بين ترامب وهاريس.. مصالح المغرب في ميزان الصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين
تتجه أنظار العالم اليوم نحو مراكز الاقتراع الأمريكية التي فتحت أبوابها أمام ملايين الأمريكيين لاختيار رئيسهم الـ47 في تاريخ بلادهم في انتخابات رئاسية محتدمة يتنافس فيها كل من المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، التي تسعى لأن تكون أول امرأة ترأس الولايات المتحدة، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي يحاول العودة إلى المنصب الذي تركه سنة 2021 عقب انتهاء ولايته الأولى وخسارته أمام الرئيس الحالي “جو بايدن”.
وبالنسبة للمغرب، كغيره من دول العالم، تعد الانتخابات الأمريكية حدثًا له أبعاده الاستراتيجية العميقة، التي تمس عددا من الملفات، وخاصة ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية التي حقق فيها المغرب مكاسب متتالية خلال الفترة الأخيرة.
ويرى مراقبون أن عودة دونالد ترامب إلى كرسي الرئاسة قد تضمن استكمال ما بدأه باعترافه بمغربية الصحراء مع نهاية ولايته السابقة، وذلك بفتح القنصلية الأمريكية التي وعد بها بالأقاليم الجنوبية للمملكة، فيما يرى آخرون أن موقف أمريكا من القضية لا يرتبط بهوية من يصل إلى سدة الحكم، بقدر ما هو ملف تحكمه القضايا الاستراتيجية بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
تفاعلًا مع الموضوع، يتوقع حمزة الأنفاسي، الصحافي والخبير في الشأن الأمريكي، ألا يغير فوز هاريس عوضًا عن ترامب من مسار السياسات الكبيرة التي انتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية في الأعوام الأخيرة، بما في ذلك توجهاتها فيما يخص قضية الصحراء المغربية، مضيفًا أن المغرب خَبِر الطرفين سواء ترامب خلال ولايته التي أسفرت عن الاعتراف بمغربية الصحراء، أو حكم بايدن وهاريس الذي لم يتراجع عن هذا الموقف.
بخصوص نهج مرشحة الديمقراطيين “كامالا هاريس” في حال فوزها، يرى المتحدث أنها ستستمر في نهج التعددية الدبلوماسية التي اتبعها بايدن والتي يعرف بها الحزب الديمقراطي، كسياسة القيادة من الخلف والتشبيك الدبلوماسي في التعامل مع القضايا العالمية. مضيفًا أنه على مستوى المغرب، “رأينا أن إدارة بايدن لم تتراجع عن القرار الرئاسي لترامب بمغربية الصحراء، وذلك ما نتوقعه أيضًا تحت إدارة هاريس”.
ومن الناحية الاقتصادية، أوضح الأنفاسي أن ترامب سيكون أكثر قربًا من النفس الاستثماري للمغرب في إطار استعداده لاحتضان كأس العالم لسنة 2030، بالإضافة إلى توقيعه عددًا من المعاهدات الاقتصادية مؤخرًا مع فرنسا وقبلها دولة الإمارات وقطر والبرازيل والهند على مستوى الصناعات الثقيلة.
من جانبه، يرى سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن موقف الولايات المتحدة الأمريكية من قضية الصحراء المغربية “أصبح ثابتًا. وحتى إذا لم يحدث تقدم مهم جدًا في ظل إدارة الديمقراطيين، إلا أن الموقف لم يشهد أي تراجع، وهو ما يعد مكسبًا مهمًا”.
في هذا السياق، أكد الأستاذ الجامعي أنه حتى في حال صعود مرشحة الديمقراطيين “كامالا هاريس” على حساب “ترامب”، الذي جاء الاعتراف بمغربية الصحراء في نهاية ولايته، فإن المغرب لن يتضرر، خصوصًا في ظل قرار مجلس الأمن الأخير الذي كان لصالح المغرب، والذي لعبت فيه أمريكا دورًا مهمًا.
وتابع الصديقي أن مصالح المغرب مرتبطة أيضًا بالنظام الدولي بشكل عام، وباستقرار موقع حلفائه في المنظومة الدولية، وبالتالي فإنه على هذا المستوى قد تكون “هاريس” هي الأفضل. مستدركًا أن المنطقة المغاربية لا تحتل موقعًا مهمًا في الاستراتيجية الأمريكية بشقيها الديمقراطي والجمهوري، وبالتالي فإن الاهتمام بها سيظل محدودًا، إلا إذا كانت هناك فوائد كبيرة تجنيها أمريكا أو أحد حلفائها الأقربين مقابل ذلك.
وبدأ ملايين الأمريكيين اليوم الثلاثاء 05 نونبر 2024، على مستوى مراكز الاقتراع بالساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، في الإدلاء بأصواتهم لاختيار الرئيس الـ47، في الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها كل من المرشحة الديمقراطية “كامالا هاريس” والمرشح الجمهوري “دونالد ترامب”.
غير أن عدد الناخبين الأمريكيين المسجلين يصل إلى نحو 160 مليونا فقط ، ومع ذلك، تسمح نصف الولايات الـ50 تقريبا في الولايات المتحدة بالتسجيل في يوم الانتخابات، بينما يستطيع المواطنون التصويت دون تسجيل في ولاية داكوتا الشمالية.
ويوصف هذا الاستحقاق بأنه الأكثر تنافسا وتشويقا في تاريخ الانتخابات الأميركية، بين كاملا هاريس ودونالد ترامب، وسط مخاوف من أعمال عنف قد تلي إعلان النتائج.
وإذا فازت مرشحة الحزب الديمقراطي “كاملا هاريس” بهذه الانتخابات، فسيكون الأمريكيون قد اختاروا لأول مرة امرأة، لاعتلاء عرش الرئاسة بالبيت الأبيض. وإذا ما فاز المرشح الجمهوري “دونالد ترامب”، قد يكون أول رئيس للولايات المتحدة يجلس على كرس الرئاسة بالبيت الأبيض وهو مدان في قضايا جنائية، ومتابع بملاحقات قضائية عدة.
وقد أظهرت آخر استطلاعات الرأي في سباق الرئاسة الأمريكية تساوي الحظوظ بين المرشحين في الولايات الحاسمة التي ستمنح المرشحة الديمقراطية أو المرشح الجمهوري في هذا الاقتراع غير المباشر، عددا كافيا من الناخبين الكبار لتحقيق عتبة 270 ناخبا كبيرا من أصل 538 الضرورية للفوز.