طلبة المغرب.. عام من التضامن والتنديد بجرائم إسرائيل والمطالبة بإسقاط التطبيع
يواصل آلاف الطلبة المغاربة، بمختلف جامعات المملكة، على مدار أكثر من عام تنظيم مظاهرات وفعاليات تضامنية مع الفلسطينيين بقطاع غزة ولبنان، للتنديد بحرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال في البلدين، والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين واللبنانيين.
ولا تتوفر إحصائية إجمالية عن عدد الفعاليات التي نظمها هؤلاء الطلبة منذ بدء الإبادة بغزة في 7 أكتوبر 2023، والتي تضمنت وقفات ومسيرات وندوات توعوية وإضرابات عن الدروس لأيام محددة للمطالبة بوقف التطبيع بين المغرب وإسرائيل.
لكن مسؤول بـ”الاتحاد الوطني لطلبة المغرب”، الذي يعد أكبر فصيل طلابي بالمملكة، يذكر أن اتحاده شارك لوحده في تنظيم أكثر من 400 مظاهرة بنحو 40 مؤسسة جامعية خلال هذه الفترة.
فعاليات ساهمت، وفق حديث المسؤول للأناضول، في ترسيخ القضية الفلسطينية ورفض التطبيع مع إسرائيل في عقول ووجدان شريحة طلاب الجامعات، الذين يبلغ عددهم نحو 1.3 مليون، يمثلون ما نسبته نحو 3.5 بالمئة من إجمالي تعداد السكان البالغ 37.8 مليونا.
إضافة إلى المساهمة بتعطيل عجلة التطبيع بين المغرب وإسرائيل، وخاصة الأكاديمي، بما شمل قبل أسبوعين، إلغاء محاضرة كان من المقرر أن يلقيها أكاديمي إسرائيلي بجامعة مغربية.
وبدعم أمريكي مطلق، خلفت الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بغزة منذ 7 أكتوبر 2023، أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان بينها “حزب الله”، اندلعت عقب بدء حرب الإبادة على غزة، وسعت إسرائيل منذ 23 سبتمبر الماضي نطاق الإبادة لتشمل جل مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا، عن استشهاد ألفين و593 وإصابة 12 ألفا و119، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلا عن أكثر من مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية معلنة حتى مساء الخميس.
حراك طلابي متواصل
وفي ظل هذه الإبادة الإسرائيلية المتواصلة، كان الحراك الطلابي بالمغرب المتضامن مع غزة ولبنان يزداد زخما يوما بعد الآخر.
أحدث هذه الفعاليات الطلابية تنظمها حاليا “منظمة التجديد الطلابي” في مدينة تطوان؛ حيث تعقد بين يومي 20 و25 أكتوبر الحالي “المنتدى الوطني للحوار والابداع الطلابي” تحت شعار “العمل الطلابي.. سواعد الوطن، وصوت فلسطين للتحرر”.
ويعرف هذا المنتدى ندوات وورشات ولقاءات بمشاركة وزراء ومسؤولين سابقين حول مواضيع تتعلق بالقضية الفلسطينية وحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.
أيضا جرت فعاليات طلابية نشطة في 7 و9 أكتوبر الجاري، تضامنا مع غزة ولبنان بمواجهة العدوان الإسرائيلي، عندما شارك آلاف الطلاب في وقفات ومسيرات بعدة جامعات؛ استجابة لدعوة “الاتحاد الوطني لطلبة المغرب”، و”منظمة التجديد الطلابي”.
وبموازاة هذه الوقفات والمسيرات، نظم الطلاب إضرابا عاما عن الدراسة في 7 أكتوبر، والذي شهد مشاركة واسعة بالكثير من الكليات والمعاهد الجامعية.
وجاءت الدعوة للوقفات والمسيرات والإضراب بمناسبة مرور عام على حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة بغزة.
الطلاب في الطليعة
وتعليقا على زخم الحراك الطلابي بالمغرب المتضامن مع فلسطين ولبنان، والذي يُعد الأكبر من نوعه عربيا وإسلاميا، قال الكاتب العام لـ”الاتحاد الوطني لطلبة المغرب” صابر إيمدنين، إن “الطلاب كانوا في طليعة الدعم للقضية الفلسطينية منذ بداية حرب الإبادة”.
وأوضح إيمدنين، للأناضول أن الطلاب ينظرون إلى ما يجري في غزة على أنه “معركة حاسمة لها أبعادها، والكل يتابع تداعياتها الجيوسياسية محليا وإقليميا ودوليا”.
