story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

إشرحوا لماكوينا !

ص ص

في أحد الحوارات القديمة لعبد المنعم بوطويل مدافع نادي الوداد البيضاوي حاليا، عندما كان يلعب في نادي سانداونز الجنوب إفريقي، تحدث طويلا عن رولاني ماكوينا، وأفصح عن كثير من التفاصيل اليومية من حياة مدربه الشاب آنذاك، وعن هوسه بخطط كرة القدم، وسهره إلى ساعات متأخرة من الليل لتحليل طريقة لعب الخصوم وكيفية التغلب عليهم، وكيف أنه يقدس عمله عندما تجده أول من يصل إلى ملعب التدريب وآخر واحد يغادره، وكيف اشتغل لمدة طويلة على أن يصل فريقه إلى أن يلعب الكرة بالطريقة التي يريد.

تذكرت ذلك الحوار خلال هذه الأيام، والحديث يكثر في الدار البيضاء والمغرب عن المدرب رولاني ماكوينا وهو يشرف حاليا على الوداد الرياضي هذا الموسم بعدما استقدمه هشام ايت منا ليبدأ معه “مشروعا كرويا للمستقبل” كما صرح بذلك الرئيس الجديد المثير للجدل (ولأشياء أخرى)، وتابعتُ الكثير من النقاشات حول حصيلة الجنوب إفريقي في الوداد خلال الدورات الأولى للبطولة الوطنية.

من أبرز الإنطباعات الأولية للوداديين على ماكوينا هو أنه بصدد بناء فريق يُظهِر فيه بصمته وثمار عمله مثلما فعل في موطنه مع نادي سانداونز، ولاحظوا الكثير من التغييرات في طريقة اشتغال فريقهم الأول خلال التداريب والمعسكرات، وظهرت بعض جوانب التدبير التقني الإحترافي الذي يشير إلى أن الشاب الجنوب إفريقي المجتهد يشتغل وفق استراتيجية مدروسة لبناء فريق قوي على الأمد المتوسط والبعيد، يقوم خلاله بالكثير من التجريب وإعادة التجريب في التشكيلة، والتمرس على طريقة اللعب المهووس بها والتي ترتكز على امتلاك الكرة واللعب المنظم والوصول إلى مرمى الخصم بأكبر عدد من اللمسات.

إلى هنا كل شيء عادي جدا.. مدرب محترف يشتغل وفق مشروع كروي متفق عليه مع رئيس النادي، وهو الآن بصدد اختيار “ليفيكتيف” المناسب من اللاعبين الذين سيهضمون طريقة اللعب العصرية التي اختارها لهم، ولازال لحدود الدورات الست الأولى من البطولة يبحث عن الفريق المثالي الذي سيلعب به الكرة الجميلة المتيم بها وغير المألوفة عندنا في المغرب، وقد انهزم في بعض المباريات وانتصر في أخرى على أندية صغيرة بدون إقناع.

لكن وبالنظر ل”خروب بلادنا” الكروي الذي نعرفه وأعراف بطولتنا الوطنية، وعقليات المتدخلين فيها، و”نية” المدرب الشاب الجنوب إفريقي الصالحة، أرى أنه من اللازم أن يشرحوا “للدري” أن كرته الجميلة والمنظمة وفلسفة الإستحواذ لن تفيده في شيء، وأن هناك في المغرب منطق كروي خاص ومتفرد لا يشبه بقية العالم، فالألقاب عندنا يربحها الفريق الذي يتقن “اضرب وتبع” و”ديݣاج” و”طوع للسما” والذي يجيد لاعبوه إضاعة الوقت، والضغط على الحكام وتهييج الجمهور ضدهم، وأن الفريق الأكثر جمعا للنقاط هو الذي يضع “جوج طوبيسات” أمام مرماه ويقول لمن يريد أن يلعب “التيكي تاكا”.. “إيلا وصلتي للكاري غير سجل بصحتك”!!

يجب على ماكوينا أن ينسى الكلام المعسول الذي سمعه قبل توقيع عقده مع الوداد، والمتعلق ب”المشروع” و”بناء فريق قوي بالتدريج” و”البطاقة البيضاء” وباقي تعبيرات شهري يوليوز وغشت، وأن يبدأ في البحث عن النتيجة وجمع النقاط أولا، وينسى أي شيء إسمه اللعب الجميل والبناء من الخلف وباقي ميكانيزمات السبورة، فهزائم البداية التي تعرض لها الفريق، قد “سرطها” الجمهور الودادي وقال “شي باس ما كاين” طالما أنها البداية بعد تغيير جذري في مكونات النادي، وهناك ملامح عهد جديد لإعادة بناء فريق قوي وقادر على العودة إلى المنافسة على الألقاب بعد أزمة الموسم الماضي.

ماكوينا  لا يعرف ضغط جمهور الدار البيضاء على نادييه من أجل الفوز بالألقاب، وعلى الذين جاؤوا به إلى المغرب، أن يفهموه أنه بصدد تجربة مختلفة عن سانداونز الذي صبر عليه مدة طويلة حتى يبني فريقا قويا في بلاده وفي إفريقيا، وأنه الآن في تجربة تدريبية لا يعرف المسيرون فيها شيئا إسمه الصبر على المدربين، وأنه طيلة مهمته الحالية، له رِجلٌ داخل الوداد وأخرى خارجه، وقد تنزل عليه الإقالة من حيث لا يحتسب، إذا عاكسته المزيد من النتائج.