الفركي: غياب إجراءات تهم “صغار المقاولات” في مالية 2025 يهدد بتفاقم حالات الإفلاس
في ظل استمرار توالي حالات إفلاس “صغار المقاولات” في المغرب والتي وصلت حسب بعض المعطيات إلى 33 ألف مقاولة السنة الماضية، شكل مشروع قانون المالية لسنة 2025، فرصة طال انتظارها لهذه الفئة من المقاولات للاضطلاع على ما سيحمله من إجراءات قد تحميها من” مستنقع الإفلاس”، لكن فور صدور المشروع عبر العديد من المهنيين عن خيبتهم بسبب غياب أي إجراءات عملية بهذا الخصوص.
وقبل صدور المشروع بأيام فقط، كان تقرير للمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي قد وضع وضعية المقاولات بالمغرب على رأس أربع “نقاط يقظة” بمثابة تحديات تواجه الاقتصاد المغربي ويجب الانتباه إليها، حيث أوضح التقرير أن تفاقم إفلاس المقاولات، لا يتسبب في تدمير الرأسمال الإنتاجي فحسب، بل يخلق توترات اجتماعية تزيد من حدتها هشاشة الشغل داخل هذه المقاولات، حيث تُشَغِّلُ هذه المقاولات أزيد من 76 في المائة من العاملين المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وتعليقا على هذا الموضوع، أكد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة عبد الله الفركي أن مشروع قانون المالية لم يأت بأي جديد يهم المقاولات الصغيرة والمتوسطة كتقديم تسهيلات أو إحداث برامج تمويل تعوض بعض البرامج السابقة، مبرزا أن هذا الأمر من شأنه أن يزيد من حدة المشاكل المالية التي باتت العديد من هذه المقاولات تتخبط فيها، مما سيرفع من توالي حالات الإفلاس في هذا القطاع.
وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي قد تحدثت خلال تقديمها لمضامين المشروع يوم السبت الماضي بالبرلمان عن توجه الحكومة إلى “تقوية الدعم المعزز والملائم للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة” وذلك في إطار خطة مندمجة ومتعددة الأبعاد من أجل دعم التشغيل تقوم على ثلاثة محاور، بغلاف مالي يناهز 14 مليار درهم.
في هذا السياق، أكد الفركي أن هذه الصيغة تبقى مبهمة، ولم تحدد أي إجراءات فعلية كتوفير دعم مالي فعلي أو إصدار مراسيم تطبيقية لتطبيق القانون الذي يضمن لصغار المقاولات حصة من سوق الصفقات العمومية، مؤكدا أنه بدون إجراءات عملية مثل برامج تمويل كتلك التي كانت موجودة في “فرصة” و”انطلاقة”، ستستمر هذه المقاولات في الإفلاس.
وذكر المتحدث أن الصفقات العمومية لا تزال تذهب كلها إلى الشركات الكبرى، رغم وجود قانون يعود تاريخ إصداره إلى سنة 2013 يمنح المقاولات الصغيرة والمتوسطة 20 بالمائة من الصفقات العمومية، موضحا أن إصدار مراسيم تطبيقية لهذا القانون كان ليمنح للمقاولات الصغيرة والمتوسطة حصة تبلغ 68 مليار درهم من إجمالي الاستثمارات العمومية المرصودة للسنة المقبلة، والمحددة في 340 مليار درهم.
وخلص الفركي إلى أنه في غياب أي إجراءات قادرة على إنقاذ المقاولات من مستنقع الإفلاس، من المتوقع أن يرتفع عدد حالات الإفلاس من 33 ألف المسجلة العام الماضي، إلى أزيد من 40 ألف مقاولة، لافتا إلى أن الرقم الذي تصدره الهيئات الحكومية والذي لا يتجاوز 16 بالمائة، لا يعكس الإفلاس الحقيقي لجميع فئات المقاولات في المغرب، لكونه لا يأخذ بعين الاعتبار المقاولات ذات الطابع الشخصي والتي تشكل نسبة كبيرة من النسيج المقاولاتي بالمغرب.
وتابع أن هذا الوضع من شأنه أن يعمق من استفحال العديد من الظواهر التي يعاني منها الاقتصاد المغربي كارتفاع أرقام البطالة إلى مستويات قياسية، وتعزيز حضور الاقتصاد غير المهيكل، مبرزا أنه عندما تُفلس هذه المقاولات، ينتقل أصحابها والموظفون بداخلها إلى البحث عن عمل، وهو ما يساهم في الرفع من أرقام البطالة، حيث تشغل المقاولات الصغيرة والمتوسطة أكثر من 85 بالمائة من اليد العاملة في المغرب، في حين قد يتجه البعض إلى القطاع غير المهيكل للاستمرار في مزوالة أنشطتهم دون دفع ضرائب أو تصريح بعمالهم.