ولفت إلى أن الاتحاد نظم في هذا الصدد أكثر من 400 مظاهرة في الجامعات المغربية خلال العام الماضي، والتي تهدف في جزء منها إلى إيصال رسالة للجهات الرسمية في المملكة بأن الطلاب “يعتبرون فلسطين قضية مركزية، ويدافعون عنها”.
وتابع: “الاتحاد يعتبر القضية الفلسطينية قضيته المركزية، وهو أول منظمة بالمملكة تتخذ هذه القضية قضية وطنية وذلك منذ ستينيات القرن الماضي، ثم بعد ذلك تبنت أحزاب أخرى الخيار ذاته”.
وأكد إيمدنين أن ارتباط المغاربة عامة والطلاب خاصة بفلسطين هو “ارتباط عقدي ووجداني”، خاصة أنها “قضية عادلة أجمع على عدالتها كل أحرار العالم، وليس فقط المسلمين”.
واعتبر أن “نصرة القضية الفلسطينية، واجب على كل حر، وعلى كل مغربي وعربي وأمازيغي، وكل من يريد إقامة العدل، ومن يريد دحر هذا الاستكبار العالمي، المتمثل في الدعم الغربي لإسرائيل، الذي يعثوا الآن فسادا في الأرض”.
وحذر من أن الغرب من خلال دعمه لإسرائيل “لا يريد للشعوب العربية والإسلامية أن تنهض، ولا يريد أن تكون لها إرادة، أو أن يكون لها استقلال في قرارها السياسي ووضعها الاقتصادي، وحتى أمنها السيادي”.
نجاحات الحراك الطلابي
وحول تأثير الحراك الطلابي بالمغرب، قال إيمدنين إنه “ساهم في إيقاف مبادرات التطبيع، وترسيخ الإيمان بقضية فلسطين في عقول ووجدان الطلاب، حتى يشاركوا بقوة في دعمها”.
وأشار إلى أن الحراك ساهم أيضا في “تحرير جزء من الطلاب من تأثيرات الدعاية الصهيونية”.
وفي ديسمبر 2020، استأنف المغرب وإسرائيل علاقتهما الدبلوماسية بوساطة أمريكية، في خطوة أعربت قطاعات شعبية وقوى سياسية في المملكة عن رفضها، وأعقب ذلك زيارة مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى إلى الرباط، توقفت مع بدء الحرب على غزة.
ودعا إيمدنين الأساتذة الجامعيين للانخراط في هذا الحراك الداعم لفلسطين ولبنان، معتبرا أن ذلك “سيساهم في دعم القضية الفلسطينية وتعزيز تأثير الحراك لدى الطلاب والرأي العام”.
ونتيجة لهذا الوعي المتنامي بفضل الحراك الطلابي، وقع 1256 من طلاب وخريجي جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في مدينة بنجرير، في يونيو الماضي، نداءً موجه إلى رئيس الجامعة يطالب بإلغاء 8 اتفاقيات شراكة مع جامعات ومعاهد إسرائيلية.
وفي يوليوز الماضي، وقع 1182 طالب من جامعة “الأخوين” الخاصة بمدينة إفران عريضة استنكار لزيارة أجراها زملاء في نفس الشهر إلى إسرائيل.
ودعا الطلاب الموقعون على العريضة، التي اطلعت عليها الأناضول، بقية الطلاب المغاربة إلى “استنكار كل محاولات التطبيع مع إسرائيل”.
وقالوا في العريضة إن “مشاركة طلبة من جامعة الأخوين في نشاط في تل أبيب، يتعارض مع الأخلاق والقيم التي تعتمد عليها الجامعة”.
إضافة إلى رفع الوعي بين شريحة طلاب الجامعات بالقضية الفلسطينية، وترسيخ رفضهم للتطبيع، ساهم الحراك الطلابي، وفق ما يقول الناشطون فيه، في الضغط الشعبي ضد المبادرات التي تسعى لتفعيل اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل.
ومن النجاحات الأخيرة في هذا الصدد إلغاء محاضرة كان من المقرر أن يلقيها الأكاديمي الإسرائيلي مايكل برونشتاين في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في بنجرير.
فقد جاء إلغاء هذه المحاضرة بعد اعتراض الطلاب واحتجاجهم على استضافة شخصية تدعم الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مسؤول بالجامعة للأناضول، مفضلا عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام: “محاضرة الأكاديمي الإسرائيلي مايكل برونشتاين كان من المقرر أن تحتضنها الجامعة يوم 8 أكتوبر”.
وزاد: “تم إلغاء المحاضرة جراء اعتراض الطلبة على استضافة الأكاديمي الإسرائيلي باعتباره شخصية تدعم الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه على غزة”.
*الأناضول