فوز.. ومزيد من المخاوف !
مهما حاولنا أن نرى النصف الممتلئ من الكأس في انتصار الفريق الوطني أمس على الغابون بنتيجة أربعة لواحد، ومهما بدأنا في تعداد الجوانب الإيجابية في طريقة اللعب التي يحاول بها وليد الرݣراݣي ومن يؤيده، أن ينهوا أي نقاش عن المنتخب الأول بدعوى أننا ننتصر وبحصص عريضة، فإن الكثير مما سجلناه أمام رفاق أوباميانغ يبعث الكثير من الشك والخوف على جاهزية منتخبنا لكأس إفريقيا للأمم 2025 التي سنلعبها على أرضنا.
ظاهريا يسجَّل أن الفريق الوطني قد تحول من طريقته الدفاعية الشهيرة التي جلبت له إنجاز قطر التاريخي، وصار أكثر لعبا في الهجوم، وطرأ بعض التحسن في فعالية مهاجميه في تسجيل الأهداف، خصوصا خلال مبارياته الأخيرة هو، وهذا ما كان مطلوبا من وليد الرݣراݣي أن يفعله، وقد بدأت حصص الأهداف ترتفع هو.. لكن بأية طريقة؟
في لعب المنتخب الوطني خلال المباريات الأخيرة، لا تشعر بلمسة المدرب القوية في الطريقة وفي التنظيم داخل الملعب ولا في تشابه بناء العمليات الهجومية وتحركات اللاعبين في مراكزهم، شاهدنا أمس امام الغابون أخطاءً كثيرة في الرقابة على مستوى متوسط الدفاع بالنظر لشاكلة اللعب التي تصعد بالكتلة إلى قرب وسط الميدان، وتداخلا مستمرا في أدوار حكيم زياش وابراهيم دياز ما بين دور الجناح الأيمن والوسط الهجومي لدرجة أننا شاهدنا فعالية أكبر بعد إخراجهما معا، وهو المشكل الذي ظهر منذ قدوم لاعب ريال مدريد، وتكرر في جميع المباريات دون أن يجرؤ وليد الرݣراݣي على إبقاء أحدهما في كرسي الإحتياط.
النتيجة النهائية كانت أربعة لواحد لصالح منتخبنا الوطني، سجلنا من ضربتي جزاء، ومن اختراق فردي للزلزولي، ومن كرة ميتة مررها أوناحي، لكن منتخب الغابون الذي سجل هدفا من ضربة جزاء وأهدر عميده أوباميانغ أخرى، وكانت محاولاته السانحة للتسجيل أكثر من محاولاتنا، بحيث كانت عناصره تصل بسهولة كبيرة إلى مرمى الحارس ياسين بونو الذي لولا تدخلاته الحاسمة في عدة مرات، لانتهت النتيجة بالتعادل على الأقل، وأتصور أننا لو كنا امام منتخب أقوى من الغابون لملؤوا شباكنا بالأهداف، وهذا مبعث الخوف الكبير.
وليد الرݣراݣي لازال ينتظره عمل عميق يتطلب الكثير من الشجاعة وترجيح مصلحة الفريق الوطني أولا، وكثير من الأعطاب التقنية والتكتيكية داخله وصل الأمر فيها إلى ضرورة أن يكون الناخب الوطني صارما في اختياراته من أجل التوفر على فريق منسجم ومتجانس يلعب كرة هجومية سلسة تحت مسؤولية قائد حقيقي يساعده على ذلك فوق الملعب، مثلما شاهدنا منتخب طارق السكيتيوي الممتع في الأولمبياد.
على مدرب المنتخب الوطني أن يفهم أن الكثير من العواطف وعبارات الحب و”النية” واستصغار النفس مع بعض اللاعبين الذي يعتبرهم ذوي فضل على مساعدته في إنجاز مونديال قطر، ستتسبب له في المزيد من المتاعب في فرض أفكاره التقنية وخططه التكتيكية، وأن أفضل سبيل لإحداث تحول حقيقي في طريقة لعب المنتخب الوطني، هو إشراك اللاعبين الواعدين “اللي راسهم صغير” من الآن قبل سنة ونصف من الكان، وغير ذلك من استمرار على هذا النهج سنكون أمام تكرار لسلسلة الهزائم والإقصاءات الإفريقية القاسية، لكن هذه المرة ستكون أكثر قساوة فوق أرضنا وبين جماهيرنا لا قدر الله.