story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

حركاس وبلعامري والآخرون

ص ص

مشاركة يوسف بلعامري وجمال حركاس كأساسيين ومردودهما الجيد، وانسجامهما مع تشكيلة وليد الرݣراݣي خلال مباراة إفريقيا الوسطى، جلبت دعما لموقف الذين كانوا يطالبون دائما بأحقية لاعبي البطولة الوطنية في حمل القميص الوطني، والذين طالما نادوا بتشجيع المنتوج المحلي وإعطائه الفرصة في المباريات التجريبية إسوة باللاعبين الذين تكونوا في أوربا.

بدا وكأن هؤلاء المدافعين عن لاعبي الرجاء والوداد والجيش والماص وبركان وتطوان وطنجة وباقي أندية البطولة “برو”، قالوا بصوت واحد بعد أن أطلق الحكم صافرة النهاية لمباراة وجدة السبت الماضي.. “ها اللي قلنا ليكم”، وها هما لاعبان من الدوري المحلي يأتيان رأسا من الوداد والرجاء ويوقعان على مشاركة جيدة في أول مباراة يشاركان فيها مع المنتخب الوطني بعد أن وثق فيهما الناخب الوطني، بل وتعدى الأمر إلى التذكير بأن التشكيلة الأساسية لوليد الرݣراݣي وصل فيها “المنتوج المحلي” إلى سبعة لاعبين (بونو، أكرد، حركاس، بلعامري، أوناحي، رحيمي، الكعبي)، أي أصبح لدينا أكثر من نصف المنتخب بتكوين مغربي خالص. وهو رقم ظل لسنوات طويلة غائبا عن تشكيلة المنتخب الوطني.

هو نقاش كروي قديم في المغرب يتجدد باستمرار في كل مرحلة، وتنقسم فيه الآراء بين من يرون أنه لا سبيل للنجاح الإفريقي للمنتخب الوطني إلا بالإعتماد على لاعبي البطولة الوطنية الأقرب إلى واقع القارة البئيسة وطقوسها الخاصة في كرة القدم، فيما يرى آخرون أن أبناء مغاربة العالم الذين يزاولون في أكبر الأندية الأوربية، من حقهم اللعب في منتخب بلادهم، وأن تكوين هؤلاء، جعلهم يتفوقون بسنوات ضوئية، على جميع المستويات البدنية والتكتيكية والذهنية، على اللاعب المحلي الذي نشأ في بيئة شبه هاوية لا تؤهله للعب في المستوى العالي لكرة القدم.

وسط هذا التضارب في الآراء، لم نشعر أن هناك وصفة بدأت تفرض نفسها، لتجد حلا وسطا قد ينهي الجدل ويردم الهوة التي أصبحت تفصل اللاعب المحلي عن اللاعب الذي ينشأ في أوربا، في ظل غياب سياسة تكوين احترافية داخل الأندية المغربية التي من شأنها أن تصنع لاعبين مؤهلين لمجاورة القادمين من الأكاديميات الأوربية داخل المنتخب الوطني.

أكرد وبونو والكعبي ورحيمي وأوناحي والنصيري وعبقار، هم نتاج البيئة الكروية المعطوبة، التي توصف بطولتها بالرداءة والمستوى التقني الضعيف، لكن السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا.. وكيف وصل هؤلاء للعب في أعتد الأندية العالمية ويفرضوا أنفسهم في تشكيلاتها ويلقون من جماهيرها كل الإعجاب والإحترام والتقدير؟؟

الجواب سهل وبسيط يمكن التوصل إليه من خلال الإطلاع على سيرة كل واحد منهم وما قاموا به من مجهود شخصي لتحدي إكراهات بيئة كروية هاوية لا تساعد على تطوير المستوى، ولا تعطي الحافز للوصول إلى تحقيق طموح الوصول إلى أعلى المراتب في كرة القدم.

لاعبون كُثُر في المغرب خلال العقد الأخير ، قاموا بالإختيار الصعب المحفوف بالمخاطر، وهو الخروج في سن مبكرة إلى أوربا، والتشمير على سواعد العمل والإجتهاد والإنضباط وتطوير الذات وإصلاح أعطاب الهواية، وتنقلوا بين الأندية بالتدريج ليصلوا إلى اللعب مع كبار نجوم العالم بدون مركب نقص، ويصبحوا أيضا دعامات أساسية لا بديل عنها في المنتخب الوطني.

أتصور أن بونو وأكرد والنصيري وأوناحي وعبقار، لو فعلوا مثل غالبية اللاعبين الذين ينشؤون في المغرب، وفضلوا “صالير” ومنحة التوقيع في الأندية المغربية في بداية مشوارهم الكروي، ربما كانوا اليوم لازالوا منشغلين بعبد السلام بلقشور وتحكيم رضوان جيد و”ليتيج”، أو قد علقوا “الݣوداس” نهائيا، أو في أفضل الأحوال يلعبون مع أندية تصارع من أجل البقاء في القسم الأول.

الحقيقة في المستوى الجيد الذي ظهر به بلعامري وحركاس مع المنتخب الوطني، هو أن لدينا في المغرب لاعبين موهوبين ولديهم قابلية رهيبة للتطور، ولكن مع الأسف يفضلون الإستمرار في اللعب داخل بيئة كروية هاوية لا تصلح أعطابهم ولا تساعدهم على تحسين مستواهم، ويندمجون في أجواء “الدبيز” الكروي الشامل حتى يصلوا إلى سن 25 والعشرين فما فوق، عوض حمل “الصاك” في سن مبكرة والتوجه إلى أي ناد أوربي (كما فعل بونو والنصيري وأكرد) يضمن لهم إعادة تكوين جيد يصححوا به مسارهم ويساعدهم على تحقيق طموحاتهم الكروية.

اللاعب المحلي له كل الإمكانيات والحظوظ ليلعب في الفريق الوطني وينافس القادمين من الأكاديميات الأوربية على مركز أساسي في التشكيلة، بشرط أن يشتغل على نفسه ويكتسب عقلية المحترف في معزل عن البيئة الكروية الهاوية، ويستغل أول الفرص بعد نهاية عقده الأول للإنتقال إلى أي ناد أوربي يضمن له تعلم “حرفة” كرة القدم بشكلها الصحيح ويؤهله للعب في أي دوري مهما بلغت قوته وصعوبته.. أما البقاء في البطولة الوطنية واستطابة “الپريم” و”الصالير” و تداريب “الراحة والسياحة”، فطبيعي أن تبدو فوارق السماء والأرض بين الممارس في المغرب وبين القادمين من أوربا.