برادة وزيراً للتربية الوطنية.. البكاري: الولاء للقطاع الخاص لا يناسب تدبير قطاع اجتماعي
أثار تعيين محمد سعد برادة على رأس وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في التعديل الحكومي أمس الأربعاء 23 أكتوبر 2024، استغراباً للطريقة التي تم بها اختيار شخصية بنت مسارها المهني في عالم المال والأعمال ووضعها على رأس قطاع اجتماعي حيوي يتعلق بمنظومة التربية والتكوين في المغرب.
في هذا الصدد، يرى الأستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالدار البيضاء خالد البكاري أن تعيين محمد سعد برادة وزيراً للتربية الوطنية “يطرح التباسات كثيرة حول مبررات هذا التعيين”، مشيراً إلى أن وزارة اجتماعية بحجم “التربية الوطنية”، التي لها تماس مباشر مع عدد هائل من الموظفين ومن الأسر، يتداخل في تدبيرها ما هو إداري وماهو سياسي وما هو لوجيستي وأمني، وما هو بيداغوجي وتواصلي ومعرفي”.
وبالتالي، يضيف البكاري في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، كانت هذه الوزارة دائماً رغم كل ما يمكن أن يقال عن تدبيرها محفوظة لصالح أسماء إما وازنة سياسياً مثل إسماعيل العلوي ومحمد الوفا والحبيب المالكي، أو وازنة معرفياً مثل عبد الله ساعف أو من أطر الدولة المتمرسة مثل شكيب بنموسى ورشيد بلمختار حسب تعبيره، موضحاً أنه “على العموم كانت الأسماء تجر وراءها تجارب في العلاقة بمؤسسات الدولة والوظيفة العمومية والتدافع السياسي”.
ويلفت المحلل السياسي إلى أنه يجري هذه المرة تعيين بروفايل “لم يسبق له أن مر بأي مؤسسة عمومية ولا يعرف ماهية الوظيفة العمومية، كما أنه بعيد عن ميدان التربية والتعليم ولا يمتلك أي خلفية سياسية تؤهله للمنصب”، مبيناً أنه رغم كونه عضواً في المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار إلا أن “خرجاته القليلة تنم عن ثقافة سياسية متواضعة جداً”، متسائلاً بشأن “القيمة المضافة التي يمكن أن يأتي بها”.
وينبه المتحدث إلى إشكال آخر في تعيين الوزير الجديد يرتبط بكون الوزير السابق ترك وراءه مشاريع سمّاها “خارطة طريق”، كان قد جاء من أجل تنزيلها بفريق اشتغل معه في مشاريع سابقة آخرها “لجنة النموذج التنموي”، وهو الفريق الذي عمل على تنزيل مشروع مؤسسات الريادة، باستراتجية يفترض أن تنتهي في 2030، ما ينذر “بوأد هذا المشروع الذي لم يكن ينال رضا رئيس الحكومة باعتبار تكلفته بسبب رحيل الفريق مع رحيل بنموسى”.
ويشير خالد البكاري أيضا إلى أن الوزير الجديد محمد سعد برادة “له ولاء مطلق للقطاع الخاص”، في الوقت الذي سيقود في وزارة يفترض أن “لها أدواراً محورية في التأسيس للدولة الاجتماعية التي تسوق لها كل مؤسسات الدولة”، متسائلاً بشأن قدرة “شخصية بهذه الخلفية على أن تكون مناسبة لهذا الدور”.
ويتساءل أستاذ مهن التربية والتكوين حول “ما قد يغري أشخاصاً يراكمون أرباحاً طائلة في القطاع الخاص بمغامرة تدبير قطاع اجتماعي بمشاكل كثيرة”، مشدداً على أن “هذا الوضع يطرح مخاوف على مستوى تدبير الصفقات العمومية في ظل ضعف آليات الرقابة”.
وعين الملك محمد السادس، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار محمد سعد برادة، وزيرا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، خلفا للوزير السابق شكيب بنموسى، وذلك بمناسبة التعديل الحكومي الذي أشرف عليه الملك أمس الأربعاء 23 أكتوبر 2024، بالقصر الملكي بالرباط.
ويُعرف عن برادة توليه منصب الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس الإدارة في العلامة “ميشوك” (Michoc) للحلويات، كما كان قد اشترى بواسطة شركته (BMPAR) التي تعمل في عدة مجالات بينها صناعة الحلويات وتطوير العقارات، شركة الأدوية (Pharmaprom) التي تعمل في سوق تصنيع واستيراد وتوزيع المنتجات الصيدلانية في المغرب.
وبينما كان رجل الأعمال التجمعي بعيدا تماماً عن تدبير الشأن العام، بقي منخرطاً في نفس الوقت بالشؤون الحزبية لحزب التجمع الوطني للأحرار حيث كان يرأس اللجنة الانتخابية للحزب في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.
وتنتظر محمد سعد برادة، على رأس وزارة التعليم ملفات اجتماعية ضاغطة ورثها عن سلفه بنموسى، أبرزها ما يتعلق بمطالب الشغيلة التي خاضت احتجاجات قوية السنة الماضية استمرت لشهور، فضلا عن ملفات التعليم بالمناطق القروية خاصة المناطق المتضررة سواء من الزلزال أو من الفيضانات.