story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

هانزي فليك والحِكمة الإسبانية

ص ص

الإنطلاقة الموفقة لإف سي برشلونة في بداية الموسم الكروي الحالي، وتسجيل خمس انتصارات متوالية، وتربعه على قائمة ترتيب الدوري الإسباني “لاليغا”، بقائمة لاعبين هي نفسها تقريبا التي شكلت البارصا خلال الموسم الماضي (باستثناء التحاق داني أولمو وبعض لاعبي لاماسيا)، والتي أدت موسما كارثيا على عدة مستويات، طرح الكثير من المقارنات والأسئلة حول أسباب فشل تشافي هيرنانديز، ونجاح المدرب الألماني هانزي فليك مع نفس اللاعبين.

تعددت تفسيرات الكطلان حول هذا التغير المفاجئ في الحصول على النتائج بنفس التركيبة البشرية، بعضهم ذهب إلى أن الضغوط الكبيرة التي كانت على تشافي هيرنانديز بصفته إبن النادي وواحدا من أساطيره، وكان مطلوبا منه أن يعود بالبارصا إلى الزمن الخوالي، والبعض الآخر يتهم الرئيس جوان لابورطا بأنه خلق أجواء غير سليمة بكثرة خرجاته الإعلامية التي كان يحاول بها صرف أنظار أعضاء الجمعية العمومية وأنصار النادي عن عجزه بالوفاء بتعهداته التي أطلقها في الحملة الإنتخابية التي قادته للعودة إلى كرسي الرئاسة.

لكن الأغلبية من مشجعي برشلونة لا تذهب مع هذا الرأي ولا مع ذاك، بل اتجهت ببساطة إلى الإشارة إلى تشافي هيرنانديز ووصفه بالمدرب الفاشل الذي أخطأ عندما جاء رأسا من الخليج إلى تدريب أحد كبار أوربا، دون المرور بتجارب أوربية في أندية مغمورة وأقل ضغطا وقيمة كروية للإستئناس بالقيادة داخل بطولة قوية، وأن التعاقد معه ضيع على البارصا موسمين كان بإمكان أي مدرب يتوفر على قليل من التجربة والذكاء ورباطة الجأش في الفترات الصعبة، ويعرف كيف يوظف ما لديه من لاعبين، أن يصنع العجب العجاب بالتشكيلة التي توفرت للبارصا خلال الموسمين الماضيين.

هو في الحقيقة أقرب تفسير لهذا التحول السريع الذي عرفه النادي الكطالوني بمجيء هانزي فليك، فالألماني الذي عندما أعلن قدومه إلى برشلونة خلفا لتشافي، انتشرت تشكيكات خافتة في حق الرجل، بسبب فشله في قيادة المنتخب الألماني وخروجه من الدور الأول في مونديال قطر وما أعقبه من إقالته وتعيين ناغلسمان مكانه، وبقائه عاطلا لعدة شهور، لكن فليك بمجرد وصوله إلى المدينة الرياضية جوان غامبر، نسف كل الشكوك في كفاءته وانطلق في عمله الذي أراد من خلاله أن يعيد الإعتبار لنفسه أولا وترميم سمعته التي خدشت في “المانشافت”، حيث بدأ في قلب كل هوية البارصا رأسا على عقب، وشمل ذلك (بالإضافة إلى التداريب وشؤون الملعب) أوقات ونوعية الأكل وتمارين زيادة المخزون البدني في الصالات، بالإضافة إلى بث روح جديدة في النادي عبر تحفيز اللاعبين قبل وأثناء المباريات, وقيامه ب”كوتشينغ” ناجح في إدارة اللعب والتغييرات والتعامل الهادئ بدون نرفزة مع حكام المباريات والخصوم.

انتقال البارصا من النتائج المخيبة للآمال، إلى الإنتصارات المتتالية وتسيد لائحة الترتيب، فقط بتغيير المدرب، والحفاظ على نفس الرصيد البشري تقريبا من اللاعبين، يؤكد أن كرة القدم المعاصرة تحتاج إلى هذه النوعية من المدربين الذين يضعون الخطط التكتيكية في الملعب حسب ما لديهم من لاعبين، أفضل ممن لديهم خطة أو طريقة واحدة في مفكرتهم ولا يعرفون غيرها، ويريدون تطبيقها “بالزز” على كل التشكيلات التي تتوفر لديهم، مطالبين المكاتب المسيرة دائما بالقيام بالتعاقدات وجلب اللاعبين وتعزيز الفريق ببروفايلات محددة تساوي في سوق الإنتقالات مبالغ أكبر من طاقة النادي.

الألماني فليك مع البارصا، فقط يطبق حكمة عادة ما يتداولها الإسبان في أحاديثهم اليومية.. نصنع شيئا بالأشياء التي لدينا.