رسميا.. لجنة “نداء طاطا” تقاضي الدولة المغربية لإعلان الإقليم منطقة منكوبة
وضعت لجنة “نداء طاطا” شكاية الإثنين 21 أكتوبر 2024، بمحكمة النقض بالرباط ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة. وذلك من أجل إعلان طاطا إقليما منكوبا تعرض لكارثة طبيعية حتى يتم إنصاف كل الضحايا.
ويقود هذا الإجراء القضائي الأول من نوعه في المغرب عضو لجنة نداء طاطا الحبيب بن شيخ محمد بمعية عشرات المحامين والمحاميات بالمغرب، نيابة عن جمعيتين موقعتين على “نداء طاطا”، وهما “منتدى إفوس” بوصفها جمعية محلية و”الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”، بوصفها جمعية وطنية تحمل صفة المنفعة العامة.
ووفقا لمنشور عممه منسق اللجنة رشيد البلغيتي على صفحته بموقع فيسبوك فإن “هذه المسطرة القضائية الموضوعة أمام أنظار المحكمة الإدارية بالرباط، حلقة أساسية في مسلسلنا الترافعي، على بعد أيام من جلسات “أمشاوار” التي ستعقد بالإقليم أيام السبت والأحد 26 و27 أكتوبر الجاري”.
وطالبت الشكاية التي اطلعت عليها صحيفة “صوت المغرب”، “بتسجيل أن الفيضانات التي ضربت إقليم طاطا في الفترة ما بين 21 – 22 سبتمبر 2024 تعتبر كارثة طبيعية وأن طاطا تعد منطقة منكوبة والحكم على المدعى عليه رئيس الحكومة بإصدار قرار باعتبار منطقة طاطا عانت من كارثة طبيعية وأنها منطقة منكوبة، حتى يتسنى للمتضررين الاستفادة من خدمات نظام التغطية ضد عواقب الوقائع الكارثية مع النفاذ المعجل وتحميل الصائر لمن يجب قانونا”.
وأشارت الشكاية إلى الخسائر البشرية الكبيرة والتي تجلت في موت العديد من المواطنين، و الخسائر الفادحة في الممتلكات الشخصية والعامة وجرف البنيات التحتية والواحات، متضمنة أسماء القرى والجماعات المنكوبة وحجم الخسائر التي لحقت بها جراء الفيضان.
وسجل المصدر ذاته، أن الحكومة سبق لها أن أقرت نظاما للتغطية ضد عواقب الوقائع الكارثية بموجب قانون 110.14 الذي وضع نظام تعويض مختلط لضحايا الوقائع الكارثية يجمع بين نظام تأمين لصالح الأشخاص الذين اكتسبوا عقد تأمين ونظام الإعانات لفائدة الأشخاص الذين لا يتوفرون على أية تغطية.
ووقفت الشكاية على أن هذا القانون يعتبر الفيضانات بما في ذلك السيلان السطحي، وفيضانات المجاري المائية، وارتفاع مستوى المياه الجوفية، وانهيار السدود بسبب قاهرة طبيعية، بالإضافة لزلازل وارتفاع المد البحري والأفعال الإرهابية وفتن واضطرابات شعبية، واقعة كارثية.
وأبرزت الوثيقة ذاتها، أن أهم شرط متطلب لتصنيف واقعة ما، كارثية في مدلول القانون 110.14 لترتيب التعويضات الملائمة، أن تكون هذه الواقعة موضوع قرار صادر عن رئيس الحكومة خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ وقوع الحادثة، مضيفة أن فيضانات طاطا لم يتجاوز وقت حدوثها ثلاثة أشهر.
وأفاد بنشيخ محمد لحبيب وهو محام بهيئة الرباط وعضو في لجنة نداء طاطا، خلال ندوة صحافية بالرباط، يوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024، أن اللجنة ستعتمد “التقاضي الاستراتيجي” للمرافعة أمام المحكمة الإدارية بالرباط بهدف التأثير في السياسة العمومية المرتبطة بتدبير الأزمة في أقاليم الجنوب الشرقي المتضررة جراء السيول التي اجتاحت المنطقة في شتنبر الماضي، مخلفة قتلى ومفقودين وخسائر مادية.
ولفت بنشيخ إلى أنه ستتم الاستعانة في تسجيل هذه الدعوى بكل من “منتدى أفوس” للدمقراطية وحقوق الإنسان باعتباره فاعلاً مدنياً في الإقليم، و”الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” التي تتمتع بالمنفعة العامة، بمشاركة أزيد من مائة محام ومحامية.
وشدد المتحدث ذاته على أنه من أجل استفادة سكان إقليم طاطا من نظام التغطية على الكوارث الطبيعية، لا بد من أن يصدر رئيس الحكومة قراراً يفيد بأن المنطقة منكوبة خلال 3 أشهر منذ بداية الفيضانات في سبتمبر الماضي، مشيراً إلى أن هذا القرار من شأنه إلى جانب مراجعة سياسة تدبير صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية “الذي يتوفر على أموال خيالية وطائلة”، أن يمكن جميع المواطنين الذين يتضررون من الكوارث على المستوى الوطني من الاستفادة من خدمات هذا الصندوق.
وعن سياق المبادرة، قال المحامي بنشيخ محمد لحبيب. في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن لجنة دعم طاطا تدق ناقوس الخطر جراء ما يعانيه المواطنون في الإقليم، الذين كانوا يعيشون حسب تعبيره هشاشة كبيرة على جميع المستويات قبل أن تسهم الفيضانات الأخيرة في تعميق أزمتهم، لافتاً إلى أن اللجنة عقدت مجموعة من اللقاءات مع الفاعلين السياسيين في سياق تعبئة البرلمانيين من أجل الضغط على رئيس الحكومة من جهتهم أيضاً، بموازاة التقاضي الاستراتيجي لإعلان المنطقة، منطقة منكوبة حتى تستفيد من صندوق التأمين على الكوارث الطبيعية.
وشدد على ضرورة النهوض بإقليم طاطا “الذي يعيش تهميشاً على المستوى الوطني”، إضافة إلى ما وصفه “بتهميش خطير” في ما يتعلق بالميزانية المخصصة على مستوى جهة أكادير، حيث يعد الإقليم الوحيد الذي ترصد له ميزانية ضعيفة جداً بالمقارنة مع أكادير وتزنيت ونارودانت، على حد تعبيره.
ويهدف نداء طاطا، حسب القائمين على المبادرة، إلى مراجعة التشريعات المؤطرة للكوارث بما يسمح بتجويدها، وكذا مراجعة السياسات العمومية في تدبير الأزمات “لأنه ظهر من خلال الكوارث الأخيرة على مستوى زلزال الحوز وفيضانات الجنوب الشرقي أنها قاصرة وغير استباقية”، فضلاً عن الضعف الذي تعرفه مؤسسات التدخل من أجل الإنقاذ والتجهيزات المسخرة لذلك.
كما تهدف محلياً إلى البحث عن سبل التعافي في أقاليم الجنوب الشريقي بما فيها طاطا، من خلال “التعويض العادل والمنصف للضحايا” والاستماع إليهم باعتبارهم أكثر من يمكنه اقتراح حلول تناسب المنطقة.
*عبيد الهراس