خروجٌ من الباب الكبير
رغم كل الغيابات والنقص في التركيبة البشرية، والإفتقاد للعناصر الأساسية، كنا نمني النفس أن يصنع منتخبنا الوطني للفوتصال “معجزة” كروية صغيرة في أوزبكستان، ويزيح منتخبنا المنتخب البرازيلي صاحب صدارة تصنيف الفيفا والمثقل بالتجارب والألقاب والإنجازات في اللعبة، على غرار ما فعل بالمنتخب الإيراني، لكن مغامرة أبناء هشام الدݣيݣ انتهت بالهزيمة بثلاثة لواحد، والخروج مرفوعي الرأس من دور الربع كما في دورة ليتوانيا قبل ثلاث سنوات.
المنتخب الوطني للفوتصال أثبت أنه يمتلك كل المقاومات ليكون واحدا من أقوى منتخبات العالم في هذه الرياضة، وأكد أن وصوله إلى دور ربع النهاية لم يكن مجرد صدفة جميلة، فالطريقة التي دبر بها هشام الدݣيݣ المباريات (خصوصا ضد إيران والبرازيل) تشير إلى أن منتخبنا وصل إلى درجة من النضج وشخصية الفوز والقدرة على تجاوز الفترات الصعبة، ما يجعله مهاب الجانب حتى من أقوى منتخبات العالم، وأفترض أن ما وقع لمنتخبنا من إصابات، لو تعرض لها أي منتخب آخر ولو كان من صفوة العالم، لكان في عداد المقصيين في الدور الأول، ولما استطاع الصمود إلى دور الربع.
الآن انتهت المشاركة في كأس العالم بما لها وما عليها، وتركت لنا وافر الدروس والعبر لكي نصلح بها مسيرة تطوير الفوتصال المغربي، وهي فقط كانت محطة يجب أن نعتبرها ذلك المقياس الذي نعرف به أين وصلت هذه الرياضة في المغرب، باعتبار جل عناصرها من “صناعة” محلية وجدت إطارا مجتهدا وخبيرا متمثلا في الإطار الوطني هشام الدݣيݣ، الذي يقود هذا المشروع من جانبه التقني، ويشتغل بجدية منذ سنوات طويلة على تأهيل رأس هرم الفوتصال المقصود به المنتخب الأول ويشرف أيضا على باقي المنتخبات الوطنية، لكن ماذا عن العمل القاعدي الذي يجب أن تضطلع به الأندية؟ وهل نشتغل على الخلف الذي من المفترض أن يعوض هذا الجيل الذهبي والذي سيضمن استمرارية هذا الحضور اللافت مع الأقوياء؟
يجب أن نعترف أنه ينتظرنا عمل جبار في بعض جوانب الفوتصال المغربي، خصوصا على مستوى التكوين والرفع من المستوى التقني للبطولة الوطنية.. لقد حان الوقت لنشتغل في العمق على المسار الطبيعي الذي من شأنه أن يفرز بطولة قوية ذات مستوى عال ويصنع لنا لاعبين للمنتخبات الوطنية بمميزات عالمية، وأقصد به جانب تكوين الفئات الصغرى، والناشئين في الأندية، بدل ما يتم العمل به منذ ظهور كرة القدم داخل القاعة بالمغرب، من استقطاب للاعبي كرة القدم العادية وتحويلهم إلى لعب الكرة الخماسية، هذا الأمر يتطلب مشروعا شبيها بمشروع التكوين الذي أبرمت من خلاله الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم شراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط، بالإضافة إلى إشراك الجماعات المحلية في المشروع باعتبار صاحبة مهام توفير البنيات الرياضية (القاعات) التي يمكنها أن تحتضن الأطفال واليافعين الممارسين للفوتصال.
مواصلة توجيه كل مجهودات التطوير إلى المنتخب الأول في الفوتصال، والإغداق عليه بالمال والإمكانيات اللوجيستيكية والمعسكرات الإعدادية، وترك النزر القليل من الإهتمام للأندية والبطولة الوطنية والتماطل في وضع سياسة تكوين للناشئين، سنكون كمن يسقي شجرة من رأسها، وننتظر بعدها أن تعطي غلتها من الثمار !!
إذا لابد من النزول إلى قاعدة الهرم الكروي-المستقبل واستقطاب الأطفال واليافعين في سن مبكرة، وإيلائهم العناية والدعم اللازمين، فهو بمثابة الإستثمار الرياضي الوحيد المربح، الذي يفرز لنا أندية رائدة في الفوتصال تتنافس بينها في بطولة قوية وذات مستوى عال يحتك فيها لاعبو المنتخب الوطني، ويطورون فيها إمكانياتهم البدنية والتقنية.
عندما نحقق كل هذا في رياضة كرة القدم داخل القاعة بالمغرب، سنصبح قولا وفعلا مع البلدان الرائدة في هذه الرياضة، و إذاك يمكننا أن نضغط على لاعبينا ومدربنا ونطالبهم بالعودة باللقب.. أما الآن وبكل الواقعية الممكنة، فمطلب من هذا النوع، شروطه غير متوفرة حاليا، ويبدو بعيد المنال.