آه يا “ليل” !
كان لابد أن ينهزم نادي ريال مدريد أمس في مدينة ليل الفرنسية أمام ناد لا يراكم تاريخا في مسابقات كأس رابطة الأبطال الأوربية، ليتأكد الجميع أن النادي الملكي وحامل اللقب ليس بخير في بداية هذا الموسم، رغم إضافة النجم كيليان مبابي إلى لائحة “معرض النجوم” التي يتوفر عليها المخضرم الإيطالي كارلو أنشيلوتي.
فما الذي حصل حتى تحول فريق أتى على الأخضر واليابس خلال الموسم الماضي، إلى فريق يتعادل و ينهزم أمام أندية صغيرة و يفوز بشق الأنفس وبكثير من الحظ على صغار الدوري الإسباني، رغم أن التشكيلة تقريبا هي نفسها والمدرب وطاقمه لم يطرأ عليهما أي تغيير؟ ما الذي جعل ريال مدريد خلال بداية هذا الموسم يظهر ضعيفا ومفككا وغير قادر على امتلاك مفاتيح اللعب؟
قد يكون قدوم كيليان مبابي إلى “البيت الأبيض”، وضرورة إيجاد مكان له في هجوم الفريق، رغم وجود البرازيلي فينيسيوس جينيور ومواطنه رودريغو، قد لخبط أوراق أنشيلوتي التي شكلت قوته الضاربة الموسم الماضي، وأدت ضرورة إقحام النجم الفرنسي إلى تداخل أدوار اللاعبين وانتهى الأمر إلى العجز المستمر عن الوصول إلى شباك الخصوم.. لكن يبقى هذا سببا ثانويا أمام المشكل الحقيقي الذي تسبب في هذه البداية المتعثرة، وهو الإعتزال المفاجئ لتوني كروس.
الألماني كان لسنوات هو عقل ريال مدريد والقائد الذي يقرر في كيفية بناء اللعب، ومهندس العمليات الهجومية، و”الترمومتر” الذي يقيس حرارة إيقاع المباريات، ومتى يرفعه ومتى ينزله، بل كان مدربا ينوب عن أنشيلوتي داخل الملعب ويحمل الفريق على كتفيه في اللحظات الحرجة التي كان مطلوبا منه العودة في النتيجة، و”الريمونتادات” التاريخية التي حققها المرينغي لازالت شاهدة على دوره فيها بشخصيته الفولاذية وتجربته الطويلة في الملاعب.
لما اعتزل توني كروس كرة القدم بشكل مفاجئ وهو في أوج عطاءاته، لم تبحث ريال مدريد عن خليفة له في مستواه، حيث يمكن اعتبارها “غلطة الشاطر” التي ارتكبها الرئيس الداهية فلورينتينو بيريز بالإكتفاء بما لدى أنشيلوتي من بدائل عادية في كرسي الإحتياط لتعويض لاعب فذ وغير عادي، حيث أُقحمَ الفرنسي تشواميني في مركز كروس، ثم كامافينغا، بالإضافة إلى أردا غولر، لكنهم جميعا كانوا تائهين في الملعب في الوقت الذي كان منتظرا منهم أن يقوموا بدور قائد اللعب، فكانت النتيجة هو هذا التفكك والضعف والإرتباك الذي طرأ على ريال مدريد وأفقده شخصية الفوز التي عرف بها منذ سنوات طويلة.
لكن مع كل هذا التعثر، يبدو أنه من المبكر جدا الجزم بأنه موسم “صِفري” لريال مدريد، فالأندية الكبيرة رغم كل ما يمكن أن تعانيه، تبقى دائما لها من القدرة على تصحيح الوضع ما يجعل إمكانية عودتها إلى كامل قوتها في أية لحظة، ولن يكون غريبا خلال الأشهر القادمة أن تجد النادي الملكي في الأدوار المتقدمة ينافس على اللقب كعادته، بعدما “جمع راسو” ووجد إيقاعه المفقود.