معدداً معيقات إصلاح التعليم.. حامي الدين: الحكومة تتهرب من الالتزام الوطني ب”القانون الإطار”
قال عبد العالي حامي الدين المستشار البرلماني السابق إن الحكومة الحالية لا تملك شجاعة سياسية لإعلان رفضها القانون الإطار، بسبب غياب مبدأ الالتزام السياسي لدى أحزاب ساهمت في المصادقة على هذا المشروع في البرلمان قبل تجاهله اليوم.
وأضاف حامي الدين في معرض حديثه خلال ورشة علمية ناقشت إصلاح منظومة التربية والتكوين والقانون الإطار رقم 51.17 يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، أن هذا “يجعلنا أمام عملية تحلل منهجي من التزام سياسي، وتعاقد وطني تمت المصادقة عليه في البرلمان، وأمام تبديد زمن الإصلاح، وإعادة إنتاج أخطاء الماضي”.
وأشار في الورشة التي نظمها منتدى المتوسط للتبادل والحوار اليوم، الأربعاء 25 شتنبر 2024، إلى أن هذه الأخطاء عندما تتكرر من خلال الفشل في تطبيق كل إصلاح تم التوافق حوله “يعني أن السياسة المتبعة هي التحلل من التعاقد السياسي والالتزام الوطني المتمثل في القانون الإطار عملياً”، في الوقت الذي “يظل فيه الحديث حول أن البلاد تعيش إصلاحاً ومدارس الريادة مجرد قول”.
وذكر البرلماني السابق أن وزير التربية الوطنية الحالي لا يرتبط بأية تعاقدات سياسية مع المواطنين أو مع البرلمان، مشيراً إلى أنه هو رجل تكنوقراطي على رأس مؤسسة “كان يمكن أن تكون أكثر تناسباً مع تنزيل مشروع هذا الإصلاح الذي لم يتم تأطيره بزمن سياسي حكومي”، مع العلم، يضيف المتحدث “هناك إجماع حزبي في المصادقة على القانون الإطار، إلا أنه عملياً نحن أمام إصرار على عدم تطبيقه”.
ويعدد القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين مجموعة من التوابث يرى أنها تؤطر المنظومة التعليمية منذ ستينيات القرن الماضي “حتى لا يتم إنجازه أي إصلاح”، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بتوجه بدأ في اعتقاده سنة 1965 على خلفية الاحتجاجات التي عاشها المغرب آنذاك “وتم تحميل المسؤولية برجال التعليم والمثقفين والمدرسة”.
وأول هذه الثوابت، حسب حامي الدين، ربط التعليم بسوق الشغل لافتاً إلا أن هذا الخطاب يدمر فلسفة التعليم ورسالته، عكس ما كان عليه المغرب قبل الحماية “عندما كان الجميع يدرس بمن فيهم الحرفيون في جامعات مفتوحة بهدف تكوين مجتمع متعلم قادر على الفهم والتحليل وتمثل قيم المواطنة الحقيقية، وليس مجتمعاً جاهلاً أو يتعلم فقط من أجل الشغل بالوظيفة العمومية”.
أما الثابت الثاني الذي يعيق عملية إصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب، هو ما وصفها المتحدث “يالمركزية المفرطة”، معتبراً أنه لا يمكن إصلاح التعليم انطلاقاً من العاصمة في بلد شاسع يحتضن آلاف المدارس والجامعات، لافتاً إلى أنه حتى تجربة الأكاديميات “لم تحقق ما كان منطراً منها من لامركزية وجهوية”.
وشدد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، على أنه يتوجب أن يكون المسؤولون عن الإصلاح هم القائمون على المؤسسة مباشرة، وليس مكتب الوزير في الرباط، لافتاً إلى أن “النموذج الناجح في العالم هو كون المؤسسة التعليمية ثانوية كانت أو جامعة، بيد طاقم مسؤول يتشكل من مدير ومقتصد وغيرهما”، وهذا الطاقم هو الذي يتعاقد مع الأساتذة ويلتزم بدفتر التحملات الذي يربطه مع الدولة التي تؤدي رسوم التلاميذ لفائدة القائمين على المؤسسة وفق دفتر تحملات، “”حيث إذا نجحوا في إنجازه يستمرون في تدبير تلك المؤسسة، بينما إذا فشلوا يتم سحب إدارتها منهم”.
وأضاف: “هذا هو النموذج المعتمد اليوم في العالم، وإلا يستحيل أن تتعطل الدراسة 4 أشهر دون محاسبة، هذه الكارثة لا توجد بأي بلد آخر غير المغرب، لغياب المسؤولية”.
ونبه حامي الدين إلى أن “التعليم الذي يكرس الفوارق الاجتماعية”، يعد أحد معيقات الإصلاح، حيث من المفترض “أن يكون التعليم آلية للترقي الاجتماعي بالنسبة لأبناء الفقراء”، لكن على مستوى النظام التعليمي المغربي اليوم “يجري تكريس الفوارق الاجتماعية، حيث أصبح تعليم الجودة مقترن بالقطاع الخاص وتعليم عامة الناس وأبناء الشعب، الذين يمثلون أزيد من 80 في المائة يعاني نمن أعطاب بينها تعطيل الدراسة لأشهر دون محاسبة”.