العدالة والتنمية: على الحكومة أن تخرج قوانين محاربة الفساد عوض الهجوم على هيئة الوقاية من الرشوة
دخل حزب العدالة والتنمية، على خط الأزمة بين الحكومة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، ليصطف مع الهيئة، ويطالب حكومة عزيز أخنوش، بضرورة التعامل مع التقارير الصادرة عن الهيئات الدستورية، عوض مهاجمتها.
وفي السياق ذاته، قال الحزب في بلاغ صدر اليوم الأحد 13 أكتوبر 2024 عن أمانته العامة، إنه على إثر صدور التقرير السنوي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فإنه يؤكد على أن محاربة الفساد والرشوة ضرورة وطنية وتنموية لما لهذه الآفة من أثر سلبي على الثقة في المؤسسات ولما تفوته على البلاد من فرص كبيرة للتنمية.
ونبه الحزب الحكومة إلى ضرورة الانتباه وبسرعة إلى التراجعات التي سجلها هذا التقرير على مستوى تنقيط وترتيب المغرب في مؤشر إدراك الفساد، والتي سجلها بالخصوص في مؤشرات إدراك الفساد على مستوى السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية.
ودعت الأمانة العامة، في هذا الصدد، الحكومة وعوض الهجوم على الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إلى التفعيل الفوري لتوصياتها ومقترحاتها، ومن ضمنها دعوة رئيس الحكومة لعقد اجتماع اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد المتوقفة منذ اجتماعها الثاني في 2019، وتسريع عرض مشروع القانون حول تنازع المصالح طبقا للفصل 36 من الدستور، ومشروع القانون المتعلق بحماية الموظفين العموميين المبلغين عن أفعال الفساد بالإدارات العمومية، ومشروع القانون المتعلق بالتصريح الإجباري بالممتلكات، على البرلمان، وهي المشاريع التي أعطت بشأنها الهيئة توصياتها للحكومة منذ نونبر 2023.
ودعا الحزب الحكومة، إلى الاستجابة لتوصية الهيئة باعتماد تشريع مستقل لتجريم الإثراء غير المشروع لمكافحة الزيادة الكبيرة وغير المبررة في الثروة، وذلك لتصحيح ما وصفه بالخطأ، والذي قال إن الحكومة ارتكبته بسحب مشروع القانون الجنائي الذي كان يتضمن هذا التجريم، وكذا تجريم تسريب المعلومات المتميزة للحصول على الفوائد والامتيازات، والتوسع في تجريم الرشوة الانتخابية، وغيرها من صور ومظاهر الفساد التي أكدت الهيئة في تقريرها الصادر تحت عنوان “من أجل منظور تأطيري لأفعال الفساد”، أنها تحتاج إلى تأطير جنائي.
وردا على تصريحات محمد بشير الراشدي على هامش ندوة تقديم التقرير السنوية للهيئة، والتي انعقدت يوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024، وجاء فيها أن اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد التي يترأسها رئيس الحكومة لم تجتمع إلا مرتين خلال عشر سنوات؛ قال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس إنه مندهش لعدم الانتباه لكل هذه الإجراءات التي تقوم بها الحكومة.
واعتبر بايتاس إلى أنه لا يجب لأي أحد أن يعتقد أنه يحارب الفساد أكثر من أي طرف آخر، وقال إن “هذه معركة نساهم فيها جميعا على قدر المساواة، السلطة التنفيذية والمؤسسات الأخرى الدستورية التي تشتغل على هذا الموضوع، وطبعا المؤسسة التي تحدثتم عليها”.
وفي هجوم مباشر على الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة إن اختصاصات هذه المؤسسة تتضمن تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة العامة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة، ليتساءل: “أين هو المجهود الذي قامت به هذه المؤسسة في هذه المقتضيات المنصوص عليها بنص الدستور؟”.
وردا على بايتاس، قال رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي، إنه لا يفهم عبارة “من يعرف الفساد ومعطياته يجب أن يذهب إلى القضاء”، التي وردت على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس. مضيفا أن من الجيد إحصاء عدد المتابعات، “لكن محاربة الفساد لا تتم فقط عبر ترتيب الجزاء وحده، لأن الأمر يتعلق بظاهرة ضخمة، وعلينا أولا تقليص فرص حدوث الفساد عبر الوقاية”.
وأوضح الراشدي خلال مشاركته في برنامج “ضفاف الفنجان” الذي تقدمه صحيفة “صوت المغرب”، أن التشخيص لا يتمثل في العثور على ملف للفساد، “بل يتعلق بوضعية الفساد من حيث الإدراك أولا، وهي ليست مسألة ثانوية، وانطلاقا من الإدراك تنبع السلوكيات، ثم عبر رصد مستوى التصريح بحالات وقوع الفساد عبر الأبحاث والمسوحات التي نجريها نحن أو تجريها هيئات وطنية ودولية أخرى…”.