط، الضوء على ارتفاع ظاهرة “الشغل الناقص” بالمغرب والتي يرى العديد من المراقبين أنها مؤشر من بين مؤشرات أخرى مرتبطة بسوق الشغل “تدق ناقوس الخطر”، وذلك ببلوغ معدلها مع نهاية الفصل الثالث من السنة الجارية إلى 10 بالمائة على المستوى الوطني، وهو ما يشكل 1 مليون و66 ألف شخص في وضعية “شغل ناقص”.
وحسب تعريف المندوبية السامية للتخطيط، يُعرَّف “الشغل الناقص” على أنه الحالة التي يكون فيها الأفراد المشتغلون غير قادرين على استغلال قدراتهم وإمكانياتهم بشكل كامل في سوق العمل ويقسم إلى نوعين:
- الشغل الناقص المرتبط بعدد ساعات العمل: يحدث عندما يعمل الأفراد عدد ساعات أقل من تلك التي يرغبون أو يستطيعون العمل بها، مما يؤدي إلى عدم تحقيق دخل كافٍ.
- الشغل الناقص المرتبط بالدخل غير الكافي أو بعدم ملاءمة الشغل مع المؤهلات: يتمثل في عدم توافق العمل مع مهارات وتكوين الأفراد، أو عندما يكون الدخل المحصل عليه غير كافٍ لتلبية احتياجاتهم الأساسية
وبالعودة إلى مذكرة المندوبية، فقد ارتفع حجم السكان النشيطين المشتغلين في حالة الشغل الناقص المرتبط بعدد ساعات العمل، إلى 584 ألف شخص على المستوى الوطني، فيما تراجع عدد السكان النشيطين المشتغلين في حالة الشغل الناقص المرتبط بعدم كفاية الدخل أو عدم التوافق بين الدراسة والشغل إلى 482 ألف شخص.
وفي تعليقه حول الموضوع، أوضح الخبير الاقتصادي، ياسين اعليا، أن ارتفاع هذه الظاهرة مرتبط أساسا بنوعية الاقتصاد المغربي المتأثر بشكل كبير بالظرفيات، بالإضافة إلى طبيعة التكوين بالمغرب، والتي لا تتماشى مع متطلبات سوق الشغل الحالية، وتتركز في أنشطة دون غيرها.
وأشار اعليا إلى أن الاعتماد على الأنشطة غير المهيكلة التي تعرف فترات متقطعة من النشاط يعمق بشكل كبير من هذه الظاهرة، مبرزا أن القطاع غير المهيكل يشغل تقريبًا حوالي 75 في المئة من الساكنة النشيطة.
وتابع الخبير أن ارتفاع نسبة الاقتصاد غير المهيكل يؤدي إلى الرفع من مستويات هذه الظاهرة، التي تدل على الهشاشة البنيوية للاقتصاد المغربي، مسجلا أن الظاهرة مرتبطة بالسياق المغربي، حيث إن كثيرًا من الأنشطة المرتبطة بظروف معينة، مثل القطاع الفلاحي وكذلك قطاع البناء، تعرف انتشار هذه الظاهرة.
في هذا السياق، كانت مذكرة المندوبية السامية للتخطيط قد أوضحت أن قطاع “البناء والأشغال العمومية” سجل أعلى نسبة شغل ناقص بنسبة تناهز 20 بالمائة، متبوعا بقطاع “الفلاحة والغابة والصيد البحري” بنسبة تقارب 12 بالمائة، ثم قطاع “الخدمات” بـ7.6 بالمائة.
وأبرز اعليا أن عدم تكافؤ المجهود والقدرات في كثير من الأحيان مع نوعية الأنشطة التي يمارسها بعض المشتغلين في مجموعة من القطاعات، يفسر إشكالية مرتبطة بنوعية التكوين الذي لا يتلاءم مع الحاجيات الحقيقية للسوق، وتركزه في مجموعة من الأنشطة مما يشكل فائضًا من اليد العاملة، أي حاجيات غير متناسبة مع كميتها.
ويذكر أن المندوبية في مذكرتها حول وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثالث من سنة 2024، كشفت أن معدل البطالة استمر في منحاه التصاعدي حيث انتقل من 13,5 بالمائة خلال الفصل الثالث من سنة 2023، إلى 13,6 بالمائة خلال ذات الفترة من سنة 2024، مبرزة أن قطاع “الفلاحة والغابة والصيد” واصل نزيفه بفقدانه لـ 124 ألف منصب شغل خلال ذات الفترة.